«سيلفي القرد».. معركة حول الملكية الفكرية للحيوانات

  • 10/6/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد: عبير حسين أسدل الستار منتصف الشهر الماضي على واحدة من أغرب قضايا الملكية الفكرية التي اشتهرت باسم «ناروتو ضد سلاتر» وكانت الأولى من نوعها التي تطالب بتطبيق حقوق الملكية الفكرية لقرد بعد حكم محكمة استئناف الاتحادية في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة بعدم تمتع الحيوانات بحقوق ملكية فكرية، بينما تعهد سلاتر بالتبرع بربع العائدات التي يحصل عليها من بيع صورة «ناروتو» لمصلحة جمعيات حماية الحيوانات في الغابات بإندونيسيا.تعود وقائع القضية المثيرة إلى عدة سنوات خلال جولة لمصور الحياة البرية البريطاني ديفيد سلاتر وسط غابات إندونيسيا لالتقاط صور لقرد المكاك الأسود. وخلال تحضيره لمعدات التصوير عبثت إحدى القردة بكاميرا تصوير ملتقطة عدة صور لنفسها والغابة. جاءت النسبة الأكبر من تلك الصور رديئة وغير صالحة للاستخدام، بينما برزت عدة صور جيدة ومعبرة بدت أنها الأولى من نوعها التي ينجح فيها قرد بالتقاط «سيلفي». نشر سلاتر الصورة تحت عنوان «سيلفي القرد» وحفظ حقوق النشر لوكالة أخبار«كاترز».في العام 2014 خرق «كومنز»، أحد المواقع التابعة لموسوعة «ويكيبيديا» على الإنترنت حقوق النشر ونقل الصورة عبر موقعه فحققت انتشاراً هائلاً لم يكن متوقعاً، ليشتعل بعدها النزاع بين سلاتر وإدارة «ويكيبيديا» التي صنفت الصورة على أنها «أعمال من صنع الحيوانات» وبالتالي لا تخضع لقوانين حماية الملكية الفكرية، وليس للمصور حقوق نشر، بينما طالب سلاتر بأحقيته في اللقطة اعتماداً على منطق «منتج الصورة» وليس المصور.أصبحت «سيلفي القرد» حديث الملايين على المدونات ومنصات التواصل الاجتماعي، فبينما أيد الفريق الأول موقف «ويكيبيديا» مؤكداً أن الصورة تعد «ملكية عامة» لأن القرد هو ملتقطها، وبالتالي فهي غير مملوكة لشخصية قانونية، بينما تضامن الفريق الثاني مع حقوق سلاتر الذي تكبد خسائر مالية تقدر ب10 آلاف جنيه إسترليني، نتيجة إتاحة تداول «سيلفي القرد» مجاناً على الإنترنت.استمر النزاع بين الطرفين 3 سنوات رفضت خلالها «ويكيبيديا» عدة طلبات للمصور سلاتر لإزالة «سيلفي القرد» مؤكدة أنه لا يملك حقوق ملكية فكرية للصورة، لأنه لم يلتقطها بنفسه. وعبرت كاثرين ماهر، المتحدثة الرسمية للموسوعة، عن موقفها عدة مرات قائلة: «بموجب القانون الأمريكي، ليس هناك حقوق ملكية فكرية لغير البشر، وهنا القرد هو صاحب الصورة، وبالتالي لا أحد يملك حقوق الملكية الفكرية لها، والمؤسسة غير ملزمة بدفع أي أموال مقابل نشرها على موقعها».في المقابل، أكد سلاتر أن نشر «سيلفي القرد» مجاناً سبّب له خسائر مالية كبيرة، لأنها أصبحت متاحة لأي شخص يعيد نشرها بلا مقابل. واستمر مدافعاً عن حقوق النشر قائلاً: «كلفتني الرحلة إلى إندونيسيا أكثر من 2000 جنيه إسترليني لالتقاط مثل هذه الصور لقرود المكاك، إضافة إلى 5000 إسترليني أخرى قيمة معدات التصوير، وبرامج الكمبيوتر التي أستخدمها لمعالجة مثل هذه الصور». وأضافت «التصوير مهنة مكلفة للغاية، وهم بذلك ينتزعون منا مصدر رزقنا».