• عندما تقود سيارتك في أي مدينة عربية، فأنت بحاجة ماسة لبعض من سوء الخلق. تحتاج أن تتخطى دورك وأن تكسر القانون دائماً، وتحتاج أيضا ألا تلاحظ سوء تصرف غيرك من قائدي المركبات. إن لم تفعل هذا والتزمت بالقوانين وحسن الأخلاق فسوف تصل بيتك بعد أن ارتفع ضغطك وأصابك ألم في صدرك وتم تخطي دورك وأحقيتك بالمرور عشرات المرات! في انجاز معاملاتك الرسمية الحكومية، أنت بحاجة إلى هذه الخلطة من الكذب والمراوغة والتحايل، لأنك إن لم تفعل فسيكون حقك مهضوما بلا أي شك، وسيحصل غيرك من المراوغين على كثير من الحقوق التي حرمت منها، وهو ما سيسبب لك الأمراض بسبب الغضب والاحساس بالغبن! حتى وأنت تتعامل مع أفراد مجتمعك، إن لم تكن ذئبا لعبت في حماك الثعالب، ومعنى أن تكون ذئبا هو أن تكون شرسا لعوباً محتالاً طويل لسان، وإلا فإن الكل سيأكل حقك من دون أي مبالاة لحسن خلقك. ستصاب بالأمراض بسبب هذه الأحاسيس التي تشعرك بالغبن والغثيان! • السؤال مرة أخرى: هل حسن الخلق يسبب الأمراض في مجتمعاتنا؟ وهل يعيش سيئ الخلق في مجتمعاتنا أفضل حالا من حسنه؟ يروي عبدالله بن طاهر، وهو صاحب الخليفة المأمون، أنه كان عنده يوماً فنادى بالخادم: يا غلام. فلم يجبه أحد. ثم نادى ثانية، وصاح: يا غلام. فدخل غلام تركي وهو يقول: ما ينبغي للغلام أن يأكل ولا يشرب! كلما خرجنا من عندك تصيح يا غلام! فنكس المأمون رأسه طويلاً، فما شككت أنه يأمرني بضرب عنقه، ثم نظر إلي، وقال: يا عبدالله إن الرجل إذا حسنت أخلاقه ساءت أخلاق خدمه، واذا ساءت أخلاقه حسنت أخلاق خدمه! • ما أبلغها من عبارة «إذا حسنت أخلاقنا ساءت أخلاق خدمنا واذا ساءت أخلاقنا حسنت أخلاق خدمنا»، ولا أظنها إلا أنها صادقة حتى مع المجتمع! ولهذا قال المتنبي: ذو العقل يشقى في النعيم بعقله واخو الجهالة في الشقاوة ينعم • قطعا هذه ليست دعوة لسوء الخلق ولا للاحتيال وكسر القوانين والأنظمة، لكنها معضلة اجتماعية، كيف تربي أبناءك؟ هل تسكت عنهم وتغض الطرف حين تراهم يحتالون أو يكسرون قانونا كما يفعل أقرانهم أم تنهاهم ليجلسوا مكتوفي الأيدي وهم يرون الفرص تتخطف من أمامهم ويفوز باللذات من كان محتالاً؟ • أنا شخصياً لا أملك جوابا عن هذا السؤال، وربما أني لا أجرؤ عليه، لكن الحقيقة التي لا يمكن انكارها أن الاخلاق والالتزام بحسنها وبالقوانين متعب في بلادنا العربية! lawyermodalsbti@
مشاركة :