الرد الحاسم والمتاح الآن، على مشاريع حزب الدعوة الكارثية على عرب العراق، يتمثل في إقامة أقاليم إدارية غير طائفية تحرم المذهبية وتلغي قرارات الاجتثاث.العرب هارون محمد [نُشر في 2017/10/05، العدد: 10772، ص(8)] ينقل عن زعيم حزب الدعوة نوري المالكي، أنه قال في إحدى جلساته الليلية التي تعقب صلاة العشاء بقصره الباذخ في المنطقة الخضراء قبل فترة وبحضور نواب سنة، أنه شخصيا وسياسيا على استعداد لدعم إقامة إقليم سني، إذا ضمن أن أشخاصا حدد أسماءهم مسبقا، وجميعهم من منظومة “سنة المالكي” يتولون قيادة الإقليم وإدارة شؤونه، ولكنه يخشى من عودة البعثيين الذين وصفهم بأنهم “بلوى” ويصبحوا قادة الإقليم كمرحلة أولى، ثم يزحفون على باقي العراق بـ“دسائسهم” وخططهم الانقلابية، وهم خبراء فيها- حسب رأيه- كمرحلة ثانية وأخيرة، و“تعال يا عمي خلصني” وهو مثل شعبي يستخدمه العراقيون في أوقات الشدة، وفي بعض الأحيان يغيرون مفردة خلصني بـ“شيلني” بالتشديد، أي حملني بالتشديد أيضا، والمعنى واحد. ولما قال أحد الجالسين، ولكن حزب البعث في أدبياته وبياناته يرفض فكرة الأقاليم ويهاجم الداعين إليها، رد عليه المالكي متهكما، وهل صدقت؟ واستطرد معقبا، أريد أن أسألك وباقي الحاضرين، إذا أصبح عزة الدوري رئيسا للإقليم، وسينتخبه السنة في أول دورة انتخابية بالتأكيد، وجاء بشخص شيعي مثل شبيب المالكي أو محمد سعيد الصحاف أو جعفر ضياء جعفر، وعيّن رئيسا لحكومة الإقليم، وأتى بآخر كردي، مثل أرشد زيباري أو جعفر برزنجي، واختير رئيسا للبرلمان، فمن يجرؤ على وصف مثل هذا الإقليم بالطائفي أو العرقي! وأضاف محتدا، أنتم لا تعرفون البعثيين جيدا، إنهم “غضب” كررها عدة مرات وهو في حالة انفعال. وسواء قال المالكي ذلك عن قناعة أو لتخويف أتباعه، إلا أن حديثه بصدد الدعوات التي اتسعت خلال الأيام القليلة الماضية التي أعقبت الاستفتاء الكردي في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، لإجراء استفتاء مماثل في المحافظات العربية السنية وصولا إلى إعلان إقليم سني، يوحي بأنه لا يمانع في إنشاء أقاليم في العراق، شرط أن تكون طائفية أو عنصرية، تستمر في إطار دولة سميت في الدستور بالاتحادية يكون هو على رأسها، لذلك عمل جاهدا خلال ولايتي حكمه على دعم إقليم كردستان والتنازل له وتلبية رغبات قادته طيلة ثماني سنوات، وهو اليوم يتحسب من تحول الإقليم الكردي إلى دولة مستقلة مستقبلا، خشية خروجها من “محور التشيع في المنطقة والإضرار بإيران” كما في جاء في تصريحاته على نتائج الاستفتاء الكردي، إدراكا منه بان الإقليم مهما كبر أو صغر، يظل إقليما يمكن احتواؤه أو التعامل معه، أما الدولة فشيء آخر. وعندما يتداول العراقيون هذه الأيام بشكل واسع محضر اجتماع بين مسعود البارزاني ونوري المالكي عقد في أربيل منتصف أغسطس من العام 2010 مهدت بنوده لعودة رئيس حزب الدعوة لولاية ثانية في حينه، مقابل تعهد الأخير ليس بتطوير إقليم كردستان فحسب، وإنما