بعد ذلك انتقلت «سيلفي القرد» إلى قاعات المحاكم الأمريكية، وأقر مكتب حقوق الملكية الفكرية بأنها من أعمال غير بشرية وبالتالي لا تخضع لقوانين حقوق الملكية بعد رفع منظمة «بيتا»، وهي اختصار لاسمها الأصلي «ناس من أجل معاملة أخلاقية للحيوانات»، قضية نيابة عن القرد «ناروتو» ضد سلاتر لنشره صوره في كتاب عن الحياة البرية. وجاء في نص الدعوى «ناروتو صاحب الحق في هذه الصورة، ويجب الحصول على تعويضات عن انتهاك حقوق الملكية الفكرية على أن تستخدم في تحسين البيئة التي يعيش فيها».المحاميان ماري لوريا وتشارلز سوان المتخصصان في قضايا الملكية الفكرية قالا: «مادام صانع الصورة حيواناً وليس شخصاً فلا يتمتع بحق المؤلف بغض النظر من يملك المعدات التي تم عبرها إنشاء الصورة. وأكدت ذلك المحامية كريستينا ميكولاس قائلة»: وفقاً للقانون البريطاني، قد تكون الصور ذات حقوق ملكية استناداً إلى فكرة «المواد التي يتم إنشاؤها عن طريق الحاسوب» وهنا يمكن القول إن المصور يملك حقوق الطبع والنشر على الصورة لكونه يمتلك أداة التصوير.بعد صدور الحكم الأخير بعدم أحقية «ناروتو» الفكرية في الصورة، وإثبات حقوق سلاتر بها، تحدث المصور إلى صحيفة «ذا دايلي ميل» البريطانية قائلاً: إن «سيلفي القرد» أثرت كثيراً في حياته المهنية بعد تفرغه لمتابعة القضية من جانب، إضافة إلى الخسائر المادية التي لحقت به جراء نشر وتبادل الصورة 50 مليون مرة من دون الاحتفاظ بحقوقه المادية من هذا النشر.قال سلاتر: «استغرقت استعدادات السفر إلى غابات إندونيسيا 7 سنوات، تحملت كلفتها المادية، ومشقة السفر ومخاطر التواجد وسط حيوانات غير مروضة، ورغم كل ذلك استدرجت إلى نزاع قضائي لم يكن مقبولاً من الأساس، فعلي أي أساس تحدثت منظمة «بيتا» بلسان القرد، وإلى ماذا كانت تهدف من وراء إثارة مثل هذه القضية المفبركة. كل ما أعرفه أنهم كانوا يريدون إثارة حديث مختلف عن كيف ستصبح الحيوانات» صاحبة ملكية خاصة «بدلا من كونها هي نفسها» مملوكة للإنسان».وأضاف «أغرب ما صادفني طوال فترة المحاكمة كان الجدل عن طبيعة القرد، فبينما اعتقدت أنه «أنثى مكاك»، قال خبراء المنظمة إنه ذكر وأطلقوا عليه اسم «ناروتو»، وبينما اعتقدت أن عمره 7 سنوات، قالوا إنه لم يتجاوز الخامسة، واعتبروا جهلي بنوع القرد وعمره دليلاً على عدم أحقيتي بامتلاك الصورة». الأكثر بحثاً على «جوجل» قال المصور ديفيد سلاتر إن «سيلفي القرد» كانت الأكثر بحثاً على «جوجل» في 2014، وإنه على الرغم من خسائره المادية نتيجة نشرها مجاناً على الإنترنت، سعيد بما أثارته الصورة من جدل، لأنها لفتت انتباه العالم إلى الظروف البيئية والمناخية الصعبة التي تهدد قرود الماكاك بالانقراض. وأضاف: «نأمل أن تتخذ منظمات حماية الحياة البرية خطوات أكثر إيجابية نحو حماية الماكاك الذي يتعرض الموئل الطبيعي له في غابات إندونيسيا إلى مخاطر حقيقية».

مشاركة :