احد مراجع الشيعة اصدر اليوم بيانا يبارك فيه الحلف الايراني مع تركيا، ويدعوهم للمزيد من الحصار على شعب كردستان، كون هذا الشعب قد طالب بالعيش بدوله مستقلة، مثل شعب تركيا، وشعب ايران. مستهل بيان هذا المرجع، اية الله المدرسي، كان الاية القرانية: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان". اي أن الشعب الذي يعلن رأيه بصورة سلمية، ويطالب بحريته في العيش مثل بقية الشعوب، صار حصاره برا، والحرب عليه من وجهة نظره هي "تعاون على البر"، بينما احترام خصوصيته وحقه بالحياة الطبيعية مثل باقي الشعوب هو "اثم وعدوان". وهكذا يتبين ان رجال الدين الشيعة مازالوا يستخدمون القران لمآربهم السياسية الخاصة، واياته لتبرير عدوانهم على الاخرين. فكل ما فعله هذا الشعب، واثار حنق المرجع الشيعي هذا، هو كلمة نعم للاستقلال (الحرية)، هذه المفردة التي يخشاها رجال الدين دائما. اي ان من وجهة نظر السيد، فان الحصار لتجويع هذا الشعب هو البر الذي تعنيه الآية القرآنية. وعلى ذلك فان اعلان الحرب عليه هو الجهاد المقدس، الذي يقصده الله في "وتعاونوا"، حيث يتولى اردوغان، الذي كان الى قبل اسابيع حسب نفس هذا المرجع، هو حامي داعش ومفرخ الارهابيين وعدو ال البيت، صار مجاهدا يتولى مهمة تنفيذ اوامر الله. لنرى قليلا، هل المشكلة في الشعب الكردي؟ هذا الشعب لم يعتدِ على احد من الاقوام المجاورة، ولا يدعو لبناء امبراطورية على غرار العثمانية، التي تدعو لها تركيا، ليغزو شعوب المنطقة ويسيطر على عواصمها. وكذلك لا يقلد امبراطورية فارس، او حديثا ولاية الفقيه التي تدعو الى ازالة الحدود من اجل احتلال الدول المجاورة. كل ما يطالب به الشعب الكردي هو العيش على ارضه بامان، ودون مخاطر عودة الجيوش العنصرية لاقامة المجازر على ارضه مرة اخرى، او ان يظل اسيرا لمزاجية الحكام، مثل ما كان المالكي يمنع وصول الميزانية عنه مرة، ويقطع الرواتب باخرى، ويطوقه بحصار اقتصادي بثالثة. ما لفت انتباهي هو ان رجال الدين عندما يتمادون في مصالحهم السياسية ويستخدمون الدين كوسيلة لشن الحروب على الشعوب، فانهم يعجلون بنهاية ذلك الدين. وسبب سقوط الديانة الزرادشتية، التي كانت في زمانها اقوى دين على وجه الارض، هو تحكم رجال الدين بالسلطة، حتى صاروا المحرك الرئيسي للحروب الساسانية. وسبب سقوط المسيحية، التي كانت في اوجها انذاك، والديانة الاقوى على وجه الارض، هو تحكم رجال الدين بالسلطة، حتى صاروا سببا لكل الحروب وللظلم الاجتماعي. ومن ينتبه لرجال الدين المسملين هذه الايام، أكانوا سنة او شيعة، لا يمكنه الا ان يتذكر دورهم في السقوط المدوي للزرادشتية، وللمسيحية. نفس الدعوات للقتل، وحصار وتجويع الشعوب، بنفس المعاذير المقدسة التي يحقنوها في تفاسير الاديان، على غرار استبدال المعاني "البر والتقوى" مكان "الاثم والعدوان". حسين القطبي
مشاركة :