كشف تقرير «QNB» الأسبوعي، أن أسعار النفط راوحت حول أعلى مستوياتها على مدار الأسابيع القليلة الماضية، لتصل إلى أعلى مستوى لها خلال عامين عند 59 دولاراً للبرميل في نهاية سبتمبر. وتعكس المشاعر الصاعدة في السوق أربعة تطورات رئيسية، هي: ارتفاع الطلب العالمي، وتزايد احتمالات أن تقوم منظمة أوبك بتمديد تخفيضات إنتاجها حتى نهاية عام 2018، وتلاشي تأثير الأعاصير في الولايات المتحدة، وتصاعد المخاطر الجيوسياسية في العراق وإيران.ومن المتوقع أن يرتفع الإنتاج من خارج «أوبك» في عام 2018. ولذا، نعتقد بأن «أوبك» سوف تمدد اتفاقها لخفض الإنتاج من تاريخ انتهاء صلاحيته في الربع الأول من 2018 وحتى نهاية عام 2018 بهدف دعم السوق. ونتيجة لذلك، نحافظ على توقعاتنا بأن يبلغ متوسط السعر 58 دولاراً أميركياً للبرميل لعام 2018. خام نفط برنت إذن ما الذي يدفع التوقعات الأخيرة بصعود أسعار النفط؟ التطور الأول هو تزايد احتمالات تحسن الطلب العالمي؛ ففي شهر سبتمبر، رفعت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها حول الطلب العالمي على النفط لعام 2017 بأكمله بسبب تحسن النمو في الولايات المتحدة وأوروبا. وقد شهد هذا العام زيادة قدرها 1.6 مليون برميل يومياً في عام 2017 مقارنة بمقدار 1.4 مليون برميل يومياً للسنة الماضية. وكان ثاني أبرز التطورات هو تزايد التكهنات بشأن تمديد اتفاق خفض الإنتاج من قبل «أوبك» ومنتجين خارج «أوبك» لما بعد الربع الأول من 2018. وكنا قد سلّطنا الضوء في البداية على تزايد احتمال تمديد «أوبك» لخفض الإنتاج في بداية شهر يوليو (انظر تحليلنا مأزق منظمة أوبك لعام 2018). ومؤخراً، عقدت روسيا والمملكة العربية السعودية مباحثات على أعلى مستوى، حيث نُوقشت إمكانية التمديد، كما أعلنت السعودية أنها ستقوم بخفض إضافي للإنتاج من جانب واحد بمقدار 0.3 مليون برميل في اليوم فوق ما هو متفق عليه حالياً في «أوبك»، وذلك ابتداء من شهر نوفمبر، من أجل دعم الأسعار بشكل أكبر. وفي الوقت نفسه، ورغم تراجع مستويات المخزون منذ بداية العام، فإن ذلك التراجع لم يكن سريعاً بما يكفي لتحقيق هدف «أوبك» المعلن بتخفيض المخزونات إلى أدنى مستوى لها في خمس سنوات بحلول الربع الأول من 2018. وقد دفعت جميع هذه العوامل الأسواق إلى توقع تمديد اتفاق «أوبك». أنشطة المصافي أما التطور الثالث، فيتمثل في تلاشي تأثير إعصار «هارفي» على سوق النفط في الولايات المتحدة. إعصار «هارفي» الذي ضرب منطقة ساحل الخليج الغربي المنتجة للنفط في الولايات المتحدة، أدى بشكل متناقض إلى انخفاض أسعار النفط الخام وليس ارتفاعها في أواخر أغسطس. وقد حدث ذلك لأن الإعصار تسبّب في اضطرابات لأنشطة المصافي وإنتاجها، فيما لم يؤثر على منصات إنتاج النفط الخام بشكل كبير. وكانت نتيجة ذلك في نهاية المطاف ارتفاع المخزونات من النفط الخام في الولايات المتحدة؛ مما أدى إلى تراجع أسعار الخام، وتسبّب في سحب سريع للمنتجات النفطية المكررة من المخزونات. حالياً انتعشت الأسعار مع عودة معظم المصافي لاستئناف أنشطتها، في ظل تصفية فائض مخزون النفط الخام من خلال صادرات ضخمة قياسية للخام الأميركي. يكمن التطور الرابع في ارتفاع المخاطر الجيوسياسية. وقد تسبّب الاستفتاء حول استقلال إقليم كردستان في بعض الشكوك بشأن التدفق المستقبلي لحوالي 500 ألف برميل في اليوم من الحقول الكردية العراقية إلى تركيا. إلى جانب ذلك، تدرس الإدارة الأميركية إعادة فرض عقوبات على إيران؛ مما قد يضع حوالي 200 ألف برميل في اليوم من النفط الإيراني إلى أوروبا على المحك. ورغم أن إمكانية تأثير أي من هذه الأحداث بشكل كبير على سوق النفط العالمي تبدو منخفضة نسبياً في الوقت الحالي، فقد أثارت مخاوف في الأسواق. توازن المعروض إذن، أين نقف حالياً؟ على الرغم من الزخم الإيجابي الأخير، نعتقد أن الأسعار ستبقى في مستوياتها الحالية، نظراً لأن العوامل سالفة الذكر غير كافية لمقابلة النمو القوي في الإنتاج الذي لُوحظ في العام الحالي من قبل الدول غير الأعضاء في منظمة أوبك، خاصة الولايات المتحدة. فقد زادت الدول غير الأعضاء في «أوبك» إنتاجها بمجموع 0.7 مليون برميل في اليوم في العام الحالي وحده. بالإضافة إلى ذلك، تراجع أيضاً الالتزام بقيود الإنتاج الخاصة بـ «أوبك» منذ بداية العام؛ فقد قامت ليبيا ونيجيريا -وهما معفيتان من تخفيضات الإنتاج- بزيادة إنتاجهما منذ بداية العام، كما ظلت معدلات التزام أعضاء «أوبك» الـ 12 الذين وافقوا على خفض الإنتاج تتراجع بشكل طفيف في كل ربع من العام الحالي. وفيما يخص توقعاتنا لعام 2018، فإننا لا نزال نتوقع قيام منظمة أوبك بتمديد اتفاق خفض الإنتاج من الربع الأول لعام 2018 إلى نهاية 2018، وذلك للتعويض عن استمرار ارتفاع معدلات إنتاج الدول غير الأعضاء في المنظمة. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية قيام الدول غير الأعضاء في «أوبك» -وعلى رأسها الولايات المتحدة- بزيادة إنتاجها بواقع 1.5 مليون برميل في اليوم في عام 2018. وعليه، فإننا نعتقد بأنه من المرجح بدرجة عالية قيام منظمة أوبك بتمديد اتفاقها بشأن تخفيض الإنتاج من أجل تحقيق هدفها المتمثل في خفض مستوى المخزونات والحد من مخاطر انخفاض أسعار النفط. ومع ذلك، فإننا نتوقع أن تكون الأسعار محكومة بسعر تعادل النفط الصخري، والذي سيبلغ في المتوسط 58 دولاراً أميركياً للبرميل في عام 2018.;
مشاركة :