أظهر استطلاع سياسي زمني مستقل أن أغلبية ساحقة من سكان قطر الذين يناهز عددهم حوالي 300 ألف نسمة يرغبون بتسوية هذا النزاع (قطع العلاقات) بطريقة ودية. ووفقاً للدراسة، التي أجراها “معهد واشنطن” فإن 81% من المستطلعين أعربوا عن دعمهم لـ”حل وسط تقدّم فيها كافة الأطراف بعض التنازلات إلى بعضها البعض” – بينهم 36% يؤيدون بشدة هذا الاتجاه. نبذ إيران وفيما يخص إيران، يعارض القطريون بشدة بهامش بلغ 79% سياساتها الإقليمية الحالية، رغم التهم التي تطلقها دول عربية أخرى بأن العائلة المالكة القطرية مقربة جداً من طهران. وينظر الرأي العام القطري بشكل أسوأ حتى إلى وكلاء إيران الإقليميين فقد حصل كل من ميليشيا “حزب الله” والحوثيين في اليمن على تقييمات سلبية من 90% من الشريحة السكانية قطر. تعاون عربي كما أن 53% من القطريين يقولون، إن “أهم قضية في هذا الوضع السائد هو إيجاد أقصى قدر من التعاون العربي ضد إيران”. وفي المقابل، تحظى تركيا اليوم بشعبية كبيرة في قطر، حيث يرحب 81% من المستطلعين بسياسة تركيا الحالية في الشرق الأوسط، وتعتبر نسبة 90% أن العلاقات الطيبة مع تركيا قيّمة بالنسبة إلى قطر. إن التفاوت الكبير بين المواقف تجاه تركيا وتجاه إيران جدير بالملاحظة ودلالي إلى حد كبير، حيث يشير بوضوح إلى النتائج الدبلوماسية للأزمة التي قد تحظى بموافقة قوية أو رفض كبير من قبل الجمهور. ومن الأمور غير المتوقعة والمثيرة للدهشة أيضاً هو موقف الشعب القطري السلبي إلى حد كبير تجاه عنصر أساسي آخر موضع خلاف في هذه الأزمة بين الدول العربية، ألا وهو تنظيم “الإخوان المسلمين” الإرهابي. فعلى الرغم من استمرار الحكومة القطرية بدعم هذه الجماعة، إلا أن الشعب القطري لا يوافق على هذه الخطوة بفارق يتراوح بين 56 و41%. ويمثل دور الولايات المتحدة في المنطقة مسألة أخرى يتحدى فيه الرأي العام القطري الرأي السائد حول “الشارع العربي”. وعلى الرغم من أن 11% فقط من المستطلعين عبروا عن وجهة نظر إيجابية حول السياسة الخارجية الحالية للولايات المتحدة، تقول أيضاً نسبة أكبر بأربعة أضعاف (42%) – كما هو الحال في معظم الدول العربية الأخرى التي أُجريت فيها استطلاعات مؤخراً – إنه “من المهم بالنسبة لنا أن تجمعنا علاقات جيدة” مع واشنطن. وما يقارب تلك النسبة (35%) توافق أن “الدول العربية تحتاج في الوقت الراهن إلى مساعدة من قوى خارجية مثل الولايات المتحدة من أجل تذليل خلافاتها”. وبما أن قطر ليست دولة ديمقراطية، لذلك فإن لغالبية الرأي العام هناك، تأثير غير مباشر على السياسة العامة. ولكن يتعين حتى على هذه الملكية المطلقة أن تولي بعض الاهتمام للمواقف الشعبية. حل وسط وتشير نتائج الاستطلاع غير المسبوق بشدة إلى أنه لكي يحافظ الأمير على شعبيته، سيبلي حسناً بالبحث عن حل وسط للأزمة القطرية الراهنة مع الدول العربية الأخرى. ويبدو أن القبول بالابتعاد أكثر عن إيران، وحتى “الإخوان المسلمين”، سيلقى الاستحسان الأكبر من الشعب في إطار أي تسوية محتملة. كما أن أقلية كبيرة من الشعب ستكون حتى على استعداد للترحيب بأي تدخل دبلوماسي أمريكي في هذا الاتجاه. يُعتبر الاستطلاع فريداً من نوعه، إذ أنه يضم طريقة عشوائية حقاً وذات أرجحية جغرافية، ومقابلات وجهاً لوجه، إلى جانب عينة وطنية ممثلة شملت ألف مواطن قطري. وقد أجرته شركة رائدة متخصصة في أبحاث الأسواق العربية في أغسطس (آب) 2017، تتمتع بخبرة تمتد على عقود في المجتمعات الخليجية العربية. كما أن التركيبة الديمغرافية للعينة تمثل إجمالي السكان الأصليين الراشدين: حيث أن 60% منهم تحت سن الـ35؛ ويعيش نصفهم في العاصمة الدوحة، وربع في الريان المجاورة، في حين أن الربع المتبقي يتوزع في أنحاء مختلفة من البلاد، كما أن 90% منهم من السنّة و10% من الشيعة، علماً بأن خُمسهم فقط يملك تحصيلاً جامعياً.
مشاركة :