خطط زيادة الأسعار في موازنة 2018 تثير غضب التونسيينتستعد الحكومة التونسية لعرض مشروع ميزانية الدولة لسنة 2018 على مجلس نواب الشعب لمناقشته ثم المصادقة عليه. وتتحدث تقارير إعلامية عن توجه حكومي للزيادة في الأسعار، متوقعة أن يؤدي هذا الإجراء إلى تحركات اجتماعية.العرب حلمي الهمامي [نُشر في 2017/10/07، العدد: 10774، ص(4)]غلاء الأسعار يؤرق المواطن تونس – عبر تونسيون، خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي، عن رفضهم لإجراءات حكومية جديدة من شأنها التأثير على قدرتهم الشرائية المتدهورة أصلا. وحذروا من تداعيات زيادة الأسعار على الاستقرار الاجتماعي في البلاد. وأثارت أوساط إعلامية وسياسية الشارع التونسي بحديثها عن زيادة متوقعة في أسعار المواد الاستهلاكية والخدمات ستتضمنها ميزانية الدولة للعام القادم. لكن مسؤول قسم الإعلام والاتصال في وزارة التجارة منعم البكاري نفى في تصريح لـ”العرب” صحة ما يروج بخصوص الرفع في أسعار المواد الاستهلاكية. وأكد أن مشروع قانون المالية لسنة 2018 لا يتضمن أي زيادات في أسعار المواد الاستهلاكية. ورغم هذا النفي من المصادر الرسمية إلا أن موجة النقاش والاستياء لم تنته، وواصل سياسيون ومختصون في الاقتصاد انتقاد إمكانية إقرار الحكومة لإجراءات جديدة تنجر عنها زيادة في الأسعار في تونس. وصرح الناشط السياسي البارز نجيب الشابي بوجود زيادات منتظرة في الأسعار لبعض المواد والخدمات العمومية كالصحة والنقل ضمن مشروع قانون المالية الجديد. وأثار هذا التصريح موجة جدل واسعة في تونس. وقال الشابي، الذي ترأس سابقا الحزب الجمهوري في تونس، إن “الحكومة تتجه في مشروع قانون الميزانية لسنة 2018 إلى الزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية إلى جانب الزيادة في رسوم النقل والصحة وخدمات الإنترنت والهاتف”. ويرى نجيب الشابي أنه “يجب عدم المس من القدرة الشرائية للمواطن التونسي مهما حدث”، محذرا مما وصفه بـ”المأزق الاجتماعي” في حال عدم مراجعة “الخيارات الموجعة”. ويرى خبراء أن بناء الميزانية أو جانبا كبيرا منها على الضرائب أو الرفع في الأسعار خيار غير مجد وينذر بـ”انفجار اجتماعي”، مطالبين بإعادة النظر في بنود مشروع الميزانية خاصة في ما يتعلق بضروريات الحياة اليومية للمواطن.عبدالمؤمن بلعانس: مشروع قانون المالية يستهدف الطبقات الفقيرة والمتوسطة ويثقل كاهلها وقال الخبير الاقتصادي معز الجودي في تصريح لـ”العرب” إن “مشروع قانون الميزانية لسنة 2018 يتضمن الرفع في الضرائب ومن بينها الأداء على القيمة المضافة بجميع أصنافها وزيادة أسعار الاستهلاك والضرائب الموظفة على الرواتب، إلى جانب إقرار مساهمة اجتماعية تقتطع من الدخل الفردي”. وأكد الجودي أن مشروع قانون الميزانية الجديد “يمكن أن يتضمن رفع الدعم تدريجيا عن المحروقات”، مما سيؤثر مباشرة على الحياة اليومية للتونسيين ويؤدي بـ “الضرورة إلى ارتفاع أسعار النقل”. ويتوقع الجودي زيادة في أسعار النفط العالمية خلال 2018 