التاريخ يخفي أحياناً بعض التفاصيل وأحياناً أخرى لا يلتفت إليها، قد يكون بعضها مهماً فيلحظها المدققون المتخصصون، الذين يزعجهم الجنوح ويرهبهم التطرف، لكننا تعلمنا من التاريخ «أبطال العقود الماضية» أن الصوت النشاز الذي يختبىء في الأوركسترا سيظهر لا محالة، حتى لو اضطر «المايسترو» وأعضاء الفرقة إخراجه بالقوة! دول الخليج ومنذ عقود عزفت «سيمفونيات» أذهلت العالم، تحولت من صحراء قاحلة، إلى مراكز متقدمة في كثير من المجالات وراحت تناطح السحاب، ساد بين شعوبها الاحترام المتبادل للسيادة والخصوصية وبدا التماسك والتعاضد كأنهم الجسد الواحد، لكن صوت النشاز، ومنذ أواسط تسعينيات القرن الماضي راح يعبث بالمنظومة المتآلفة المتكاملة، وبدا أن قطر الصغيرة وقعت في براثن الغيرة والحقد وأرادت أن تكون هي «المايسترو»! صوت الدوحة النشاز، وعبر منبرها الجزيرة الحرباء التي تبدل ثوبها كل يوم، لم تستح من تقديم تقارير مزورة مفبركة غامضة مشوشة حول انتصارات الحوثيين في اليمن، وفي المقابل الطعن والضرب بالتحالف العربي، مع أنها وقبل مائة يوم فقط كانت تدّعي أنها جزء من التحالف لإعادة الأمل إلى اليمن وتؤيد قوات عاصفة الحزم وتستعرض ضمن تقاريرها خسائر الحوثيين!! اليوم تبدّل صوت الجزيرة الناشز، بل صارت تذكر وبصورة مؤسفة تماماً أن الشهيد السعودي أو الإماراتي قد أصبح «قتيلاً» لدى مرتزقة القناة ومحرريها، وباتت تذكر أن المرابطين في الحد الجنوبي هم أعداء لليمن ثم أعلنت عن خسارة التحالف الحرب سلفاً، عدا التقارير المصطنعة التي تحاول أن تصوّر السعودية أنها على وشك الانهيار! يتّهم صوت الدوحة النشاز دولة الإمارات بأنها تحتل سقطرى اليمنية والسيطرة عليها عبر وصول شبكة إتصالات الإمارات هناك، والمضحك المبكي أن الحرباء الجزيرة أجرت لقاءات مع مسؤولين ومواطنين يمنيين فكانت الإجابات مغايرة لما سعى إليه مراسل الحرباء وعجز عن فبركته، فثمّن اليمنيون جهود الإمارات في تقديم المساعدات الكثيرة المباشرة وغير المباشرة. أوضح سكان وأهالي سقطرى أن شبكة اتصالات الإمارات هي أقوى من أي شبكة أخرى وذلك بسبب تدمير الحوثيين لشبكة الإتصالات لديهم، وكذلك في مسألة نقل ملكيات قطعة أرض هناك والإدعاء أن الإمارات أرسلت وكيلاً لها لشرائها، مما أثار أسفي على ما بلغته الصحافة من انحطاط، حيث كانت الإجابات مجتزءة ومقطّعة وأحدها بدا بشكل لا يقبل الجدل أنه ينقل نصاً مكتوباً رديئاً مقابل حفنة من الريالات القطرية. نعلم أن تنظيم الحمدين، وقبل انكشاف أمره وانكشاف أمر الحرباء الجزيرة وحين كانوا يدّعون الود والمحبة كانوا يكرهون أن يذكروا إنجازات الإمارات في كافة الميادين الإقتصادية والصناعية والتعليمية والإنسانية وغيرها، فكيف ستتجرأ قلوبهم المليئة بالحقد الآن على ذكر المساعدات الإماراتية الهائلة إلى اليمن والتي تقدر بملايين الدولارات والتي يعرفها كل مواطن يمني. صوت الجزيرة النشاز لا يزال مستمراً بالتضليل والتجييش وبث الحقد والكراهية، ويبدو أن إعلان تنظيم الحمدين الحرب على الأشقاء، وبعد أن قدم فروض الطاعة والولاء لأسياده الجدد القدامى وظنّ أنه قد كسب حمايتهم، قد أصبح حقيقة يحاول عزفها بصوتين متبدلين أولهما أمام المجتمع الدولي محشو بالمظلومية المزعجة، والثاني التحول إلى معسكر الإرهاب بشكل علني مع الحوثيين وحزب الله وداعش وإيران وتركيا. كان أحد أهم مطالب دول مكافحة الإرهاب هو إسكات نشاز جزيرة الدوحة التي عجز المستمعون عن الاستمرار في الاستماع إليها لعظم الأذية التي أحدثتها في الآذان والقلوب، ولكن يبدو معقولاً أن تنظيم الحمدين يرفض ذلك وسيبقى «رافضاً» لأنه أصبح واضحاً للجميع أن قطر هي الجزيرة الحرباء، ولو افترضنا أنه قد تم إغلاقها فلن يعود هناك شيء اسمه قطر! أتحدى «الحمدين» إغلاق الجزيرة الحرباء!
مشاركة :