لأول مرة تتفق تلك القوى داخل البرلمان العراقي، منذ سنوات، على موقف واحد يرفض تقسيم البلاد، ومنحت رئيس الحكومة حيدر العبادي، بالأغلبية، تخويلًا شاملًا لإفشال مخطط الانفصال، وعودة سلطة الدولة على جميع المناطق. موفق الربيعي، عضو التحالف الوطني الشيعي، (180 مقعداً في البرلمان من أصل 328 مقعد)، يقول إن القوى السياسية وجدت أن "استفتاء الانفصال أخطر من تنظيم داعش". ويضيف الربيعي، في حديثه للأناضول،: "يمكن القضاء على داعش بالقوة العسكرية، أما الانفصال فهو بداية لمشاكل كبيرة تجر البلاد إلى نفق مظلم". ويتابع: "أغلب القوى السياسية السُنية اتفقت مع التحالف الوطني (الشيعي) على رفض الاستفتاء". ويوضح الربيعي، أن ذلك تُرجم بالقرارات الرافضة للاستفتاء، والتي أصدرها البرلمان في وقت سابق، ورفضت الاستفتاء، وخولت العبادي، باتخاذ جميع الإجراءات لبسط سلطة الدولة الاتحادية في عموم البلاد. ويقول أيضا: "لا يقتصر الأمر على الاتفاق بين التحالف الوطني والقوى السياسية السُنية، بل إن هناك تقاربا شيعيا مع بعض القوى السياسية الكردية المعارضة؛ كحركة التغيير، وبعض الأطراف الإسلامية في الإقليم". ويؤكد عضو التحالف الوطني الشيعي، أن هذه القوى "تشاطرنا الرأي بشأن المخاوف من مرحلة ما بعد الاستفتاء، والخشية من فقدان الإقليم جميع الامتيازات ومكتسبات الشعب الكردي للسنوات الـ25 الماضية". وتوقّع الربيعي، أنه في حال تعنّت رئيس إقليم شمالي العراق، مسعود بارزاني، بعدم التنازل عن نتائج الاستفتاء، سيصبح الإقليم "مصدر قلق واضطراب وعنف يهدّد كل المصالح والإنجازات". ولجأت الحكومة المركزية في بغداد إلى فرض إجراءات ضد الإقليم الكردي، بدأت بمنع الرحلات الجوية الدولية إلى مطاري أربيل والسليمانية، وإخضاع شبكات الاتصالات للهواتف النقالة في للسلطة الاتحادية ونقلها إلى بغداد. وتضمنت الإجراءات الاتحادية الطلب من تركيا وإيران التعاون "حصرا" مع بغداد، بشأن المنافذ الحدودية والصادرات النفطية في خطوة للسيطرة على الصادرات النفطية للمنطقة الشمالية. بدوره، يرى عبد الكريم عبطان، عضو ائتلاف الوطنية بزعامة إياد علاوي (21 مقعداً من أصل 328 مقعداً)، أن ثوابت القوى السياسية العلمانية والسُنية التقت، ومصالح القوى السياسية الشيعية والخاصة بالحفاظ على وحدة العراق ورفض مساعي التجزئة أو الانفصال. ويقول عبطان، للأناضول، إن "الجوانب الوطنية بالنسبة للقوى السياسية تلاقت بقضية الاستفتاء، على اعتبار أنه أحادي الجانب، وقد يدخل البلاد في حرب أهلية". ويوضح أن "الكرد (شمالي العراق) يتحدثون عن الانفصال الذي يشمل المناطق المتنازع عليها، وهذا سيقود إلى إحداث شرخ كبير داخل تلك المناطق". ويضيف عبطان، أن "الخطوات التي اتخذتها الحكومة الاتحادية (في بغداد) لن تتراجع عنها، وهي متعلقة ببسط سلطة الدولة في جميع المناطق بما في ذلك الإقليم، عن طريق السيطرة على المطارات والمنافذ الحدودية وإدارة المناطق المتنازع عليها، استنادا إلى الدستور العراقي". والثلاثاء الماضي، قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، إن إدارة الملف الأمني في المناطق المتنازع عليها من صلاحيات الحكومة الاتحادية، داعيا قوات البيشمركة (حرس الإقليم) إلى عدم التصادم مع القوات الاتحادية. ويعتقد أصحاب القرار في إقليم شمالي العراق، بأن المواقف التي تبنتها القوى السياسية الشيعية والسُنية برفض الاستفتاء وفرض حصار على الإقليم، أهدافها سياسية، تتعلق بالتحضير للانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في أبريل/ نيسان 2018، لكسب الأصوات. وفي هذا الصدد، تقول "أشواق الجاف"، عضو البرلمان العراقي والقيادية في "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، (19 مقعداً من أصل 328 مقعداً)، إن "التقارب الحاصل بين القوى السياسية داخل البرلمان بسبب أزمة الاستفتاء هو مادة انتخابية تبنتها كل الكتل السياسية لكسب أصوات الناخبين في انتخابات العام المقبل". وتضيف "الجاف"، للأناضول،: "لغاية اليوم نقول إن الإقليم مستعد للجلوس والحوار مع الحكومة الاتحادية على كل شيء". وتابعت: "رفض الحكومة الاتحادية الحوار، يدفع الإقليم إلى الانفصال، ونحن نتبنى الحوار القانوني والدستوري، لكن للأسف أصبح أي شخص يعادي الإقليم باستطاعته جمع أصوات أكثر في الانتخابات". وتعتبر أن لهذا السبب "تحولت القضية (الإقليم) إلى مزايدات سياسية". وترى "الجاف"، أن "بعض القوى السياسية (لم تسمّها) دفعت باتجاه فرض عقوبات اقتصادية على الإقليم، من منطلق لا يتعلق ببعد وطني". وتضيف: "طالبنا، قبل إجراء الاستفتاء، بتحديد موعد بديل حتى يتم تأجيله، لكن لم تكن هناك جدية من جميع الأطراف". ويقاطع النواب الأكراد (65 من أصل 328 نائباً)، منذ نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، جلسات مجلس النواب العراقي؛ اعتراضاً على رفضه الاعتراف باستفتاء انفصال إقليم شمالي العراق. وأجرى إقليم شمال العراق، في 25 سبتمبر /أيلول الماضي، استفتاء الانفصال، وسط رفض محلي وإقليمي ودولي. وقبل منتصف ليل الأحد/الإثنين، بدأت وحدات من الجيش العراقي وقوات النخبة وأخرى تابعة لوزارة الداخلية بالإضافة إلى فصائل الحشد الشعبي، التقدم باتجاه مركز مدينة كركوك (المتنازع عليها مع إقليم شمال العراق)، الخاضعة لسيطرة البيشمركة منذ 2014. وبالتزامن، دخلت فصائل من الحشد الشعبي، إلى قضاء طوزخرماتو، الذي تتواجد فيه قوات من البيشمركة. وتأتي تلك التطورات بعد ساعات من تصريح للعبادي، اعتبر فيه أن استقدام وحدات من البيشمركة وأخرى تابعة لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، لمحافظة كركوك، بمثابة إعلان حرب على بغداد. وتصاعد التوتر بين البيشمركة والقوات العراقية في الأيام القليلة الماضية في مناطق التماس بين الجانبين جنوبي محافظة كركوك. وسيطرت البيشمركة على كركوك في أعقاب انسحاب الجيش العراقي منها أمام اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي شمال وغربي البلاد صيف 2014. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :