مواقف باسيل «النارية» تهدد المصالحة و «التقدمي» لتطويقها لدى عون والراعي

  • 10/17/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

فوجئت معظم القوى السياسية وأولها الحزب «التقدمي الاشتراكي» بالمواقف «النارية» التي أطلقها رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل خلال جولته على عدد من القرى في قضاء عاليه، وفيها أن العودة لم تتم والمصالحة لم تكتمل في الجبل و «نريدها أن تكتمل وأن تكون العودة حقيقية وناجزة عبر انتخاب يمثل أهل هذه المنطقة التمثيل العادل». ما اضطر رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط إلى الرد عليه بطريقته الخاصة في تغريدة له قال فيها: «السلام عليك يا بطريرك السلام ما نصرالله بطرس صفير والسلام عليك يا بطريرك المحبة مار بشارة بطرس الراعي»، في إشارة الى أن الأول رعى المصالحة بين الدروز والمسيحيين في الجبل في آب (أغسطس) 2001 والثاني باركها ودعا إلى تثبيتها وحمايتها. وفي السياق نفسه اعتبر عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب أكرم شهيب أن «المصالحة تشكل خطاً أحمر في مسيرتنا السياسية التي لم ولن تبنى على مقعد نيابي بالزائد أو بالناقص»، فيما حذر زميله في اللقاء وائل أبو فاعور من الانجرار الى منطق الكراهية ونبش القبور، ما اعتبر رداً على قول باسيل إن من حق المواطن أن يعرف أين تراب أهله وعظامهم. وعلمت «الحياة» أن موقف باسيل سيتفاعل في الوسط السياسي لما له من تداعيات سلبية على التعايش الدرزي - المسيحي في الجبل من شأنها أن تنعكس سلباً على الاستقرار في البلد وتعيد الاحتقان المذهبي والطائفي الى ما كان عليه في الجبل قبل إتمام المصالحة التي يسعى «التيار الوطني» إلى إطاحتها، خصوصاً أن موقفه منها لم يكن خافياً على أحد وكان سبق لباسيل أن اعتبرها لاغية بذريعة أنه لم يشارك في إنجازها. كما علمت أن أبو فاعور أجرى ليل أول من أسم اتصالاً «ساخناً» بباسيل سأله فيه عن الدوافع من نبش القبور وإذا كان بموقفه هذا يدعم المصالحة ويثبتها. ورد الأخير أن ما يقوله يعبر عن الحقيقة وأن المصالـــحة لم تنجز وأن الحزب «التقدمي الاشـــــــتراكي» يواصل حملاتــه الســياسية والإعــلامـــية ضد «التيار الوطني»، لكن أبو فاعور نفــــى ما قاله وطلب منه أن يدعم ما يقوله بأدلة وقرائن بدلاً من أن يوزع الاتهامات جزافاً وأكد له أن «التيار الوطني» لم يكن موجوداً أثناء إتمام المصالحة برعاية البطريرك صفير وأنه كان دعي الى حضور اللقاء الذي رعاه البطريرك الراعي لمناسبة مرور 16 عاماً على إتمام المصالحة لكنه لم يلب الدعوة. وبادر أبو فاعور أيضاً الى التواصل ليلاً مع رئيس الحكومة سعد الحريري أثناء وجوده في روما وأرسل إليه رسالة نصية للمواقف التي أطلقها باسيل. وفيما اعتبرت مصادر سياسية أن موقف باسيل لا يستهدف «التقدمي» فقط وإنما ينسحب هجومه على حزب «القوات اللبنانية» باعتبار أنه كان أحد الشركاء في إتمام المصالحة، وهذا ما يدل على أن علاقة الأخير بباسيل ليست على ما يرام وأن «إعلان النيات» بينهما يقترب من حافة الهاوية بسبب تراكم الخلافات وهذا ما تظهره المداولات في مجلس الوزراء التي تتخللها في غالب الأحيان سجالات حادة بين وزراء من الطرفين. وتسأل المصادر: أين يقف رئيس الجمهورية ميشال عون من مواقف باسيل هذه وهل له مصلحة في إقحام البلد في أزمة سياسية وهو يقترب من دخول عهده عامه الثاني. وهل يبادر الى التدخل للحؤول دون الاحتقان في الجبل قبل أن يفعل فعله، خصوصاً أن لا مبرر لباسيل للتهجم على «التقدمي» إلا إذا كان، كما تقول مصادر الأخير، «ينطلق من مواقف شعبوية تكون ركيزة حملته الانتخابية لكسب ود المسيحيين بذريعة أن هناك من يحاصره انتخابيا»ً. وقالت المصادر إن «لا مبرر للتصرف العدائي لباسيل حيال «التقدمي» إلا إذا كان يتحفظ على التوافق بين «اللقاء الديموقراطي» و«القوات»، مع أن الطرفين لم يغلقا الباب أمام الحوار مع «التيار الوطني» الذي يتصرف «كأنه الممثل الأقوى للمسيحيين وأن لا شيء يمر من دون الحصول على موافقة مسبقة منه». وتقول مصادر التقدمي أنه لن يبقى صامتاً حيال ما أطلقه باسيل من مواقف تؤسس، لمرحلة جديدة من النزاعات في الجبل، وسيبادر الى التحرك في وقت قريب في اتجاه الرئيس عون باعتبار أنه في طليعة المعنيين بتجنيب الجبل ما يطيح المصالحة ويهدد العيش المشترك بين الدروز والمسيحيين، «لأنه من غير الجائز لرئيس تيار كان أسسه رئيس الجمهورية أن يعود لاستحضار لغة الحرب». كما سيبادر «التقدمي» الى التواصل مع البطريرك الراعي فور عودته من روما لأنه كان أول من بارك المصالحة التي رعاها سلفه البطريرك صفير متمنياً عليه القيام بدور فاعل لحماية هذه المصالحة وتحصين الشراكة لقطع الطريق على من يحاول جرّ البلد الى حال من الفوضى التي سادت الجبل ومناطق لبنانية أخرى قبل المصالحة التي أوقفت النزاعات فيه وأعادته الى ما كان عليه قبل اندلاع الحرب الأهلية. أما في المقلب الآخر، فلا بد من ترقب ما سيصدر عن «القوات» التي أصابتها شظايا مواقف باسيل وتعتبر نفسها مستهدفة من خلال استهداف المصالحة، مع أنه تجنب ذكرها وأصر على فتح سجال صدامي مع «التقدمي» لا تقبل به قيادة القوات، «ولن يجد من يناصره في إصراره على التصعيد السياسي». وهناك من يتعامل مع مواقف باسيل على أنها «رسالة اعتراضية لاحتمال التحالف الانتخابي بين «التقدمي» و«القوات» الذي لم يعد بعيداً وتأتي مواقفه للتسريع في التحضير لولادته.

مشاركة :