استطلاع «البيان»: أغلبية ساحقة سئمت بقاء قطر في مجلس التعاون الخليجي

  • 11/5/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

عندما يتلاقى الحس الشعبي مع توجه حكومي في شأن قضية ما، أو حتى يسبقها لناحية صياغة الموقف بشأنها، فهذا يعني أن القضية تتسم بوضوح لا يدع مجالاً للشك والتردد في اتخاذ القرار الملائم لمصلحة القضية أو لدرء خطر متعلّق بها. وفي حالة قطر، يتلاقى الحس الشعبي في الدول المكتوية بنيران قطر اللاهبة إرهاباً وتدخّلات في الشؤون الداخلية للدول، لذلك لا غرابة في نتائج الاستطلاع المتعلّق بضرورة تجميد عضوية قطر في مجلس التعاون لدول الخليج الغربية، لا سيما أن أصوات شعبية كثيرة ارتفعت للمطالبة بهذا الإجراء قبل أن تدعو إليه قيادة البحرين. ففي استطلاع لـ«البيان» عن خيار تجميد عضوية قطر في مجلس التعاون، أجاب 80 في المئة من المستطلعة آراؤهم أن الدافع الكامن وراء قرار كهذا هو «جميع ما ذُكر»، وهي ثلاثة خيارات: الحفاظ على أمن دول المجلس، وعدم احترامه نظام الدوحة المعاهدات، وتمويله الإرهاب. أمن «التعاون» ففي الدافع الأول المتعلّق بالحفاظ على أمن دول المجلس، لا يخفى على هؤلاء المشاركين في الاستطلاع أن قطر خرقت «النظام الأساسي» لدول مجلس التعاون الخليجي بعد مخالفتها المنطلقات والأهداف التي أُسّس عليها المجلس. وينص النظام الأساسي لدول الخليج العربية على «الروابط والعلاقات الخاصة والسمات المشتركة» لدوله، إيماناً بالمصير المشترك ووحدة الهدف التي تجمع بين شعوبها، رغبة في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بينها في جميع الميادين. فالمادة الرابعة للنظام الأساسي تؤكد «تعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون بين مواطني دول المجلس». وفي ديباجة النظام، ثمة تركيز على ما يربط بين الدول الست من علاقات خاصة، وسمات مشتركة، وأنظمة متشابهة، ومصير مشترك، ووحدة هدف وتعاون، لكن قطر مارست الانتهاكات الجسيمة سراً وعلناً طوال السنوات الماضية، بهدف شق الصف الداخلي، والتحريض على الخروج على الدول والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة. لذلك جاء في بيان مجلس الوزراء السعودي حين اتخاذ القرارات السيادية بحق قطر أن قرار عدد من الدول العربية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع دولة قطر تعبير عن الحرص على الحفاظ على وحدة الأمة العربية، وعن المواقف ضد الممارسات القطرية التي سعت لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وانتهاكها الاتفاقات والمواثيق ومبادئ القانون الدولي وحسن الجوار. نقض المعاهدات وفي العامل الثاني (عدم التزامها بالمعاهدات)، نذكر أن الأزمة الحالية ليست الأولى، فقد سبقتها أزمة ربما أقل حدة قبل ثلاث سنوات، لدرجة أن كثيراً من المحللين والمراقبين قارنوا الأزمة الحالية بتلك الأزمة التي وصلت ذروتها إلى سحب سفراء دول خليجية، في مقدمتها المملكة العربية السعودية، من الدوحة، لكن تلك الأزمة لم تطُل كثيراً، وانتهت باتفاق الرياض الذي وقّعت عليه قطر وبقية دول مجلس التعاون الخليجي. إلا أن عدم التزام الدوحة ببنود ذلك الاتفاق على مدى السنوات الثلاث الماضية، أوصل الأزمة