تكرم كوبا اليوم (الأحد) في مدينة سانتا كلارا بوسط البلاد ذكرى الزعيم الارجنتيني الثائر ارنستو تشي غيفارا الذي قتل قبل 50 عاماً في أدغال بوليفيا. وسيترأس رأوول كاسترو مراسم الاحتفال الذي ينظم للمرة الأولى في غياب شقيقه فيدل كاسترو الذي توفي نهاية 2016. وستقوم آخر حركتي تمرد يساريتين في القارة، «القوات الثورية المسلحة الكولومبية» (فارك) و«جيش التحرير الوطني» اللتين تستلهمان مبادئهما من غيفارا تحديداً، بتسليم السلاح واما بالتفاوض حول السلام في كولومبيا. وكان جندي بوليفي أعدم غيفارا الذي كان في التاسعة والثلاثين من العمر، في التاسع من تشرين الأول (أكتوبر) 1967. لكن في كوبا يتم إحياء هذه الذكرى سنوياً في الثامن من تشرين الأول يوم أسره في قرية في الانديس. وستنظم الاحتفالات الاثنين في بوليفيا بحضور أبناء «تشي» والرئيس البوليفي ايفو موراليس الذي اتهم وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) هذا الأسبوع «باضطهاد وتعذيب واغتيال» غيفارا خلال الأشهر الـ11 من حركة التمرد التي قادها في بوليفيا. وكانت جثة المتمرد الارجنتيني ألقيت في حفرة في بوليفيا وعثر عليها قبل 20 عاماً قبل إعادتها وسط مراسم تكريم إلى كوبا حيث نظمت جنازة وطنية له. ومنذ 1997، زار أكثر من 4.7 مليون شخص ضريح «تشي» الذي يعلوه تمثال كبير من البرونز في سانتا كلارا، المدينة التي تعتبره ابنها بالتبني منذ الانتصار الحاسم الذي حققه فيها في كانون الأول (ديسمبر) 1958 على قوات الديكتاتور الكوبي فولغنسيو باتيستا (1952-1958). ونشرت الصحافة الكوبية في الأيام الأخيرة عدداً كبيراً من المقالات والدراسات الخاصة بـ «تشي». وفي الإذاعة والتلفزيون الكوبي، تم تكريمه أيضاً عبر حفلات سيمفونية وصور من الأرشيف، ترافقت مع مقتطفات من خطب غيفارا الذي كان أيضاً وزيراً للصناعة في أول حكومة ثورية في كوبا. وسيطرح أيضاً تطبيق محمول أطلق عليه اسم «سيمبيري تشي» (تشي دائماً) مخصص لضريح سانتا كلارا، على هامش الاحتفالات في هذا البلد الذي تعد فيه خدمة الإنترنت واحدة من الأكثر محدودية في العالم. وسار آلاف الطلاب الخميس على خطى «تشي» لإحياء ذكرى معركة سانتا كلارا، وسينضم الأحد عشرات الشبان إلى صفوف منظمة «رواد» للشبان التي جعلت شعارها «رواد من أجل الشيوعية. سنكون مثل تشي». وولد ارنستو «تشي» غيفارا في 14 حزيران (يونيو) 1928 في روزاريو، وسط عائلة من البورجوازية الارجنتينية. وفي شبابه، جاب تشي، الذي درس الطب، أميركا اللاتينية، على دراجة هوائية وعلى دراجة نارية، واطلع فيها على بؤس المحرومين في القارة وخصوصاً مجموعات السكان الأصليين. وفي 1955، التقى فيدل كاسترو المنفي في المكسيك، والتحق بصفوف الثوار الكوبيين في المقاومة التي تقاتل باتيستا. وبعد عشر سنوات، ابتعد من كوبا ومن اتباع كاسترو لخوض معارك جديدة. وفي 1965، كتب لفيدل كاسترو مستأذناً بإجازة لنقل المقاومة إلى أفريقيا، خصوصاً أن «مناطق جديدة من العالم تطالب بمساهمة جهودي المتواضعة». وانتهت هذه الرسالة بعبارة أصبحت شهيرة: «دائماً حتى النصر». وتلت ذلك شهور من «الاختفاء» لدى وجوده في الكونغو لمحاولة فرض الثورة المسلحة فيها، من دون تحقيق أي نجاح، قبل أن يبدأ في بوليفيا حربه الأخيرة. وتنتشر صوره في كل أنحاء كوبا، ولا سيما تلك التي يبدو فيها طويل الشعر قوي العينين ويعتمر قبعة ويرتدي سترة. والتقط هذه الصورة التي جابت أرجاء العالم، وزينت جدران غرف أجيال من الطلاب، المصور الكوبي المتوفي ألبرتو كوردا. وتستخدم الصورة اليوم لتحقيق انتعاش تجاري، في ما تبقى دائمة الحضور في التظاهرات في كل أنحاء العالم. وأوجز مدير معهد البحوث الكوبية في جامعة فلوريدا جورج دوناي الوضع بقوله إن «البعض يعتبر تشي غيفارا شهيد النضال الثوري. ويشدد آخرون على شخصيته الدموية والتسلطية»، لكنه أصبح «شخصية أسطورية، رمزاً لثورة الشباب والنضال من أجل العدالة والمساواة الاجتماعية».
مشاركة :