انطلقت المحكمة العسكرية في لبنان أمس، في استجواب الموقوفين من المتهمين في «أحداث عرسال» التي وقعت في 2 آب(أغسطس) 2014 وأسفرت عن استشهاد عسكريين وأسر آخرين استشهد ثمانية منهم بعد قتلهم على يد تنظيم «داعش» الارهابي، فيما تم تحرير 13 من عناصر قوى الأمن الداخلي بعد أسرهم لدى تنظيم «جبهة النصرة» الذي وافق على إطلاق سراحهم في الأول من كانون الأول(ديسمبر) عام 2015 في عملية تبادل مع موقوفين كانوا محتجزين لدى الدولة اللبنانية. ومع انطلاق المحاكمات في هذا الملف الذي يضم أكثر من 70 موقوفاً، عمل رئيس المحكمة العسكرية العميد الركن حسين عبدالله على تجزئته الى خمسة ملفات، تتكشف حقائق جديدة عن عملية أسر شهداء الجيش والإعدامات التي نفّذت بحق عدد منهم قبل الكشف أخيراً عن مصير الباقين، وتم توثيقها بشرائط فيديو أُرسلت الى ذوي الشهيدين الجنديين علي السيد وعباس مدلج وضُمت الى ملف القضية. انتظر الجميع في قاعة المحكمة أمس، أن يحين دور بلال ميقاتي لاستجوابه، فهو الذي أقدم على ذبح العسكري السيد، أول شهيد للجيش من الأسرى. لكن بلال ميقاتي حذا حذو الشيخ أحمد الأسير بالتزامه الصمت ورفضه الإجابة عن أسئلة الرئاسة، متهماً المحكمة بأنها «تابعة لحزب الله»، وقال: «ذهبت للقتال في سورية وأُحاكم على ذلك، فيما «حزب الله» يقاتل هناك ولم تتم محاكمته. أرفض هذه المحكمة التي يهيمن عليها حزب الله والتزم الصمت». ميقاتي »السفاح» وعلى رغم ذلك، أصر رئيس المحكمة على تلاوة إفادة ميقاتي الأولية التي مع تقدم التحقيق فيها، أصابت الكثير من الحاضرين بالذهول والغثيان، خصوصاً حين اعترف ميقاتي بواقعة ذبحه السيد. وروى حينذاك ميقاتي أن «أبو أيوب العراقي والي دمشق أعطى أمراً لأبي عبد السلام، أمير داعش في القلمون، باختيار عسكري سني وذبحه لتسريع المفاوضات وتلبية لمطالب داعش، وطلب ابو عبد السلام من بلال العتر أن يختار فاختار السيد الذي تم نقله الى مكان في الرهوة ، وحينذاك طلبت أنا من عبد السلام أن أنفذ عملية الذبح فوافق وذبحته بسكين غير مسنّة ولم أستطع قطع رأسه بسهولة». أما عملية ذبح العسكري عباس مدلج فتولاها «أبو الورد» وفق اعترافات ميقاتي، بعدما وقع عليه الاختيار كونه شيعياً وذلك لإحداث فتنة سنية- شيعية. وفي المكان ذاته الذي ذُبح فيه السيد نفّذت عملية قتل مدلج، ولم يكن قتله، كما أُشيع، لمحاولته الفرار، وفق ما كان اعترف به ميقاتي الذي أكد أن عبدالرحمن بازرباشي الملقب بـ «حفيد البغدادي»، وعمر ميقاتي الملقب بـ «أبو هريرة» صوّرا العمليتين. حاول رئيس المحكمة دفع بلال ميقاتي الى الخروج عن صمته عارضاً عليه صوراً تظهر تنفيذه عملية ذبح السيد، لكن الأخير بقي على صمته قائلاً: «ما بدي جاوب». ولدى سؤال ميقاتي في التحقيق الأولي عن سبب ذبحه السيد، أجاب بأنه لم يكن يدرك ما يجرى من حوله لأنه كان تحت تأثير الحبوب المخدرة التي تعاطاها قبل عميلة الذبح. ووصف ممثل النيابة العامة القاضي فادي عقيقي الموقوف ميقاتي بشخص فاقد نعمة الله ألا وهي الإنسانية، طالباً رد طلب وكيلة المتهم عرض موكلها على طبيب نفسي وعقلي، فتقرر رده على اعتبار أن المتهم لديه ما يكفي من العقل بعدما صرح في بداية استجوابه بما صرح به. ولم يسر «قرار» ميقاتي «السفاح»، على قريبه عمر ميقاتي الذي ومن دون تردد أجاب خلال استجوابه عن أسئلة الرئاسة نافياً حيناً ومؤكداً أحياناً أخرى وقائع أوردها في إفادته الأولية. وهو نفى تصويره عمليتي قتل الشهيدين لكنه اعترف بجرائم قتل نفذها بحق عسكريين، انتقاماً بعد مقتل شقيقه خلال أحداث طرابلس. كما اعترف بانتمائه الى «الدولة» قاصداً بذلك تنظيم «داعش». كما تراجع عن اعترافاته حول ضربه وجلده العسكريين الأسرى بعد اعتقال والده احمد الملقب بـ «أبو هدى». وقال إنه لم يعلم باعتقاله إلا بعد أسبوعين من ذلك، نافياً مشاركته في أحداث عرسال. وعن قطعه أذن أحد العسكريين، نفى عمر ميقاتي ذلك. وقال إن «الدولة (الإسلامية) أعدمت علي علي وعلي السيد وعباس مدلج». أما عن العسكري عبدالرحيم دياب فقال انه تظاهر أمام العسكريين الأسرى بأنه موقوف مثلهم انما كان منشقاً عن الجيش وساعد خاله أبو طلال أمير «داعش» في عرسال بالسيطرة على حاجز وادي الحصن. واستجوبت المحكمة أيضاً في هذا الملف الذي يضم 23 متهماً بينهم 17 موقوفاً، عسكريين اثنين في الجيش، عملا قبل أيام من أحداث عرسال على نقل بلال العتر وعبدالله الجغبير وعمر ميقاتي الى عرسال بآلية عسكرية للجيش. وزعم أحدهما وهو مرافق قائد لواء في الجيش أن العتر هدده بعائلته ما لم يعمل على نقله الى عرسال، فيما الثاني وهو سائق قائد اللواء شارك في العملية من دون علمه بأن المتهمين هم مطلوبون. ورفعت المحكمة الجلسة الى 26 الجاري لمتابعة الإستجواب. ملف متفرع كما أنهت المحكمة في ملف متفرع يضم 18 سورياً ولبنانياً واحداً، استجواب الموقوفين فيه، وحددت 14 تشرين الثاني(نوفمبر) المقبل جلسة للمرافعة والحكم. ويضم هذا الملف مجموعة مسلحين من «مجموعة المقنع»، التي شاركت «داعش» في الهجوم على مراكز الجيش وأسر أربعة عسكريين. غير أن جميع الموقوفين أجمعوا على نفي اعترافاتهم الأولية ومشاركتهم في أحداث عرسال، انما زعموا أنهم لجأوا الى هذه المجموعة للوصول الى «برّ الأمان»، اذ كانت متوجهة الى الداخل السوري بعد سقوط القصير ويبرود. أما اللبناني في هذه المجموعة فاتهم بنقله اثنين من الإرهابيين من بيروت الى الهرمل ومن بعلبك الى الهرمل حيث يعمل سائق أجرة، نافياً علمه بهويتهما قائلاً: «لا يشرّفني أن أضع اسمي مع هؤلاء الإرهابيين».
مشاركة :