إمام الحرم المكي: شيوع الأمن في مجتمعات المسلمين ضرورة شرعية وحياتية

  • 10/6/2017
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

أكد الشيخ الدكتور خالد الغامدي، إمام وخطيب الحرم المكي، أن شيوع الأمن في مجتمعات المسلمين ضرورة شرعية وحياتية، لافتًا إلى أن الأمن والأمان من أولى النعم التي تستحق الشكر. وقال في خطبة الجمعة اليوم من الحرم المكي: إن من العطايا الربانية والمنن التي تستوجب الشكر والحمد نعمة الأمن والأمان التي امتن الله بها على عباده {الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف}، ولفت إليها الأنظار والعقول بقوله: {أولم يروا أنا جعلنا حرمًا آمنًا ويتخطف الناس من حولهم}. وأشار إلى أن شيوع الأمن في مجتمعات المسلمين عامة ضرورة شرعية وحياتية لتستقيم حياة الناس ويقوموا بعبادة ربهم، وهو أشد ضرورة وإلحاحًا في بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية؛ لأنها معقل التوحيد ورمز الإسلام وحامية مقدسات المسلمين؛ فالحفاظ على عقيدتها وأمنها وأخلاقها وسلامتها واجب شرعي على كل مسلم مواطن أو مقيم في هذه البلاد، وستبقى بلاد الحرمين مأرز الإيمان والأمن ومنارة الإسلام والسلام لكل العالم بما شرفها الله من عقيدة وأخلاق وسلوك، وبما حوته من مقدسات طاهرة وآثار النبي صلى الله عليه وسلم ومنازل الصحابة الكرام ومآثر التاريخ. وقال فضيلته: إن عبودية الضراء بالصبر والمصابرة تثمر للعبد أفانين الرضا والحبور والسكينة في صحراء البلاء وشدة الضراء، وتستمطر رحمات السماء وغيث اليقين والروح لتروي جفاف البأساء، وقحط المحن والابتلاء، فإن المسلم إذا صدق مع الله في تحقيق عبوديته، فإن المحن تكون في حقه منحًا، وتنقلب الآلام أملًا، والأحزان أفراحًا، ويجعل الله من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم فرجًا، مؤكدًا أن أنبياء الله ورسله سطروا أفخم الروائع في إظهار العبودية الحقة لله في حال البلاء والضراء، كما قص الله علينا من نبأ نوح وإبراهيم وموسى وهود وصالح ويونس عليهم السلام. وبين فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام أن من أعجب الحوادث التي وقعت للنبي صلى الله عليه وسلم وأشدها ألمًا وابتلاءً حادثة الإفك الشهيرة، التي اتهمت فيها عائشة حبيبة رسول الله، وبقدر شدتها وألمها إلا أنها كانت تحمل في طياتها الخير والبشائر، كما قال تعالى: {لا تحسبوه شرًّا لكم بل هو خير لكم}، ولذلك فقد يقدر الله ويجري على عباده بعض المقادير التي في ظاهرها الشر والضر، ولكن في ثناياها الخير، وتكون عاقبتها إلى خير، فلا يأس مع رحمة الله وحسن تدبيره، ولا قنوط مع لطف الله وحكيم تقديره. وبين فضيلته أن نعم الله على عباده كثيرة ومتنوعة، وهي تدور بين نوعين أعظمها وأجلها قدرًا النعم الدينية الشرعية والعطايا القلبية الإيمانية، والمنح الروحية والأخلاقية وأعظمها نعمة التوحيد والإيمان ونعمة العلم والبصيرة والفقه في الدين ونعمة الاجتماع والألفة والاعتصام بالكتاب والسنة، والنوع الثاني النعم الدنيوية والمتع المادية والمعنوية التي تعين العبد على النعم الدينية وتكسبه بهجة الاستمتاع بالمباحات والطيبات ونعمة العافية في الأبدان والأمن في الأوطان وعدل السلطان ونعمة الأزواج والأولاد والأموال وغير ذلك، وكلا النوعين نعم من الله إيجادًا وابتداءً وإمدادًا {وما بكم من نعمة فمن الله}، {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}. وأشار فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام، إلى أن على المؤمن الصادق أمام نعم الله المترادفة أن يقوم لله بعبودية الشكر والحمد والاعتراف له بأنها منه وله، وأنها محض تكرم منه سبحانه وتفضل على عباده، ثم يشكر الله بلسانه وجوارحه ولا يستعمل هذه النعم إلا فيما يرضي الله؛ فمن فعل ذلك فقد أدى شكر النعمة، وقام لله بعبوديته واستحق جزاء الشاكرين الحامدين فلا تدوم النعم وتبقى إلا بالشكر لله عز وجل وحفظها وعدم البطر بها. وأكد أن مقابلة نعم الله بالبطر والتكبر والإسراف والتبذير وارتكاب ما حرم الله بها مؤذن بزوالها ونذير شؤم بسلبها واستردادها، وإن من أقسى صور السلب بعد العطاء وأمَرها أن يسلب الإنسان في حياته لذة الطاعة والإنابة وخشوع القلب وزكاة النفس والفرح بالله وقرة العين بالعيش معه سبحانه والإنس به، ويبلغ السلب بعد العطاء ذروته حين يسلب العبد الإيمان وشهادة الحق ساعة الاحتضار وسكرات الموت فيعاقب بسوء، وشناعة النهاية وموتة الأسف، ولا يوفق لخاتمة حسنة وميتة مرضية سوية، ولعمر الحق إنها لمن أعجب صور سلب النعم بعد العطاء كحال فرعون الذي طغى وبغى وكفر بالله وبنعمه ثم لما أدركه الغرق وعاين الموت ذهب ليؤمن فقيل له: {آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين}، إنها عبرة وأي عبرة ولكن أكثر الناس لا يشعرون.

مشاركة :