الحكومة التونسية تضاعف عمليات التوقيف بحق المهربين والمهاجرين بعد أن سجلت ارتفاعا غير اعتيادي في عدد الشباب الذين اختاروا الهجرة بسبب وضعهم الاجتماعي.العرب [نُشر في 2017/10/15]انسداد الأفق يدفعهم إلى مغامرة الموت تونس- رأى حافظ "الموت أمامه" لدى محاولته الهجرة بطريقة غير شرعية الى اوروبا. رغم ذلك، لا تزال فكرة ركوب البحر الى القارة العجوز تسيطر على هذا الشاب التونسي البالغ من العمر 26 عاما. وبلغت حركة انطلاق القوارب باتجاه اوروبا ذروتها في سبتمبر، ما يعكس المعاناة المستمرة للشباب في تونس. وقضى ثمانية مهاجرين على الاقل غرقا بعد جنوح مركبهم اثر اصطدامه في 8 اكتوبر ببارجة تابعة للبحرية التونسية قبالة سواحل ارخبيل قرقنة، في حادث اعاد الى الواجهة ظاهرة مزمنة تعاني منها تونس. وتمكنت البحرية التونسية من انقاذ 38 شخصا، في حين تفيد منظمات انسانية ان عدد المفقودين جراء الحادث قد يصل الى ما يقارب من 40. ووصف رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد الامر بانه "كارثة وطنية"، فيما فتحت المحكمة العسكرية التونسية تحقيقا في الحادث. موجة هجرة ويأتي الحادث وسط ارتفاع "غير اعتيادي" في عدد المهاجرين غير الشرعيين باتجاه ايطاليا انطلاقا من تونس في الاسابيع الاخيرة، بحسب المنظمة الدولية للهجرة. وأفادت المنظمة أن "1357 تونسيا وصلوا الى سواحل ايطاليا بين يناير واغسطس"، مشيرة الى وصول 1400 تونسي الى لامبيدوزا وغرب صقلية خلال شهر سبتمبر فقط مقابل 1200 وصلوا الى ايطاليا عام 2016. ويعتبر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة غير حكومية) ان السبب الاساسي وراء "موجة" الهجرة هو الاحباط الذي يعاني منه الشباب. ويقول الناطق باسم المنتدى رمضان بن عمر ان الناجين هم من سكان مناطق محرومة مثل القصرين (وسط)، وبن قردان (جنوب) واحياء شعبية من تونس العاصمة. ويضيف بن عمر ان بلوغ حركة انطلاق القوارب باتجاه اوروبا ذروتها "مرتبط بحجم الحرمان الذي يعاني منه الشباب التونسي، وبالازمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعانون منها وبالمؤشرات السلبية التي تعطى لهم"، مثل ترديد مقولة عدم وجود فرص عمل على سبيل المثال. وتواجه تونس مشاكل لا سيما على الصعيد الاقتصادي حيث ترتفع نسبة البطالة، خصوصا في صفوف الشباب، على الرغم من ان البلاد نجحت في تحقيق تحول سياسي بعد الثورة في 2011. استياء وكان حافظ على متن القارب الذي غرق مساء الاحد حيث صدمة الغرق سلبت منه النوم، الا ان الشاب المتحدر من المحرس (وسط-شرق) مصمم على معاودة الكرة. ويقول حافظ "اعمل شهرا واحدا ومن ثم لا شيء لسنتين. وحتى اذا عملت نادلا في احد المقاهي فان عشرة دنانير (3,5 يورو) في اليوم لن تكفيني للعيش"، مؤكدا استياءه الشديد" حيال الأوضاع في بلاده، حيث لا يرى "اي افق للمستقبل". ومن اجل جمع مبلغ ثلاثة آلاف دينار (1025 يورو) اضطر حافظ لبيع دراجته النارية الصغيرة، كما باعت والدته مجوهراتها واقترض المبلغ المتبقي. ويقول ان وجهته هي ايطاليا ومن ثم فرنسا، حيث يريد ملاقاة اصدقاء وعدوه بالعمل في طلاء المباني. ويقول الشباب التونسيون ان المخاطر تستحق كل هذا العناء. ويقول زياد، الذي تم انقاذه مع اخيه من الغرق، "انا ميت بجميع الاحوال". بدوره لم يتمكن الكهربائي خالد (27 عاما) من العثور على وظيفة ثابتة واضطر الى الغاء خطوبته لانه لم يتمكن من جمع الاموال للزواج، بحسب شقيقه. وادت كارثة الغرق الى فتح نقاش حول تحفيز الشباب. ويتفهم البعض المرارة التي يعانون منها فيما يتهمهم آخرون بقلة "المثابرة" و"الوفاء للوطن". وأكد السلطات التونسية انها ضاعفت عمليات التوقيف بحق المهربين والمهاجرين. وتحذر منظمات غير حكومية من استمرار هذه الظاهرة لعدم وجود بدائل افضل امام التونسيين. ويكشف المنتدى ان عددا من صيادي الاسماك الذين تأثروا جراء التلوث واعمال الصيد المرتبطة بالصناعات الغذائية اضطروا الى دخول مجال تجارة البشر. ويتساءل والي قبلي الواقعة في جنوب البلاد سامي الغابي تعليقا على الموجة الاخيرة للهجرة ما اذا كان سببها تراخ متعمد من قبل السلطات الايطالية. وفي تصريح يقول الغابي "هل الحدود من الجانب الايطالي مؤمنة أم لا؟"، مضيفا أن "الجانب الايطالي ربما يريد الضغط على الاتحاد الاوروبي" للحصول على مزيد من الموارد.
مشاركة :