تحتاج (فاطمة) و (خلود) إلى تصاريح إسرائيلية أو مصرية لمغادرة قطاع غزة الفقير والمحاصر، لكن الصور التي تقومان بنشرها على تطبيق «إنستغرام» تستطيع التواصل مع العالم الخارجي لإظهار «وجه جميل» للقطاع. ولدى كل من (فاطمة) و(خلود) أكثر من 100 ألف متابع على حسابيهما على تطبيق «إنستغرام»، اللذين تسعيان عبرهما لإظهار صورة مختلفة للغاية عما يسمع به أو يفكر فيه الكثيرون عن غزة، وهما تقولان إنهما أصبحتا معروفتين الى درجة أن الناس يتعرفون إليهما مراراً لدى تنقلهما في غزة. وترى خلود نصار (26 عاماً) التي غطت رأسها بوشاح وردي، أن «(إنستغرام) نافذة على العالم». وتتفق فاطمة أبومصبح (21 عاماً) معها قائلة: «عندما أفتح الانترنت، فإنني اتحدث مع ناس من كل أنحاء العالم». وعبر «إنستغرام»، تحاول كل من (فاطمة) و(خلود) التركيز على الصور بدلاً من الجدالات السياسية لاظهار واقع مختلف. وتقول (خلود) وهي تجلس في مقهى قرب ساحل مدينة غزة «الحرب جزء من غزة، لكنها ليست كل غزة. أردت أن أظهر ان هناك المزيد في غزة، كأي منطقة في العالم». وتضيف: «في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، هناك فقر ومنازل مدمرة، ولكن في الوقت ذاته هناك أماكن جميلة، الأمر مشابه في غزة». وتتابع: «عبر هذه الصور، أرغب في أن يرى الناس غزة، وكيف يعيش الناس فيها ويأكلون ويعملون». وتتعلق الصور التي تنشرها (خلود) على حسابها بموسم الحصاد او أطفال يمرحون ويلعبون بألوان زاهية، بينما تحاول إظهار كل جوانب الحياة اليومية في القطاع. وتنشر السيدتان ايضاً صوراً لهما بابتسامات واسعة عبر حسابيهما. وترى (فاطمة) ان الهدف من هذه الصور هو «تغيير صورة غزة» بعيداً عن الاوضاع السياسية. وتضيف أن «إظهار الوجه الجميل لغزة هو أهم شيء، بعيداً عن الدمار والحصار والحروب». محاولات جادة للعيش ويقدّر رئيس نادي وسائل التواصل الاجتماعي الفلسطيني، علي بخيت، أن نحو 50% من سكان غزة لديهم حساب على موقع «فيس بوك»، إلا أن عدد مستخدمي «تويتر» و«إنستغرام» يبقى أقل بكثير. ويقول بخيت إنه بعد اكثر من 10 سنوات على الحصار الاسرائيلي المفروض على القطاع، اصبح الغزيون أكثر تمسكاً باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي «للتعبير عن أنفسنا وإسماع صوتنا» للعالم. وبدأت نصار بنشر الصور عبر «إنستغرام» في 2014 قبل اندلاع حرب مدمرة مع اسرائيل استمرت 50 يوماً، وقد استخدمت حسابها لتوثيق الخسائر البشرية. وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، سعت للتركيز على معاناة أهل غزة في ظروفهم الصعبة، ثم أطلقت وسماً (هاشتاغ) بعنوان #محاولات_جادة_للعيش، سعياً لأن تظهر محاولات سكان القطاع لترتيب حياتهم بعد الحرب المدمرة. وتنشر (خلود) صورها دائماً مرفقة بلعبة صغيرة هي سيارة «فولكس فاغن»، حمراء اللون، تحملها دائماً في حقيبة يدها، واصبحت علامة خاصة بها، تساعدها على التواصل مع الآخرين. ويقوم أشخاص من كل انحاء العالم العربي الآن بارسال صور لسيارات حقيقية إلى (خلود)، وتقوم بنشرها على حسابها. وبالنسبة لفاطمة أبومصبح، فان حسابها على «إنستغرام» يعد مصدراً للدخل ايضاً، إذ انها تحصل شهرياً على مبلغ يراوح بين 300 و400 دولار اميركي عبر التسويق الالكتروني ونشر إعلانات على حسابها. المتصيدون عبر الإنترنت وتلتقط (خلود) و(فاطمة) العديد من الصور، قبل اختيار واحدة لنشرها ومشاركتها مع العالم على «إنستغرام» الذي يعرض صورة انتقائية للحياة. لكن كغيرهما من المستخدمين، فانهما تواجهان مشكلة المتصيدين عبر الانترنت (ترولز) ممن ينشرون التعليقات السلبية على الصور. وتؤكد فاطمة أنها تقوم يومياً بحظر عدد يراوح بين خمسة اشخاص و20 شخصاً عن حسابها على إنستغرام بسبب التعليقات غير اللائقة. وتقول ساخرة: «ربما أخذت صورة مع شخص ما، سيقولون إن الصورة فاضحة لأنني كنت مع رجل. ولهذا أحظر الكثيرين». وبالنسبة لخلود نصار، فقد تعرضت للمضايقات ايضاً في الشارع. وعندما التقطت صوراً في بيت لاهيا إحدى اكثر المناطق المحافظة والمتمسكة بالتقاليد، بدأت نساء بالصراخ عليها. وتقول: «هناك أشخاص يقومون بانتقادي قائلين، انت تخرجين (من المنزل) وتقومين بالتقاط الصور، يجب ان تبقي في المنزل وتقومي بالطهي». وتضيف: «ربما ينتقدونني أكثر لأنني أرتدي الحجاب».
مشاركة :