البيئة المثالية.. أقصر الطرق لتخطي الأطفال رهاب المدرسة

  • 10/15/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق:إيمان سرور مع انطلاق دوام المدارس، وعودة الأبناء إلى مقاعد الدراسة، ينتاب الأطفال حديثي العهد بالمدرسة، وأسرهم حالة من الخوف والقلق؛ حيث يواجه أطفال هذه المرحلة صعوبة في التأقلم مع الوضع الجديد داخل المدرسة، ما يُشكّل مصدر قلق لأولياء أمورهم، الذين يأملون بعام دراسي جديد مفعم بالنشاط والجد والاجتهاد، ينهل منه أطفالهم من مناهل العلم والتربية الحسنة، بالتحضير والاستعداد الذهني؛ لذلك ينبغي على الأهل العمل على خلق بيئة مثالية للطفل؛ لكسر حاجز الخوف من المدرسة. «الخليج» بحثت مع عدد من التربويين والاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين أهم أسباب القلق الذي ينتاب أولياء الأمور والطلبة مع بداية كل عام دراسي جديد، والمخارج العملية لترغيب الأطفال المستجدين بمدارسهم، وانعكاس البرامج التربوية التمهيدية على نفسياتهم؛ لمساعدتهم على التأقلم مع الأجواء والبيئة الجديدة بكافة مفرداتها وصيغها، مشيرين إلى أن حالة الخوف التي تظهر بين أوساط الطلاب الصغار حديثي الالتحاق بالمدرسة قابلة للتلاشي تدريجياً؛ إذا تم التعامل معها بشكل جيد من قبل الأسرة والمدرسة معاً، فيما تتعاظم وتصبح سلوكاً سلبياً لا يساعد على التحصيل الدراسي الجيد في حال إهمالها.في البداية، عرّفت حصة النعيمي «اختصاصية علم النفس»، ظاهرة «الرهاب»، التي تصيب الطلاب من المدرسة والدراسة بشكل عام مع بداية كل عام دراسي، بأنها ظاهرة نفسية شائعة إلى حد ما، خاصة في السنوات الأولى من الالتحاق بالمدرسة، التي من شأنها إرباك مسيرتهم التعليمية، وهذا النوع من الاضطراب النفسي الممزوج بالقلق يصيب الأطفال في عمر 6 و7 سنوات؛ بسبب الانفصال عن حضن الأم أو البعد عن الوالدين والإخوة فجأة، ما يخلق لديهم هذا الخوف، مشيرة إلى أن تأثير الوسط والبيئة الاجتماعية في التحصيل الدراسي للطفل، أمر في غاية الأهمية، فالاستقرار الأسري والاجتماعي يسهم بشكل كبير في تكوين الطفل، لافتة إلى أن تجربة التعليم المبكر للأطفال في الدول الغربية، تجعلهم يقبلون على المدرسة بسهولة دون أي رهاب أو صدمة من الوضع الجديد الذي انتقلوا إليه. أساليب التعليم وأشار حسن بن زايد الشامسي وكيل مدرسة، إلى أن الخوف من المدرسة لا يصيب فقط الطلبة المستجدين؛ بل أيضاً والكبار منهم، وغالباً ما يكون مرد هذا الخوف أساليب التعليم التي تعتمد على التلقين والحفظ والاهتمام بالكم وليس الكيف، كما تعد الدرجات أو العلامات هي المحدد الأول في اختيار تخصصه في المستقبل، وتلعب الأسرة أيضاً دوراً في عرقلة مسيرة الإبداع لدى الطالب؛ بفرضها تخصصاً بعينه، ما يتسبب في الخوف من الفشل.وقال: إن الراحة النفسية تسهم في خلق توازن اجتماعي نفسي للطالب، ما يجعله في انسجام مع المحيط الأسري والمجتمعي، وليس شخصاً انسحابياً يميل إلى العزلة، مشيراً إلى أن المدرسة والأسرة هما من يقدمان إلى المجتمع أشخاصاً مبدعين ومتميزين. مسؤولية مشتركة وأكدت تربويات وأمهات أنهن بذلن جهوداً لتهيئة الأبناء نفسياً للالتحاق بالمدارس، وأنهن رسمن في مخيلتهم صوراً جميلة؛ لمساعدتهم على التأقلم مع أجوائهم الجديدة؛ حيث حرصن على إظهار الجوانب الطيبة والمشرقة للبنية المدرسية، وتنظيم البرامج الترفيهية؛ لترغيبهم بالمدرسة.وقالت خاتون حسن اختصاصية اجتماعية في إحدى مدارس أبوظبي، إن استقبال طلبة السنة الأولى مهمة صعبة وغاية في التعقيد، إلا أن النجاح فيها من خلال تجاربنا الواقعية ليس مستحيلاً، مشيرة إلى أن المسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة؛ حيث تلعب الأسرة دوراً كبيراً في مساعدتنا كتربويين نحو الارتباط بالمدرسة، وتخطي عوامل القلق والرهبة منها لدى الأبناء، لافتة إلى أنه ينبغي على إدارة المدارس والمعلمين الأخذ في الاعتبار التأثيرات الإيجابية التي يولدها العطف، والابتعاد عن الشدة في التعامل مع طلبة هذه المرحلة، والحرص على أن يكون أسلوب المعلم ممتعاً ومفيداً. عامل