أكّد عاملون في مجال الثقافة والفنون أن دولة الإمارات بما تملكه من إمكانات أصبحت وجهة مهمة لمعظم فناني العالم، وساحة لتلاقي المدارس الفنية المختلفة، وهو ما يجب أن ينعكس على الفنان المحلي من خلال العمل على إكسابه خبرات واسعة في مختلف هذه المدارس، والاستفادة من هذا المزيج في طرح رؤية جديدة تعبر عنه وعن مجتمعه. معتبرين أن برامج الإقامة للمبدعين تعد من أهم الأدوات التي يمكن أن تحقق هذا الهدف، لما توفره هذه البرامج من فرص التواصل مع المبدعين الكبار والتعرف الى مواطن القوة والضعف، واكتساب الخبرات بصورة أسرع. وأشارت الشيخة نوار القاسمي، مدير تطوير مؤسسة الشارقة للفنون، إلى حرص حكومة دولة الإمارات الدائم على الاستثمار في شعبها من أجل المستقبل في مختلف المجالات، وما توليه من دعم للفنون والثقافة بشكل عام في إطار تعزيز الوعي المجتمعي، وتوثيق هذه اللحظات التي تحياها الأمة وترجمة تاريخها ومعارفها من خلال حالات فنية مبدعة وواعية بلحظتها التاريخية، موضحة خلال الندوة، التي أقامتها وزارة الثقافة وتنمية المعرفة حول أهداف وآليات مشروعها الرائد «المبدع المقيم» الذي أطلقه الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة وتنمية المعرفة، الأربعاء الماضي، أن الحكومة تستثمر في برامج الإقامة وغيرها من البرامج التي تدعم الثقافة بشكل رائع، حيث يمثل الدعم الحكومي الرافد الأهم للحركة الفنية والثقافية. عوامل نجاح واعتبرت الشيخة نوار القاسمي أن نجاح هذه البرامج يرتبط بعوامل عدة، منها نوعية التدريب والمدربين، والمستوى الفني للمشاركين، وعملية اختيار الفنانين المشاركين، وأمور أخرى كثيرة حتى تؤتي هذه البرامج ثمارها، وأنه لابد من الانتظار من خمس إلى 10 سنوات للحصول على نتائج مثمرة يلاحظها الوسط الفني وتعزز القيم الفنية، وتأتي بإبداع حقيقي ومبدعين ينافسون نظراءهم على مستوى العالم. كما أشادت بإقدام وزارة الثقافة وتنمية المعرفة على تنظيم برامج للإقامة الثقافية والفنية، مطالبة القطاع الخاص بلعب دور في دعم الفنون إلى جانب ما تقدمه الدولة، باعتبارها رسالة مجتمعية مهمة. واستعرضت القاسمي تجربة الشارقة في دعم الثقافة، ومحاولة الاستفادة من البرامج العالمية لدعم المثقفين والفنانين مع بداية الثمانينات من القرن الماضي، ومع تراكم الخبرات أصبحت هناك برامج حقيقية تدعم الفنانين وترعى إنتاجهم الفني والفكري، بما انعكس على مستواهم الخاص والمستوى العام في ما يتعلق بالفنون التشكيلية على وجه الخصوص. حراك ثقافي نشط من جانبه، أشار مدير إدارة الفنون البصرية بالإنابة بهيئة دبي للثقافة والفنون، خليل عبدالواحد، إلى أن ما تشهده إمارات الدولة كافة من حراك ثقافي وفني نشط شكّل حالة إلهام وجذب للعدد كبير من الفنانين حول العالم. وتطرّق عبدالواحد إلى تجربة دبي المميزة في مجال الإقامة الفنية، التي تبلورت منذ عام 2011، كما شجعت جهات ومؤسسات أخرى للإقدام على تنفيذ برامج مشابهة، موضحاً أن هذه البرامج ساعدت على إيجاد حالة من التنوع الفريد في الأعمال الفنية داخل مكان واحد، حيث يضم البرنامج فنانين من دول مختلفة ومشارب فنية متعددة إلى جانب الفنان المحلي، وهو ما ينعكس على خبرات كل الموجودين، ما ينتج في النهاية فناناً متمكناً من أدواته ومطلعاً على كل المدارس الفنية، وهو ما يتم ترجمته إلى أعمال متميزة. وأكد عبدالواحد أهمية الدعم الحكومي لهذه البرامج لتؤتي ثمارها، حيث تعطي برامج الإقامة الفرصة للأشخاص الموهوبين لتطوير قدراتهم على الابتكار والإبداع، ومن ثم تقديم منتج فني حقيقي ومتميز، مثمناً إقدام وزارة الثقافة وتنمية المعرفة على هذه التجربة، ومحاولاتها لكي تكون ساحة لتدريب الأجيال الجديدة، كما شدد على أهمية التركيز في الاختيار للأشخاص المقيمين وفي البرامج التي يتم تنفيذها. تجارب مختلفة وتحدّث مدير تنفيذي للفنون ومدير العلاقات الخارجية والشراكات بجامعة نيويورك أبوظبي، بيل بريجن، حول دور برامج الإقامة الفنية في دعم المبدعين من خلال التجربة التي عايشها بالجامعة، والتي لا تقتصر على الجانب الفني فقط، لكنها تهتم بالجانب المجتمعي أيضاً. وتوجهت مدير صالة xva غاليري، منى هاوزر، في مداخلتها بالشكر والتقدير لوزارة الثقافة وتنمية المعرفة والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، لاضطلاعهم بتقديم هذه المبادرة كي يستفيد منها كل مبدعي الإمارات في كل المجالات، خصوصاً الشباب منهم، لما لها من أثر كبير في إثراء المواهب وتعريف المبدعين بحرفية ومهنية وأدوات كل المجالات الفنية والأدبية، حتى يستطيع كل مبدع التمكن من أدواته قبل الانطلاق إلى فضاءات الإبداع، معبرة عن سعادتها بالمشاركة في هذه الندوة بما لديها من خبرات في مجال الإقامة الفنية، وتقديم كل أشكال التعاون لإنجاح هذه المبادرة الرائدة. وتحدثت الفنانة لمياء المنهل من «أرت هب» عن تجربتها مع برامج الإقامة الفنية التي كان لها أكبر الأثر في تطوير قدراتها الفنية على الصعيد الشخصي، حيث انضمت إلى أحد هذه البرامج حين قدمت من المغرب إلى دبي، مشيرة إلى أن الإمارات أصبحت بوتقة تنصهر فيها عشرات الإبداعات العالمية والمحلية منها، لتقدم أعمالاً فنية أكثر تميزاً وابتكاراً.
مشاركة :