قالت شرطة مدينة لاس فيغاس الأميركية إنَّه توجد أدلة تفيد بأنَّ المسلّح ستيفن بادوك كان ينوى النجاة والفرار بعد هجومه على مهرجانٍ لموسيقى الكانتري يوم الأحد، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2017. وكشفت الشرطة أنَّه كان قد أستأجر شقةً تطلّ على مكان مهرجانٍ موسيقى آخر أُقِيم بالمدينة في عطلة الأسبوع السابقة للهجوم، حسبما ورد في تقرير لصحيفة البريطانية. هذه المعلومات كانت جزءاً من تفاصيل جديدة كشَف عنها جوزيف لومباردو، الشريف بشرطة لاس فيغاس، وتطرَّق أيضاً إلى شكوكٍ حول حصول الرجل المسؤول عن أكبر عملية إطلاق نار دموية في تاريخ الولايات المتحدة المعاصر على مساعدة في تنفيذ الهجوم. وتساءل لومباردو، مشيراً إلى مخزون الأسلحة التي كانت بحوزة مُطلِق النار، واكتشاف متفجراتٍ في سيارته: "هل تعتقدون أنَّه فعل كل هذا بمفرده؟!". وأضاف: "ومن ثم، عليكم أن تطرحوا فرضية حصوله على مساعدة في مرحلةٍ ما". وقال لومباردو إنَّ القاتل المشتبه فيه، وهو مقامر متقاعد يبلغ من العمر 64 عاماً، استخدم موقع Airbnb لاستئجار غرفة فارهة تطل على موقع إقامة مهرجان الموسيقى "Life is Beautiful-الحياة جميلة"، وهو مهرجانٌ آخر أُقيم بمدينة لاس فيغاس في الأسبوع السابق لمهرجان "Route 91 Harvest" الذي استهدفه في نهاية المطاف.ابنة أوباما ووفقاً لصحيفة البريطانية، ربما كان بادوك يخطط أيضاً لتنفيذ هجمة أخرى قبل شهرين تستهدف مهرجان "لولابالوزا" المُقام في مدينة شيكاغو بولاية إلينوي الأميركية. ويُزعم أنَّ بادوك قد حجز غرفتين في أحد الفنادق تطلّان على مكان إقامة مهرجان لولابالوزا خلال إقامة المهرجان في شهر أغسطس/آب الماضي، بحسب صحيفة ديلي ميل. وكانت ماليا أوباما، الابنة الكبرى للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، من بين الحضور في مهرجان لولابالوزا هذا العام، والبالغ عددهم 400 ألف شخص. وتضمّن المهرجان عروضاً لفرقة ذا كيلرز، ومغنّي الراب تشانس ذا رابر، وفرقة ميوز، والمغنية شارلي إكس سي إكس، وفقاً لصحيفة ديلي ميل. ونقلت ديلي ميل عن موقع TMZ، أنَّ بادوك قد حجز غرفتين في فندق بلاك ستون بمدينة شيكاغو، في الجهة الأخرى من الشارع المقابلة لحديقة غرانت بارك التي يُعقَد فيها مهرجان لولابوزا منذ عام 2005. وكانت الغرفتان، بحسب ، تطلان على مكان إقامة المهرجان، وكان بادوك سيحصل على رؤية مشابهة لحشود الجماهير مماثلة لتلك التي حصل عليها في فندق ماندالاي في لاس فيغاس خلال مهرجان "Route 91 Harvest".كيف خطط للهرب؟ وقال لومباردو أيضاً إنَّه شاهد أدلّة تشير إلى أنَّ بادوك ربما خطَّط للنجاة من نوبة القتل الجماعي التي نفّذها من نافذة فندق وكازينو ماندالاي باي، الذي استخدمه بادوك قاعدةً لتنفيذ الهجوم. لكنَّه لم يذكر ماهية تلك الأدلة بالتحديد. وقد صدرت تلك التصريحات في مؤتمرٍ صحفي، تسبَّب في إثارة تساؤلاتٍ بقدر ما أجاب عن أخرى، في إشارة إلى أنَّه، وبعد مرور 72 ساعةً على وقوع الهجوم، وبعد استجواب صديقة بادوك الحميمة ماريلو، وفحص أجهزة الكمبيوتر التي امتكلها- لا يزال المحقّقون في حيرة بشأن دوافع إقدامه على الهجوم. وأسفرت نوبة القتل التي نفّذها بادوك عن 58 قتيلاً و489 مصاباً على الأقل. وكانت تلك الأرقام هي آخر حصيلة قدَّمتها السلطات ليلة الأربعاء، 4 أكتوبر/تشرين الأول. وكان لومباردو قد قال مسبقاً إنَّ السلطات تعتقد أنَّ بادوك نفّذ "هجوماً منفرداً"، لكن بدا يوم الأربعاء أنَّ موقفه قد تغيَّر. وجاء تخمينه باحتمالية كون بادوك قد تلقى مساعدة من آخرين، بعد تبادلٍ للحديث مع المراسلين اعترف فيه لومباردو أخيراً بأنَّ المحققين لم يتمكّنوا من التعرّف على أي شخصٍ "موضع اتهامٍ" في التحقيق سوى ماريلو. لكنَّه قال إنًّ المحققين يسعون للعثور على متورطين آخرين. رجل خارق وتضارب بين أجهزة الشرطة وقال لومباردو إنَّه من المحتمل أنَّ بادوك كان "رجلاً خارقاً استطاع تنفيذ كل هذا بمفرده". وأضاف: "لكن، سيكون من الصعب عليّ تصديق ذلك". ويبدو أنَّ هذا التعليق لاقى استنكاراً مستتراً من جانب العميل المُشرِف على تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI). وقال آرون راوز، الذي يدير شعبة مدينة لاس فيغاس بمكتب التحقيقات الفيدرالي، والذي تولّى الإجابة عن الأسئلة على الفور بعد تعليقات لومباردو السابقة: "النظريات شيءٌ رائع، وبإمكان أيٍ كان تكوين نظرية. لكنَّني بحاجة للتعامل بالحقائق. وعلى الشريف أيضاً التعامل بالحقائق". وأضاف: "هوَ لن يضع افتراضات. وأنا لن أضع افتراضات". وقال راوز إنَّ مكتب التحقيقات الفيدرالي يدرس "عدداً من النظريات"، لكنّهم ليسوا مهيئين بعدُ للتصريح بها علناً. هل ساعدته صديقته الفلبينية؟ وبدا راوز أكثر حذراً في تعليقاته من لومباردو على نحوٍ ملحوظ؛ إذ رفض التعليق عمَّا قالته صديقة القاتل الفلبينية ماريلو بعد عودتها من الفلبين إلى الولايات المتحدة من أجل الخضوع للتحقيق من قِبل عملاء فيدراليين. ورفض عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي الإفصاح عمَّا إن كانت ماريلو لا تزال "موضع اشتباه". ونشرت ماريلو، (62 عاماً)، تصريحاً عقب استجوابها من قِبل عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي، قائلةً إنَّها لم تكن على أي دراية بالمذبحة التي كان شريكها يخطط لتنفيذها عندما أرسلها خارج البلاد لتكون صحبة عائلتها. وقالت في بيانٍ قرأه محاميها: "لم يبدُ لي على الإطلاق أنَّه يُخطط للعنف ضد أي شخص. فلم يُخبرني بأي شيء، ولم يفعل أي شيء أمامي بإمكاني فهمه بأي شكلٍ من الأشكال على أنَّه تحذيرٌ من احتمالية وقوع حادثٍ فظيع كهذا". وبدا أنَّ لومباردو، في تصريحٍ آخر مفاجئ، يشكِّك في هذه التصريحات، حين قال في المؤتمر الصحفي: "إنَّ أي شخصٍ في مكانها سيجيب بالطريقة نفسها". حقائق جديدة وبالإضافة إلى تكهُّنات النقيب، شهد المؤتمر الصحفي كذلك، الكشف عن مجموعة من الحقائق لأول مرة، من بينها تفاصيل جديدة عن بعض الأحداث في الأيام والساعات التي سبقت إطلاق النار. فقال لومباردو إنَّ بادوك كان قد حجز غرفةً عبر موقع Airbnb في مُجمَّع أوغدن للشقق الفاخرة الذي يُطل على مهرجان "الحياة جميلة"، وهو فعاليةٌ أخرى أُقيمت في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وشهدت حضور فرقة غوريلاز الموسيقية البريطانية والمغنية النيوزيلندية لورد. ولم يذكر الشريف موعد حجز الغرفة، وقال إنَّه لا يعرف "ما كان يدور في ذهنه (أي بادوك)". وتساءل: "هل كان يُراقب المكان قبل تنفيذ الهجوم؟ لا نعرف حتى الآن". دور الحارس البطل واتهامات بتباطؤ الأمن! وكشف لومباردو كذلك عن الدور الحاسم الذي لعبه الحارس الأمني الذي ساعد في تحديد موقع بادوك بالطابق رقم 32 في غضون 10 دقائق فقط من بدء إطلاق النار على الجماهير. وكان بادوك، الذي وضع عدة كاميرات خارج غرفته لمراقبة الممر، قد أطلق ما يصل إلى 200 طلقةٍ عبر الباب، وهو ما أسفر عن إصابة الحارس. ولم تخترق فرق التدخل السريع الجناح الفندقي الذي كان بادوك يستخدمه، قبل مرور ساعةٍ أخرى، لكنَّ لومباردو أكَّد عدم وجود أي تأخير غير مقصود، قائلاً: "لقد كان ذلك متعمَّداً"، وأوضح أنَّ رجال الشرطة قرروا التأنِّي لإخلاء الغرف المحيطة من النزلاء حين علموا أنَّ بادوك توقَّف عن إطلاق النار. وعند دخولهم الغرفة، اكتشفوا أنَّ بادوك قد انتحر. وقال لومباردو أيضاً إنَّهم اكتشفوا عدة صناديق من المتفجرات، و1600 طلقة من الذخيرة الإضافية في سيارته. ووصف لومباردو، بادوك، الذي كشف أنَّه كان يلعب القمار قبل ساعاتٍ من الهجوم، بأنَّه رجل "مضطربٌ وخطير" وكان من الواضح أنَّه يعيش "حياة سرية" لم تترك سوى أدلةٍ قليلة حول تصرفاته. وأكَّد أنَّ المحققين يتحرُّون ما إذا كان هناك حادثٌ وقع في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي (2016)، يُفسِّر سبب شراء بادوك نحو 33 سلاحاً جديداً في العام التالي. لكنَّه أعطى انطباعاً بأنَّ مدينة لاس فيغاس ومكتب التحقيقات الفيدرالي في حيرةٍ من أمرهما بسبب هذه القضية، قائلاً إنَّ بادوك لا يبدو أنَّه يتطابق مع صورة القتلة الآخرين الذين يقومون بعمليات قتل جماعي. وأضاف: "لم نفهم ذلك حتى الآن. يجب عليكم التحلِّي بالصبر معنا".
مشاركة :