الحالية إلى مستويات أكثر تعقيداً وخطورة، لأن قطر جعلت من اتفاق الرياض مجرد «حبر على ورق»، إذ لا يزال عدد كبير من جماعة الإخوان الفارّين من مصر يقيمون في الدوحة ويحظون بدعمها ورعايتها، يهم ضيوف دائمون على وسائل الإعلام القطرية أو التي تموّلها قطر، ويروّجون لأفكارهم المسمومة التي تشكّل خطورة على أمن دول الخليج ومصر واستقرارها. البند الأول من اتفاق الرياض يقضي بالالتزام بعدم إساءة القنوات الإعلامية المملوكة أو المدعومة من أي دولة في المجلس إلى أي من دول المجلس، لكن قنوات الجزيرة التي اكتفت بتقليل جرعة انتقاداتها لبعض دول المجلس، استمرت في التحريض والتلفيق في بعض القضايا مثل مصر وليبيا واليمن، علماً أن الملف الأخير ملف استراتيجي لكل دول المجلس، وأن مواقع خارج قطر ومدعومة منها استمرت في تعزيز السلوك ذاته الذي أدى إلى الأزمة السابقة، من ذلك إطلاق موقع باللغة الإنجليزية من لندن يديره موظف سابق في الجزيرة ويواصل الهجوم على الجيران، ولا سيما المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وانتقل عدد كبير من الإخوان والمتعاطفين معهم والمعارضين لدولهم، وجدوا ملاذاً في قطر للعمل في شبكة جديدة من الصحف والمواقع والقنوات، عبر شركة في لندن يرأسها عضو الكنيست الإسرائيلي السابق ومستشار أمير قطر عزمي بشارة. وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية في اتفاق الرياض، لم تكتفِ الدوحة بعدم تنفيذ أي شيء منه، بل زادت في التباعد ما بينها وبين الخط العام لسياسات مجلس التعاون الخليجي، فأبقت على دعم الإخوان وتجاوزته في التعامل مع إيران، في حين أن هناك بنداً صريحاً في الاتفاق يقضي بعدم دعم «مجموعات وجماعات خارجية تمثل تهديداً لأمن واستقرار دول المجلس، سواء في اليمن أو سوريا أو غيرها من مواقع الفتنة». لذا يرى محللون وأناس عاديون من شعوب المنطقة صعوبة في جهود أي وساطة في الأزمة هذه المرة، وسط قناعة لدى أغلبية دول مجلس التعاون بعدم المصداقية ولا الشفافية في السياسة القطرية ووفاء الدوحة بأي التزام تتعهد به، و«لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين». دعم الإرهاب في دعم قطر وتمويلها الإرهاب حدّث ولا حرج، إذ إن الدوحة التي وقّعت اتفاق الرياض في أبريل 2014، توسّطت قبل نهاية العام نفسه (سبتمبر 2014) للإفراج عن 45 من موظفي الأمم المتحدة اختطفتهم جبهة النصرة قرب حدود الجولان المحتل من سوريا، وهو تنظيم مصنّف إرهابياً من جميع دول العالم إلا قطر التي دفعت ملايين الدولارات لجبهة النصرة، وقبل أقل من عام دفعت قطر مئات عدة من ملايين الدولارات لكتائب حزب الله في العراق وجبهة النصرة وغيرهما في صفقة مختطفين. وفي ليبيا، لم يتوقف الدعم المباشر وغير المباشر لجماعات إرهابية، وفي مصر زادت العمليات الإرهابية التي تتهم السلطات المصرية قطر وتركيا بدعمها. حتى في اليمن، التي شاركت قطر مع جيرانها في تحالف دعم الشرعية فيه، تركز الدعم القطري على تيار «الإخوان». إزاء كل ذلك، يبدو منطقياً جداً أن نرى شعوب المنطقة ترى بأغلبية ساحقة أن تجميد عضوية قطر في مجلس التعاون بات ضرورة لا بد من تحقيقها لتصحيح المسار الذي حرّفته قطر عن وجهته.

مشاركة :