لم يعد منطقياً أن تبقى دول المنطقة ضبابية الموقف في تعاملاتها مع إيران، في ظل انكشاف الأخيرة بدعم الإرهاب، وتأجيج بؤر الصراع المختلفة في المنطقة، وسعيها الدائم لامتلاك أسلحة ممنوعة دولياً، لترفع من مستوى جرائمها النوعي والكمي. المملكة الأردنية كانت من بين الدول الأكثر وضوحاً في إعلان موقفها من إيران، حيث صرح العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، في مناسبات عدة، بأن إيران الراعي للجماعات الإرهابية، وأنها تسعى بمخططاتها للسيطرة على المنطقة، وزيادة نفوذها عسكرياً فيه. وقد حذر في عديد من المحافل الدولية، من المد الإيراني والتوسع العسكري غير المشروع. ويرى محللون أن الموقف الأردني ينسجم مع الاستراتيجية الأميركية، التي تصب في نهاية الأمر في مصلحة كل دول العالم، بما فيهم الأردن ودول مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً أن العلاقة الأردنية الإيرانية، هي علاقة متعثرة وضعيفة منذ الأزل، ولم تشهد مراحل انتعاش، إلا ضمن مراحل محددة، ولم تدم طويلاً. والتصعيد الذي تتمسك به إيران في دعمها لملف الإرهاب، سيقف عائقاً أمام تحسن العلاقات، وعودة الأمور إلى نصابها. المختص في الشأن الإيراني، د. نبيل العتوم، يقول في تصريح لـ «البيان»: إن الأردن يعتبر أحد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وهنالك اعتبارات عدة في الأزمة مع إيران، ومن أهمها أنه يعي تماماً أهمية المجريات السياسية الدولية والإقليمية ودوافعها، خصوصاً أنه كان وما زال مع نزع أسلحة الدمار الشامل، ويرفض بتاتاً التدخل الإيراني في المنطقة، واستغلال أي مدخل لتأجيج الصراع والتوسع الطائفي في ظل ذلك. وأضاف العتوم: «فمنذ سنوات عدة، اعتبر الأردن، إيران، إحدى الدول التي لها مواقف غير بناءة، ولا تنسجم مع مصالح أردنية كثيرة، منها الأزمة العراقية، التي ترى فيها إيران فرصة لها لمد جسر لنفوذها والتوغل، بالإضافة إلى الأزمة السورية، التي أظهرت إيران ولعبت دوراً سلبياً لا يمكن نكرانه، من خلال زج المليشيات التي ركزت جهودها لتفجير الوضع السياسي الداخلي». وأكد أن دور موقف الأردن سيكون منسجماً مع الإدارة الأميركية ودول مجلس التعاون الخليجي في مكافحة الإرهاب، وأن الاستراتيجية الأميركية فرصة تاريخية للحد من النفوذ الإيراني، ودفن مشروع الهلال الشيعي، الذي يهدف إلى تمزيق الدول وبث الفتن فيها. انسجام المواقف بدوره، يبين الخبير الاستراتيجي، د. عامر السبايلة لـ «البيان»، أن الأردن من مخاوفه الدائمة، التغول الإيراني في المنطقة، ويعتبره أحد التحديات المهمة، التي يجب التصدي لها، وخاصة عندما وصل الحرس الثوري الإيراني إلى الجنوب السوري، فقد استشعر الأردن خطورة هذا السياسية التوسعية الطائفية غير المقبولة. وللحد من هذه السياسة، يجب أن يكون هنالك إجماع من عدد كبير من الأطراف، حتى يتم عزل إيران، وهذا ينطلق من الاستراتيجية الأميركية التي تهدف إلى اتخاذ إجراءات واضحة ضد إيران. في الأثناء، أكد رئيس قسم العلوم السياسية في الجامعة الأردنية، د. محمد الخريشة لـ «البيان»: إن موقف الأردن تجاه إيران وسياستها التوسعية، التي تعزز الطائفية، هو مرفوض، بالإضافة إلى رفضه المشروع النووي الذي يشكل خطراً، والنظام الإيراني يدرك هذا الرفض الأردني. ومن الجهة الأخرى، يرى أن الخطوة الأفضل في ظل متغيرات الظروف التي تمر بها المنطقة، أن تقدم إيران على خطوة إظهار حسن النية، حتى لا يتم تجاهلها وعزلها. موقف أشار المختص في الشأن الإيراني، د. نبيل العتوم، إلى أن زج الحرس الثوري الإيراني على الحدود الشمالية للأردن، وإنشاء مليشيات طائفية من مختلف الجنسيات، وتوفير الدعم لحزب الله، عوامل مختلفة، جعلت من الأردن أن يتخذ موقفاً حازماً إزاء السياسية الإيرانية، التي ترعى وتصدر وتهدد المنطقة.
مشاركة :