الخوف وقالت شيخة الشامسي مديرة روضة، إن أبرز الصعوبات التي تواجهها في رياض الأطفال وعلى وجه الخصوص الأطفال في السنة الأولى، سببها حالات التصاق الأبناء بأمهاتهم وعدم بذل الأسرة الجهود المطلوبة لتهيئة أبنائها لقبول البيئة الجيدة التي سيقضون جزءاً كبيراً من وقتهم بين أحضانها، مؤكدة أن رياض الأطفال تحرص منذ الوهلة الأولى على كسر الحاجز النفسي بين معلميها والأطفال من أجل تهيئة الأجواء لهم للتأقلم مع البيئة الجديدة، مشيرة إلى أن من أبرز الأمور التي تأخذها رياض الأطفال في الاعتبار، أن الطفل الذي تستقبله في اليوم الأول ربما جاء من بيئة تعود فيها على الدلال الزائد، وأنه أصبح بعيداً عن حضن أمه التي يعتقد أنها ستصاحبه يومياً إلى روضته. بيئة جاذبة مها الميسري «تربوية» تشير إلى أنه من الضروري أن تتضمن جميع الأنشطة والفعاليات التي تنظم في أول أسبوع من العام الدراسي، مشاركة الأسرة، وأن تصمم بشكل جيد يوفر المرح والجذب للطلاب إلى بيئتهم الجديدة، مؤكدة ضرورة أن تحرص الإدارات المدرسية الحكومية والخاصة ورياض الأطفال على أن تكون مدارسنا ورياض الأطفال بيئة جاذبة بشكل مستمر. حكمة وذكاء فاطمة البستكي مديرة مدرسة حمدان بن زايد في أبوظبي، أشارت إلى أن انتقال الطفل من محيط بيئته المنزلية إلى المحيط المدرسي يتطلب تكيفاً منهجياً مع الوضع الجديد، وكلما كانت النقلة مبنية على أسس تربوية كان التكيف أكثر سلاسة وتفاعلاً مع المناخ الجديد، مشيرة إلى أن التربويين يعلقون أهمية كبرى على كيفية هذا الانتقال من حضن الأم ودفء الأسرة إلى مكان غريب، وأشخاص غرباء لم يسبق أن رآهم من قبل أو تعامل معهم، ويعتبرون هذا الابتعاد عن الأسرة بحد ذاته عاملاً مخيفاً ومقلقاً للطفل، يجب التعامل معه بحكمة وذكاء. فصول تمهيدية ودعا علي الحمادي، ولي أمر، إلى الاستفادة من الفصول التمهيدية؛ لتعويد الطفل على الجو المدرسي؛ للحيلولة دون هروبه من الدراسة مع بداية الأسبوع الأول من بدء الدراسة. بث الحماسة وترى رشا عبدالعزيز مشرفة تربية خاصة، أن اختفاء ظاهرة هروب الطالبات المستجدات من المدرسة في بداية الأسبوع الأول ترجع إلى الوعي من قبل الوالدين بأهمية العلم والتعليم وتواصل جهودهما لبث الحماسة لدى الطلاب للإقبال على الدراسة برغبة صادقة. والاختصاصي الاجتماعي أحمد الحوسني ينوه بخطورة وأهمية إعداد الطفل للتكيف مع المدرسة؛ حيث قال: إن عملية إعداد الطلبة المستجدين مع المدرسة من أشق العمليات الاجتماعية وأهمها فهي تحتاج إلى دراسة عميقة لكل فرد على حدة، والتعرف إلى حاجاته الفعلية ومتابعة سلوكه وتصرفاته؛ للوقوف على المعوقات التي صادفته في مجال الأسرة ومدى عمقها في حياته. تشكيل الشخصية وقال عبدالله الجابري اختصاصي اجتماعي، إن ما يحتاج إليه الطالب ليس المعلومة فقط، التي يمكن أخذها بطرائق بديلة ومصادر كثيرة، إنما هو بحاجة إلى أدوات لتشكيل شخصيته، مشيداً بالدور التربوي للمرشد الاجتماعي والنفسي والأنشطة الترفيهية التي توفرها المدارس؛ لتخفيف العبء الدراسي. تحلٍ بالأخلاق ترى سهيلة الزعابي معلمة أنشطة وفنون أن مهنة التعليم أمانة عظيمة، ما يستوجب من المعلم مراعاة تلاميذه بالتحلي بالخلق الحسن، والتلطف في معاملته لهم بما يكسبهم محبته والإقبال على الدراسة بنفس راضية ومتشوقة، ولين الجانب وعدم القسوة على الطلبة والابتعاد عن الألفاظ التي تحمل في مضمونها الإهانة والسخرية حتى لا يؤدي ذلك إلى نفور الطلبة من المدارس. ابتعاد تدريجي أشار الدكتور محمد عزالدين اختصاصي أطفال في إحدى المنشآت الصحية الخاصة، إلى أن التدرج البسيط بالابتعاد عن الطفل يعطيه الثقة بنفسه والانسجام مع الجو المدرسي، وكلما نجح مرة في الابتعاد عن الأم والتكيف مع بيئة المدرسة مع الأطفال كوفئ وأثيب على ذلك، ولا يشترط أن تكون المكافأة مادية، ويفترض الصدق مع الطفل والصراحة معه وعدم الكذب عليه أو غشه في التعامل معه، محذراً الأمهات من أن الكذب على الصغير وإيهامه بأنها ستغيب عنه لدقائق، ولم تعد إليه لتأخذه كما وعدته، سيؤدي إلى انعكاس سلبي على نفسيته.

مشاركة :