عدم وجود اختلاسات لا ينفي التقاعس في مشاريع الحسيمةأمهل العاهل المغربي الملك محمد السادس المجلس الأعلى للحسابات عشرة أيام للتدقيق في الأسباب التي حالت دون تنفيذ مشروع الحسيمة منارة المتوسط، رغم تأكيد تقرير صادر عن المجلس عدم وجود اختلاسات أو غش، ما يشير إلى إمكانية وجود تقصير.العرب [نُشر في 2017/10/04، العدد: 10771، ص(4)]تقرير منقوص الرباط - صدرت نتائج التحقيق الأولى في تأخر إنجاز مشروع “الحسيمة منارة المتوسط”. وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس أوعز بإجراء التحقيق يونيو الماضي. ورغم نفي التقرير وجود فساد مالي حال دون تنفيذ المشروع، إلا أن مراقبين يؤكدون أن ذلك لا يعني براءة المسؤولين. وتلقى العاهل المغربي الاثنين تقريرا حول تنفيذ برنامج التنمية في الحسيمة في منطقة الريف يكشف عن تأخر في التنفيذ لكنه يؤكد عدم “وجود اختلاسات” أو “غش”، وفقا لمصدر رسمي. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية أن الملك محمد السادس التقى في الرباط وزير الداخلية عبدالوافي لفتيت ووزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد اللذين استعرضا خلاصات التقارير المتعلقة بتنفيذ برنامج التنمية الجهوية “الحسيمة منارة المتوسط”. وأضافت نقلا عن بيان للديوان الملكي أن الملك اطلع على تقارير عمليات التقصي التي “خلصت إلى وجود تأخر، بل وعدم تنفيذ العديد من مكونات هذا البرنامج التنموي، مع استبعاد وجود أي عمليات اختلاس أو غش”. وتتعلق التقارير بالمسؤولين المعنيين بهذا البرنامج بمن فيهم الذين لم يعودوا يزاولون مهامهم في الوقت الراهن، أي المسؤولين في حكومة عبدالإله بن كيران السابقة. وكانت الاتفاقيات المتعلقة بهذا المخطط وقعت أمام العاهل المغربي في أكتوبر 2015 بتطوان. غير أن الاحتجاجات الاجتماعية التي عرفتها مدينة الحسيمة وضواحيها الأشهر الماضية سلطت الضوء على تعثر وتأخر العديد من المشاريع المبرمجة في إطار هذا المخطط.دور المجلس الأعلى للحسابات لا يقتصر على التدقيق المالي وإنما أيضا تشخيص كيفية تنفيذ المشاريع العمومية وأوضح بيان صادر عن الديوان الملكي أن العاهل المغربي أعطى تعليماته “للمجلس الأعلى للحسابات لكي يقوم في أجل أقصاه عشرة أيام، ببحث هذا الموضوع، وذلك طبقا لصلاحيات واختصاصات المجلس في مجال تقييم المشاريع العمومية، فضلا عن مهامه المعتادة في مراقبة المالية العمومية”. ولا يقتصر دور المجلس الأعلى للحسابات في المغرب على المراقبة والتدقيق المالي مع السياسيين والمسؤولين، وإنما أيضا في الوقوف عند الاختلالات وتشخيص كيفية تنفيذ المشاريع العمومية. وكانت مدينة الحسيمة والمناطق المجاورة منذ قرابة العام مسرحا لحركة احتجاج شعبية تطالب بتنمية هذه المنطقة. واستجابة لمطالب المتظاهرين، قامت الدولة المغربية بإعادة إطلاق أو تسريع المشاريع المدرجة في برنامج “الحسيمة منارة المتوسط” (2015-2019)، بقيمة 600 مليون يورو. وكان الملك محمد السادس عبر في يونيو الماضي خلال اجتماع وزاري للحكومة وللوزراء المعنيين ببرنامج الحسيمة منارة المتوسط، بصفة خاصة، عن استيائه وانزعاجه وقلقه بخصوص عدم تنفيذ المشاريع التي يتضمنها هذا البرنامج التنموي الكبير، في الآجال المحددة لها. وأصدر العاهل المغربي حينئذ تعليماته لوزيري الداخلية والمالية، قصد قيام كل من المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية والمفتشية العامة للمالية، بالأبحاث والتحريات اللازمة بشأن عدم تنفيذ المشاريع المبرمجة، وتحديد المسؤوليات ورفع تقرير بهذا الشأن، في أقرب الآجال. ويرى مراقبون أن تبرئة المسؤولين من الغش والاختلاس، لا تعني بالضرورة تبرئتهم من التقصير وسوء التسيير. ويرى هؤلاء أن الإخلال بالواجب المهني والمسؤوليات ليس بالضرورة مرتبطا بالمفهوم التقليدي للفساد المتمثل في الاختلاسات المالية، ولكن أيضا بالحكامة والنجاعة والبيروقراطية التي تعرقل عمل الإدارات العمومية بالمغرب.
مشاركة :