السماح له باستثمار حقول النفط والثروات والتمدد في كركوك والمناطق المتنازع عليها، فإن ذلك يعني أن معارضة المالكي الحالية للاستفتاء الكردي وإنشاء دولة انفصالية في شمال العراق، مجرد نفاق يخدع به العراقيين، وانتهازية يضلل بها الجمهور الشيعي، خصوصا وأنه هو وليس غيره من حرّض المرحوم رئيس الجمهورية جلال الطالباني بعد اجتماع أربيل بعامين، (أي في العام 2012) على ضم الموصل بالكامل إلى الإقليم، تخلصا منها، كما كتب فخري كريم زنكنة في صحيفته “المدى” ولم ينف المالكي وقتئذ، وقد أعاد زنكنة نشر مقاله المثير في الأسبوع الماضي بالكامل، وفيه يخبر أبوإسراء حليفه جلال بالنص “أقول صدقا وبصراحة أن علينا أن نعمل معا لامتداد إقليم كردستان ليضم محافظة نينوى، لأن أهلها أعداء لنا، وسيظلون رغم كل شيء، سنة وقومجية عربان وملجأ للبعث والمتآمرين على حكمنا”. وقد أثبتت الأحداث التي أعقبت الاحتلال، أن الأحزاب الشيعية وفي مقدمتها حزب الدعوة، هي من ساعدت حزبي البارزاني والطالباني، على احتلال مناطق عربية في الموصل وصلاح الدين وديالى وكركوك، وتهجير سكانها، بل إنه تواطأ مع محافظ كركوك والقيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني نجم كريم، على ارتكاب مجزرة الحويجة في الثالث والعشرين من أبريل 2013 التي راح ضحيتها أكثر من 120 شهيدا والمئات من الجرحى، وعمد أيضا إلى إنشاء غرفة عمليات مشتركة بين حزبي الدعوة والاتحاد في مطلع عام 2014 مهمتها إسقاط مرشحي عرب كركوك في الانتخابات التي جرت في نهاية أبريل من العام نفسه، وقد نجح تآمر الطرفين قي زيادة عدد النواب الأكراد إلى ثمانية بعد أن كانوا أربعة، وتخفيض عدد النواب العرب إلى اثنين بعد أن كانوا ستة. إن استمرار حزب الدعوة في التسلط على مقدرات العراق، وتوجيه مجلسي الوزراء والنواب، وفق رغبات نوري المالكي، مع ضعف رئيس الحكومة حيدر العبادي، ونفاق رئيس البرلمان سليم الجبوري، سيقودان إلى انهيار العراق بالكامل، خصوصا وأن المالكي يصر على إجراء الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها المقرر في أبريل 2018 وفي المنطقة العربية وحدها، على طريقة “انتخابات بمن يحضر” ويرفض تأجيلها، لحين معالجة تداعيات الاستفتاء الكردي، وعودة الملايين من النازحين السنة إلى مناطقهم ومحافظاتهم. إن الرد الحاسم والمتاح الآن، على مشاريع حزب الدعوة الكارثية على عرب العراق، بعد إعلان الدولة الكردية عاجلا أم آجلا، وإفشال تطلعات رئيسه نوري المالكي في العودة إلى رئاسة الحكومة وقيادة القوات المسلحة من جديد، يتمثل في إقامة أقاليم إدارية غير طائفية، تحرم المذهبية وتلغي قرارات الاجتثاث، ولا ضير أن تكون أربعة أو خمسة أقاليم ترتبط بحكومة مركزية منتخبة من الأقاليم ومقرها بغداد، وإلا فان المالكي الطائفي والجلاد والمتآمر على عروبة العراق، قادم لا شك في ذلك، بنيران مدافع آية الله خامنئي ودبابات الحشد الشيعي. كاتب عراقيهارون محمد
مشاركة :