مما سيدفع الحكومة إلى “اللجوء إلى التعديل الآلي لأسعار المحروقات بالتوازي مع إقرار الزيادة في القيمة المضافة على المنتجات البترولية ما سينجر عنه لاحقا زيادة إضافية في أسعار تلك المنتجات البترولية”. وقال إن “الرفع في نسبة الأداء على القيمة المضافة سيؤدي كذلك إلى زيادة في أسعار المطاعم والمقاهي والمواد الاستهلاكية المستوردة”. ويقترح مشروع قانون المالية لسنة 2018 الرفع في الأداء على القيمة المضافة من 12 إلى 19 بالمئة أي بزيادة بـ7 نقاط مقارنة بالعام الماضي. واعتبر النائب عن الجبهة الشعبية عبدالمؤمن بلعانس في تصريحات لـ”العرب” أن مشروع قانون المالية كما كشفت عنه تسريبات الوثيقة التوجيهية يستهدف الطبقة الفقيرة والمتوسطة من خلال “إثقال كاهل العمال والموظفين بالضرائب”. وقال بلعانس إن مشروع الميزانية الجديد سيصطدم بـ”احتجاجات شعبية ورفض نواب المعارضة في حال تم عرضه على التصويت بصيغته الحالية”. ولم يخف بلعانس تخوفه من تحركات اجتماعية “قد تخرج عن السيطرة في حال عدم مراجعة الحكومة لسياساتها الاجتماعية ضمن مشروع قانون المالية”. وعبر الاتحاد العام التونسي للشغل، المنظمة العمالية الأكبر تمثيلا في تونس، عن رفضه لإجراءات تضمنها مشروع الميزانية للعام 2018 ومنها بالخصوص تجميد الانتدابات في الوظيفة العمومية وخاصة في قطاعي الصحة والتعليم. ودعت الهيئة الإدارية للاتحاد في بيان الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها في ما يتعلق بالمستشفيات العمومية “التي تدهورت خدماتها بسبب نقص الإطارات وانعدام الدعم المادي وغياب التجهيزات والأدوية”. كما طالبت بمراجعة السياسات المعتمدة في معالجة ملف الصحة العمومية. وأعلن أمين عام اتحاد الشغل نورالدين الطبوبي أن “المنظمة العمالية ستدافع عن حقوق العمال ومنتسبيها ولن تقبل بأن تلقى تعهدات الإصلاحات الاقتصادية على عاتق الفئات الكادحة وحدها”. وحذر الطبوبي من “تفاقم تدهور القدرة الشرائية للتونسيين نتيجة سياسات ليبرالية خاطئة ومنها دفع الدينار والتهاب الأسعار وإثقال كاهل الموظفين دون سواهم بأعباء الضرائب”. ودعا اتحاد الشغل الحكومة إلى الالتزام باتفاقيات سابقة حول جولة جديدة منها مفاوضات الزيادة في الرواتب، محذرا من “محاولات الالتفاف عليها” في مشروع قانون المالية الجديد. وتشير تقارير إعلامية وأخرى لمختصين في الاقتصاد إلى أن قانون المالية الجديد يقترح تجميد الزيادة في الأجور سنة 2018، وهو ما يرفضه اتحاد الشغل رفضا قاطعا. وأفاد الأمين العام المساعد باتحاد الشغل المكلف بملف الوظيفة العمومية منعم عميرة بأن “المفاوضات حول الزيادة في الأجور خط أحمر ولا يمكن التنازل عنها كلف ذلك الاتحاد ما كلفه”. وشدد عميرة على أن اتحاد الشغل متمسك بإجراء المفاوضات مع الحكومة حول الزيادة في الأجور كل سنة ويرفض مسألة تجميد الأجور. وأضاف عميرة “لا يمكن قبول مسألة تجميد الأجور في الوقت الذي يتم فيه الرفع في الأسعار وتتدهور فيه القدرة الشرائية للمواطن”.
مشاركة :