حذرت الحكومة الإسبانية، أمس، من أن الأزمة في كاتالونيا قد تدفعها إلى خفض توقعاتها للنمو لعام 2018. وقالت سورايا ساينز دي سانتاماريا، نائبة رئيس الحكومة الإسبانية، في أعقاب اجتماع لمجلس الوزراء إن «الأحداث في كاتالونيا تعرض الانتعاش الاقتصادي للخطر».وكانت مدريد تتوقع نموا بنسبة 2.6 في المائة عام 2018. وأضافت سانتاماريا: «إذا لم يتم التوصل إلى حل سريع لهذه القضية، فسنكون مضطرين إلى خفض توقعاتنا» للنمو.وتابعت: «حين يسود عدم الاستقرار، غالبا ما يدفع مواطنو كاتالونيا الثمن»، داعية الانفصاليين للعودة إلى «الوضع الطبيعي المؤسساتي».وأعلن القيادي الانفصالي كارليس بوتشيمون، يوم الثلاثاء الماضي، استقلال كاتالونيا من جانب واحد، قبل أن يعلقه بعدها لإفساح المجال أمام «الحوار» مع مدريد.لكن الحكومة الإسبانية رفضت أي وساطة، وأمهلته حتى الخميس المقبل للتراجع. وإذا لم يحصل ذلك، فإن مدريد ستعلن الإجراءات الضرورية لتعليق الحكم الذاتي للمنطقة التي يقطنها 7.5 مليون نسمة، في تدبير غير مسبوق منذ عودة الديمقراطية إلى إسبانيا.وكتب خان إينياسيو سانز، المتخصص في الشؤون المصرفية بـ«مدرسة التجارة» في برشلونة، في صحيفة «إلباييس»: «إنها كارثة بالنسبة إلى كاتالونيا واقتصادها. أشك في أن تعمد شركة واحدة إلى العودة قبل 3 - 5 أعوام على الأقل من الاستقرار التام».وحذرت وكالة «ستاندارد آند بورز» للتصنيف الائتماني، من خطر انكماش في حال استمرار الأزمة في هذه المنطقة التي شكلت 19 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الإسباني في 2016. والمفارقة أنها الأغنى من إسبانيا، وفي الوقت نفسه من الأكثر مديونية بنحو 35.4 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي.وبدأت السياحة تدفع الضريبة في كاتالونيا التي تستقطب 25 في المائة من الزوار في إسبانيا، ففي بعض فنادق برشلونة تراجعت أسعار الغرف بمعدل النصف، وتحدثت نائبة رئيس الحكومة أمس عن «تراجع كبير للحجوزات في برشلونة يتراوح بين 20 و30 في المائة».ورجحت صحيفة «إلكونفيدنسيال» الاقتصادية أن يتأخر افتتاح المؤتمر العالمي للاتصالات الجوالة الذي كان مقررا في برشلونة نهاية فبراير (شباط) المقبل، وهو الأكبر من نوعه في العالم، ويشكل مصدرا رئيسيا للعائدات بالنسبة لهذه المدينة.وقالت متحدثة باسم المؤتمر: «نحن مستمرون في رصد الأحداث في إسبانيا وكاتالونيا، وتقييم أي تأثير محتمل» من دون أن تنفي معلومات «إلكونفيدنسيال».من جهته، قال كبير الخبراء الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي موريس أوبستفيلد، في واشنطن الثلاثاء الماضي، إن الأزمة السياسية الناجمة عن محاولة إقليم كاتالونيا الاستقلال عن إسبانيا، تشكل مصدرا من مصادر عدم الاستقرار، ويمكن أن تؤثر على اقتصاد هذه الدولة وجيرانها.وأضاف أوبستفيلد: «الوضع في إسبانيا مثير للقلق بالفعل؛ حيث إنه يسبب كثيرا من عدم اليقين بالنسبة للاقتصاديْن الكاتالوني والإسباني، ولا يمكننا سوى أن نأمل في ألا يتصرف الطرفان بشكل حاد وسريع».وأوضح أوبستفيلد أن هناك «كثيرا من المكاسب المحتملة» لكلا الجانبين إذا ما تفاوضا لحل الأزمة، وأضاف أوبستفيلد: «ربما يكون هناك بعض التداعيات بالنسبة (للبرتغال) وبلدان أخرى في أوروبا».وبعد النمو الاقتصادي الذي شهدته إسبانيا في عام 2016 وبلغت نسبته 3.2 في المائة، توقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.1 في المائة هذا العام، وأن يبلغ 2.5 في المائة في العام المقبل.
مشاركة :