دبي: محمدو لحبيب نظّمت ندوة الثقافة والعلوم في مقرها في دبي، بالتعاون مع أثر للفنون والآداب أمسية شعرية موسيقية بعنوان «غريب على الخليج» في ذكرى مرور تسعين عاماً على ميلاد رائد الحداثة الشعرية الشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب.حضر الحفل سلطان صقر السويدي رئيس مجلس إدارة الندوة، وأعضاء مجلس الإدارة، والأديب عبد الغفار حسين، ونجل الشاعر الراحل غيلان بدر شاكر السياب، ولفيف من المهتمين والحضور.قدّمت الحفل الدكتورة بروين حبيب التي ألقت الكثير من قصائد الشاعر مصحوبة بغناء الفنانة مكادي نحاس والفنان أنور داغر.وفي مستهل الأمسية رحبت الدكتورة بروين بالحضور وبجهود الإمارات في رعاية الفن والثقافة، وحرص ندوة الثقافة على استحضار القامات الأدبية والفكرية والفنية والثقافية في مختلف فعالياتها.واستعرضت بروين حياة السياب والمعاناة التي خاضها وأهم المحطات الشعرية له، حيث قالت إنه ولد في 25 ديسمبر من عام 1926 في قرية جيكور التي أغرم بها وهام أحدهما بالآخر، وفي العام 1948 تخرَّج في دار المعلمين العليا قسم اللغة الإنجليزية، كما تثقف بالأدب العربي وبخاصة المتنبي والجاحظ وأبوالعلاء المعري. وأبرزت بروين حبيب أن السيّاب عاش حياة قاسية لم تخل من المعاناة، ففقد أمه وجدته، وعاش مريضاً ومع كثير من المحن، مما صقل شعره العذب، وظل يعاني في حياته مرضاً لازمه فترة طويلة حتى قضى نحبه سنة 1964 في المستشفى الأميري في الكويت.وأشارت الدكتورة بروين إلى أن الشاعر الراحل نظم الشعر في مستهل شبابه، وكان يشارك في الندوات في المقاهي الأدبية مثل قهوة «عرب» أو «الزهاوي»، وأوضحت أن ثروة السيّاب اللغوية يجدها القارئ واضحة المعالم في قصيدته «غريب على الخليج». وأبرزت بروين أن الشعراء يضعون السيّاب في المرتبة الأولى من رواد الشعر الحديث، وأن أشهر دواوينه هي «أزهار وأساطير» و«المعبد الفريق» و«أنشودة المطر» و«شناشيل ابنة الجلبي».وأضافت بروين في رسالة وجهتها إلى السيّاب في عيد ميلاده التسعين قائلة: «مر تسعون عاماً على يقظتك الأولى في هذا العالم واثنان وخمسون على إغماضتك، وما بين اليقظة والإغماضة مر كثير من الموت علينا».وتابعت د. بروين رسالتها للسيّاب قائلة: «عزيزي الشاعر بدر شاكر السيّاب في مناسبة ميلادك التسعين، تذكرت شيئاً أردت أن أخبرك به، أنت تعرف كيف أننا في العراق نطلق أسماء على الأجيال الشعرية، مثلاً أنت والشاعرة نازك الملائكة من جيل الرواد في الشعر الحر، وبعد ذلك جيل ما بعد الرواد ثم جيل الستينات والسبعينات، ولأن جيل الثمانينات كان يسمّى بجيل الحرب، تصورت أن الجيل الذي بعده سيسمّى بجيل ما بعد الحرب، لكن الحرب لم تنته، ولذلك تصوّر يا عزيزي بأن الأجيال التي بعدي كلها حتى الآن يمكن أن تسمّى (بجيل الحرب». بعد ذلك ألقت بروين عدة قصائد من بينها قصيدة للشاعر محمود درويش وجّهها للسيّاب بعنوان: «موسيقى لأمي»، قال فيها: أتذكَّرُ السيَّاب.. في هذا الفضاء السُومَريِّتغلبَتْ أنُثى على عُقم السديمِوأورَثتنا الأرضَ والمنفى معاأتذكَّرُ السيَّابَ... إن الشعَر يُولدُ في العراقفكُنْ عراقياً لتصبح شاعراً يا صاحبيأتذكَّرُ السيَّاب... يأخذُ عن حمورابي الشرائعَكي يُغَطي سَوْءةً ويسير نحو ضريحهأتذكَّرُ السيَّاب، حين أُصَابُ بالحُمَّي وأهْذِىإخوتي كانوا يُعدُّون العشاءَ لجيش هولاكوولا خَدَمٌ سواهُمْ... إخوتيإلى أن يقول: «أتذكَّرُ السيَّابَ... إنَّ الشعر تجرَبةٌ ومنفىتوأمان، ونحن لم نحلم بأكثَر من حياةٍكالحياة، وأن نموت على طريقتِناعِراقُ، عراقُ، ليس سوى العراق» ومن قصائد السيّاب ألقت بروين قصيدة «أنشودة المطر» التي يقول فيها: عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ،أو شُرفتان راح ينأى عنهما القمر.عيناك حين تبسمان تورق الكرومْوترقص الأضواء كالأقمار في نهَرْيرجّه المجذاف وهْناً ساعة السَّحَركأنما تنبض في غوريهما، النّجومْ وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيفْكالبحر سرَّح اليدين فوقه المساء،دفء الشتاء فيه وارتعاشة الخريف،والموت، والميلاد، والظلام، والضياء؛فتستفيق ملء روحي، رعشة البكاءونشوةٌ وحشيَّةٌ تعانق السماءكنشوة الطفل إِذا خاف من القمر ثم ألقت بروين بعد ذلك قصيدة «غريب على الخليج» للسيّاب والتي يقول فيها: الشمس أجمل في بلادي من سواها، والظلامحتى الظلام - هناك أجمل، فهو يحتضن العراقواحسرتاه، متى أنامفأحسّ أن على الوسادة من ليلك الصيفي طلاّ فيه عطرك يا عراق؟ إلى أن يقول: فلتنطفي، يا أنت، يا قطرات، يا دم، يا.. نقوديا ريح، يا إبرا تخيط لي الشراع، متى أعودإلى العراق؟ متى أعود؟و ألقت بروين قصيدتي «قافلة الضياع» و«وصية محتضر».وتخللت القصائد الشعرية أغان للفنان أنور داغر، الذي غنى من أشعار السيّاب قصيدته «سفر أيوب» والتي يقول فيها: لك الحمد مهما استطال البلاءومهما استبدّ الألم،لك الحمد، إن الرزايا عطاءوان المصيبات بعض الكرم.ألم تُعطني أنت هذا الظلاموأعطيتني أنت هذا السّحر؟فهل تشكر الأرض قطر المطروتغضب إن لم يجدها الغمام؟ وغنّى داغر كذلك بعض الأغاني التراثية العراقية من مقامات البصرة، وغنّت الفنانة مكادي نحاس من التراث العراقي. واختتم الحفل بتكريم المشاركين فيه.
مشاركة :