خرجت أصوات تهاجم الاحتفال "المبالغ فيه" حسب وصفهم بالتأهل لكأس العالم.. أقوال مثل "شعب تافه".. "هل ستجعلنا كرة القدم نأكل ونشرب"، وغيرها من أقاويل غير الكرويين. في البداية.. لا يجد جمهور الكرة إجابة عن لماذا يتعلق بقطعة الجلد هذه لحد الجنون والبكاء؟ لا إجابة على هذا السؤال، فمتابعة قطعة الجلد التي يركلها 22 لاعبا على مستطيل أخضر لا تخضع لأي منطق، وربما يكون هذا سبب في التعلق بها. تزامنا مع الحدث الراهن ووصول مصر لكأس العالم، ظهرت أصوات معارضة تسأل وهل ستجعلكم الكرة تأكلون أو تخفض الأسعار أو.. أو..، إن كنت تسأل عن هذا.. فالإجابة.. لا كرة القدم فعلا لن تفعل كل هذا صراحة. لكن الوصول لكأس العالم له العديد من الفوائد على أي دولة.. ولاسيما مصر التي غابت 27 عاما، فليس منطقيا أن تبتعد دولة حصدت إفريقيا سبع مرات عن المحفل العالمي هذه المدة الطويلة. لا يختلف أثنان في العالم على كون كأس العالم لكرة القدم هو الحدث الكروي الأكبر، حدث يقام لمدة شهر يجمع 32 جنسية مختلفة، وهو ما يحدث كل أربع سنوات. والوصول للمونديال له العديد من الفوائد..الجانب الاقتصادي الرد الأسهل على من ينتقد التأهل لكأس العالم ببساطة، "وهل الفشل في التأهل سيغني الفقير ويمنحه الطعام والشراب ويخفض الأسعار؟" الإجابة لا.. أيضا. لكن إن كنت تبحث عن فوائد الصعود للمونديال.. أكمل المقال التأهل للمونديال يدر دخلا بالعملة الصعبة على البلاد يصل إلى أكثر من 10 مليون دولار. ففي كأس العالم بالبرازيل 2014 حصل أقل منتخب شارك على 12.5 مليون دولار في مرحلة المجموعات. فيحصل منتخب مصر على مليوني دولار للاستعداد الأمثل للمشاركة في كأس العالم، بالإضافة إلى ثمانية ملايين دولار أو أكثر للمشاركة في البطولة بالدور الأول فقط، وإذا نجحنا في التأهل للأدوار التالية ستتضاعف هذه الأرقام. ربما تسأل وهل ستدخل هذه الأموال جيوبنا؟ بالتأكيد بشكل مباشر الإجابة لا، لكنها ستنعش اتحاد الكرة ويتمكن من الإنفاق دون الحاجة لدعم من خزانة الدولة متمثلة في وزارة الرياضة على قطاعات الناشئين وتطوير الملاعب. هل هذا فحسب؟ بل الأندية ستستفيد أيضا. كيف؟ في اجتماع عقد عام 2015، قرر الاتحاد الدولي مضاعفة الأموال الممنوحة للأندية التي تسمح للاعبيها المشاركة في كأس العالم مع منتخبات بلادها. فرصد الفيفا 209 مليون دولار للأندية التي تشارك لاعبيها في كأس العالم بروسيا 2018، وقطر 2022 لكنها لم توضح كيف سيتم توزيعها. لكن المؤكد أنه عندما يُخرج الأهلي والزمالك وغيرهم من الأندية المصرية لاعبيهم للمنتخب سيستفيدون أيضا من المشاركة في كأس العالم. هذا عن الجانب المادي الاقتصادي بشكل مباشر، وهناك جوانب أخرى غير مباشرة كنشر السياحة ولفت النظر إلى مصر، عمل برامج تسويقية واكتساب خبرات دعائية أخرى.الانتشار هل تعيش في عالمنا؟ حسنا يكفي أن تعلم أن 3.2 مليار شخصا شاهد كأس العالم بالبرازيل 2014.. رقم يقترب من نصف سكان كوكب الأرض يتابع هذه البطولة. لك أن تتخيل كم مرة سيطلق اسم مصر، وكم شخصيا سيريد أن يبحث عنها في محركات البحث.. وكم الدعاية التي ستنالها بلادنا دون بذل أي مجهود إضافي.تبادل الثقافات لا يوجد محفل يضم هذا الكم من الجنسيات المختلفة بخلاف الأولمبياد إلا كأس العالم، وإن كانت درجة التنافسية في المونديال تفوق الأولمبياد الذي يشارك فيه من هم دون الـ23 عاما. 32 جنسية مختلفة تجتمع في مكان واحد، ليس شرطا أن تذهب من أجل التتويج بالكأس أو العودة بإنجاز. تقرير أمريكي ذكر أن مصر ضمن أكثر 10 دول التي حرصت على شراء تذاكر مباريات كأس العالم خلال اليومين الماضيين، فسفر العديد من المصريين للمونديال سينعش شركات السياحة الخارجية والطيران المصرية. ومع وجود عدد كبير من المصريين في محفل عالمي يضم 32 جنسية مختلفة على الأقل سيشهد تبادل العديد من الثقافات بين الشعوب. فكأس العالم بمثابة المؤتمر العالمي الذي يتم توجيه فيه الدعوة إلى العالم أجمع.. فقط 32 دولة من إجمالي 211 اتحادا مختلفا هم من يقبلون الدعوة، و179 اتحادا سيشاهدون البقية. فمع أي جانب تود أن تتابع بلدك كأس العالم؟ -- -- كل ما مضى يمكن إن كنت مشجعا للكرة قد لا يهمك بنفس قدر ما يلي.. فلم أتحدث بعد عن حجم الاحتكاك والثقة التي ستعود بالنفع على منتخب مصر، خوض اللاعبين وظهورهم في هذه البطولة بمستوى طيب والأعين كلها ووكلاء اللاعبين وكشافين الأندية يتابعون.. سيعود كل هذا بالنفع على اللاعب وعلى ناديه. لاعبون كثيرون حول العالم انطلقوا لأندية عالمية بعد كأس العالم آخرهم جيمس رودريجيز الذي انضم إلى ريال مدريد بعد تألقه مع كولومبيا. فلك أن تتخيل حجم العوائد المالية على الأندية المصرية إذا ما نجح أحد المحليين في لفت أنظار أندية خارجية خلال المونديال. ولا تنسى أن قبل خوض نهائيات كأس العالم هناك وديات عديدة قد تصل إلى ثلاثة أو أربعة مع منتخبات ستشارك في المونديال وهي تكون بمثابة الاحتكاك الحقيقي، هذا أيضا يزيد من القدرات الفنية والثقة بالنفس للاعبين.. كما ستكون فرصة للجمهور المصري لمشاهدة المنتخب يواجه كبار العالم دون الخوف من خسارة أو تعثر. هل مازلت غير مقتنع؟ حسنا، إن كانت البسمة فقط هي التي سيجنيها المصريون بالتأهل لكأس العالم.. فهذا مكسب لا بأس به.
مشاركة :