فوكيون كارفياس* التنازع العلني بين صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، أكبر شريكين في أزمة الديون اليونانية، أعطى نتائج لم تكن في صالح البنوك اليونانية فتراجعت أسعار أسهمه بشكل حاد.رجح صندوق النقد الدولي مؤخراً احتمال إعادة تقييم جودة الأصول اليونانية والحاجة لإعادة رسملة النظام المصرفي في البلاد. لكن مجرد الحديث عن مثل هذه الاحتمالات يعرض للخطر مصداقية الصندوق حول الأهداف التي حددها لنفسه منذ بداية أزمة الديون السيادية اليونانية.وفي حال نجح الصندوق في دفع الدائنين لتنفيذ هذه الخطوة فسوف تكون هذه هي المرة الرابعة التي يتم ضخ الأموال في النظام المصرفي اليوناني خلال خمس سنوات ما يعني أن مالكي الأسهم في البنوك اليونانية بمن فيهم الحكومة سيتعرضون مرة ثانية لتجفيف استثماراتهم في تلك البنوك. ولا بد أن يتساءل هؤلاء عن جدوى ضخ الأموال للمرة الرابعة إذا كانت المرات الثلاث السابقة لم تسفر عن الفائدة المتوخاة منها. كما أنهم سوف يتساءلون عما هو مطلوب لتفعيل جهود البنوك اليونانية التي تبذلها منذ عام 2015 لاستعادة الثقة.وقد أخضع البنك المركزي الأوروبي البنوك اليونانية لاختبارات الشدة ومراجعات الأصول منذ عام 2015. ومنذ ذلك التاريخ يظهر الاقتصاد اليوناني مستويات أداء مرضية وأفضل بكثير من مستويات أدائها التي على أساسها تم إخضاع البنوك لاختبارات الشدة، كما أن مؤشرات عمل النظام المصرفي قد تحسنت عموماً.ومعيار القياس الحقيقي لانتعاش الاقتصاد اليوناني هو في قدرة البنوك على التعامل مع كم القروض الهالكة بطريقة منهجية ومجدولة زمنياً. ولم تكن البنوك في يوم من الأيام أقدر على معالجة هذه المشكلة مما هي عليه اليوم. كما أن الأدوات القانونية المطلوبة متاحة بيسر وتحقق البنوك تقدماً واضحاً على طريق التخلص من محفظة القروض الهالكة.إلا أن التنازع العلني بين صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، أكبر شريكين في أزمة الديون اليونانية، يعطي نتائج عكسية. وقد تراجعت أسعار أسهم البنوك بشكل حاد. وربما تتعرض معدلات العائد على الودائع لضرر بالغ بعد استقرارها منذ إنجاز المراجعة الثانية لبرنامج الإنقاذ اليوناني في يونيو/ حزيران الماضي.وكرس الصندوق كثيراً من المال والجهد والوقت لدفع انتعاش الاقتصاد اليوناني قدماً. وكثيراً ما قال مسؤولون فيه إن الأزمة اليونانية باتت من الماضي. ولهذا عليهم أن يدركوا أن الحديث علناً عن إعادة رسملة البنوك اليونانية سيكون له تأثير سلبي. فالبنوك اليونانية تلعب دوراً محورياً في ترسيخ ثقافة تسديد أقساط القروض على مستوى البلاد. كما أن أكثر من 25% من القروض الهالكة في ذمة كبار المدينين الاستراتيجيين أي الشركات والعائلات التي تملك القدرة على السداد وتتمنع عنه لأنهم يعتقدون أن بوسعهم التهرب من الدفع والإفلات من المساءلة.ولا شك في أن استئصال مشكلة المعسرين الاستراتيجيين مهم جداً لإنعاش البنوك اليونانية والاقتصاد اليوناني على المدى البعيد. لكن الحديث عن إعادة رسملة البنوك يطرب المتهربين من السداد لأن البنوك ستحصل على مزيد من النقد لتنفقه ومع غياب ملاحقة المفلسين ستتسع دائرة شطب الديون.ومن هنا فإن الحديث علناً عن إعادة رسملة البنوك هو دعم للفوضى. والبنوك اليونانية لديها برنامج عمل وهي بحاجة للالتزام بالخطة التي تم الاتفاق عليها مع الجهات الرقابية الأوروبية لتخفيض حجم القروض الهالكة وتنشيط حركة القروض إلى الحد الأقصى. وفي نفس الوقت هناك حاجة لتعزيز ثقافة تسديد القروض عبر تقليص دائرة الفوضى الأخلاقية. وقد التزمت كافة البنوك اليونانية بالبرنامج المتفق عليه مع هيئة الرقابة الأوروبية. وتعتقد بعض البنوك أن هذا البرنامج سوف يحقق الأهداف المرجوة منه. ولا داعي للتأكيد على أن تلك البنوك مستعدة لاختبارات الشدة والمراجعات التي تجريها الهيئة أو البنك المركزي اليوناني.ولا شك في أن البنوك اليونانية بحاجة لخريطة طريق من أجل تطبيع أوضاعها واستعادة الثقة. وقد تم وضع خريطة طريق وجدول زمني بالتعاون بين الأطراف المعنية بالأزمة ومن المفروض في الجميع الالتزام بكل ما تم الاتفاق عليه. أما التهويش ونشر الشائعات بين الحين والآخر فهو جهد سلبي ينبغي الكف عنه والتنبه لأضراره قبل أن يفوت الأوان. * الرئيس التنفيذي - بنك - «يوروبانك إرجاسيا» اليوناني
مشاركة :