على مدى السنوات الست من النزاع الدامي، ازداد المشهد السوري تعقيداً يوماً بعد يوم، وتعددت أطرافه بين قوات نظام ومجموعات موالية لها، وإرهابيين وفصائل مقاتلة وأكراد. بدأ النزاع في 15 مارس/ آذار 2011، وتسبب بمقتل أكثر من 330 ألف شخص، ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. ما هي أبرز القوى المشاركة في النزاع؟قوات النظام – الجيش السوري: خسر الجيش السوري الذي كان عديد قواته المقاتلة 300 ألف عنصر قبل بدء النزاع العام 2011، نصف عناصره الذين قتلوا خلال المعارك أو فروا أو انشقوا. وخسر خلال السنوات الأولى من الحرب مساحة كبيرة من الأراضي، لكن تدخل روسيا وحزب الله اللبناني المدعوم من إيران، ساهم في تغيير ميزان القوى على الأرض لصالحه اعتباراً من سنة 2015. حقق الجيش السوري أكبر انتصاراته منذ بدء النزاع بسيطرته في ديسمبر/ كانون الأول 2016، على كامل مدينة حلب. وهو يسيطر حاليا على 52 في المئة من الأراضي السورية، تشمل دمشق وأجزاء واسعة من محافظتي حمص وحماه (وسط)، وحلب (شمال)، واللاذقية (غرب). ويعيش في هذه المناطق أكثر من ثلثي السكان البالغ عددهم 17 مليوناً، وفق الخبير في الجغرافيا السورية فابريس بالانش. – المقاتلون الموالون للنظام: يتراوح عددهم بين 150 ألفاً ومئتي ألف عنصر. وتعد قوات الدفاع الوطني التي نشأت العام 2012، وتضم في صفوفها تسعين ألف مقاتل، أبرز مكونات الفصائل الموالية. ويضاف إلى الفصائل المحلية، مقاتلون من لبنان وإيران والعراق وأفغانستان. ويشكل مقاتلو حزب الله اللبناني الذين يتراوح عددهم بحسب خبراء، بين خمسة آلاف وثمانية آلاف، المجموعة الأبرز بين القوات غير السورية التي تقاتل إلى جانب النظام.الدعم العسكري الروسي والإيراني استعادت قوات النظام زمام المبادرة في مناطق عدة بعد الدعم الجوي الروسي الكثيف منذ نهاية سبتمبر/ أيلول 2015. وتعد إيران الحليف الإقليمي الرئيسي للنظام السوري، وأرسلت آلاف العناصر من الحرس الثوري لمساندة الجيش في معاركه، بالإضافة إلى مستشارين عسكريين. كما توفر إيران مساعدات اقتصادية لدمشق.مقاتلو المعارضة رغم أن تسمية «الجيش الحر»، تتكرر على لسان الناشطين وبعض القياديين المعارضين، إلا أن هذا الجيش الذي تشكل في بداية النزاع خصوصاً من منشقين عن الجيش السوري، ثم من مدنيين حملوا السلاح لإسقاط النظام، لم يعد له وجود ككيان مستقل. وفشلت محاولات توحيد قراره وإيجاد هيكلية له تارة تحت مسمى «هيئة الأركان»، وطوراً تحت مسميات أخرى. وتعددت الفصائل المقاتلة بتسميات لها غالباً طابع إسلامي مع تنوع مصادر تمويلها. وأبرز الفصائل المقاتلة اليوم هي: – حركة أحرار الشام: أبرز الفصائل الإسلامية في سوريا. أنشئت في العام 2011، وتعد جماعة سلفية تتلقى دعماً تركياً وقطرياً، بحسب محللين. وتتواجد بشكل رئيسي في بعض مناطق إدلب بعد فك تحالفها مع هيئة تحرير الشام، وأبرز مكوناتها «جبهة النصرة» سابقاً، وخوضها معارك قاسية معها. – جيش الإسلام: الفصيل الأبرز في الغوطة الشرقية قرب دمشق. – مجموعة من الكتائب والفصائل الصغيرة التي لا تحصى. وتسيطر الفصائل المقاتلة المعارضة والإسلامية، ومعها هيئة تحرير الشام، على 12 في المئة من سوريا، وفق بالانش. ويعيش في هذه المناطق 2,5 مليون شخص، أي 14,7 في المئة من السكان.الإرهابيون – هيئة تحرير الشام: في يوليو/ تموز 2015، أعلنت «جبهة النصرة»، فك ارتباطها بتنظيم القاعدة الذي قاتلت تحت رايته منذ 2013، وغيرت اسمها إلى «جبهة فتح الشام»، ويقودها أبو محمد الجولاني. وفي بداية العام 2017، وإثر اقتتال داخلي بينها وبين فصائل إسلامية أخرى منها حركة «أحرار الشام» في إدلب (شمال غرب)، اختارت جبهة «فتح الشام»، أن تحل نفسها لتندمج مع فصائل إسلامية أخرى تحت مسمى «هيئة تحرير الشام». وكانت «جبهة النصرة» سابقاً، سيطرت إلى جانب فصائل إسلامية، أبرزها حركة «أحرار الشام»، على كامل محافظة إدلب في العام 2015. إلا أن اقتتالاً داخلياً جديداً صيف العام 2017، جعلها تتفرد تقريباً بالسيطرة على الجزء الأكبر من إدلب. كما تتواجد الهيئة في مناطق من ريف حلب الغربي، ولها تواجد ميداني في محافظة دمشق وفي جنوب البلاد. – تنظيم «داعش»: ضم التنظيم الذي يتزعمه أبو بكر البغدادي منذ انطلاقه في العام 2013، آلاف المقاتلين. وشكل المجموعة المسلحة الأكثر ثراء والأكثر وحشية في سوريا. أعلن في يونيو/ حزيران 2014، إقامة «الخلافة» في المناطق الواقعة تحت سيطرته في سوريا والعراق. وانضم نحو ثلاثين ألف مقاتل أجنبي إلى صفوفه في البلدين. خسر العديد من مواقعه في العام 2015، وتحديداً أمام تقدم الأكراد الذين طردوه من مناطق واسعة شمال وشمال شرق سوريا. كما طرده الجيش السوري مؤخراً من مناطق واسعة في البادية في وسط دمشق، ومن جزء من محافظة دير الزور الحدودية مع العراق. ويسيطر التنظيم المتطرف حاليا على 10 في المئة من البلاد، مقابل 33 في المئة في بداية هذه السنة. ويعيش فيها نصف مليون شخص، أي 3 في المئة من السكان. وفي إطار حملة واسعة بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، تمكنت قوات سوريا الديمقراطية (تحالف فصائل عربية وكردية)، في 17 أكتوبر/ تشرين الأول، من السيطرة بشكل كامل على الرقة التي شكلت معقله الأبرز في سوريا.المقاتلون الأكراد بعد معاناتهم على مدى عقود من سياسة تهميش حيالهم، تصاعد نفوذ الأكراد مع اتساع رقعة النزاع في سوريا في العام 2012، مقابل تقلص سلطة النظام في المناطق ذات الغالبية الكردية. وبعد انسحاب قوات النظام تدريجياً من هذه المناطق، أعلن الأكراد إقامة إدارة ذاتية مؤقتة في ثلاث مناطق في شمال البلاد. وتتلقى وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، دعماً من التحالف الدولي الذي يعتبرها الأكثر فعالية في قتال تنظيم «داعش». ويسيطر الأكراد على 26 في المئة من البلاد، حيث يعيش 14,7 في المئة من السكان، وعلى ثلاثة أرباع الحدود السورية التركية، وفق بالانش.تركيا وقطر منذ بدء النزاع في سوريا، دعمت كل من تركيا وقطر، المعارضة السياسية والمسلحة مطالبة بسقوط الرئيس بشار الأسد. وبرغم دعمها المستمر للمعارضة، ابتعدت قطر تدريجياً عن النزاع. أما تركيا فلا تزال تحتفظ بدور بارز، وقامت في أغسطس/ آب الماضي، بعملية عسكرية بمشاركة فصائل معارضة في شمال سوريا ضد تنظيم «داعش»، والمقاتلين الأكراد على حد سواء. ونشرت الأسبوع الماضي قوات في الشمال السوري قالت، إنها لضمان إقامة منطقة خفض توتر تم الاتفاق عليها مع موسكو وطهران. وبعد ست سنوات من الاختلاف، تعمل أنقرة مع روسيا وإيران على التوصل إلى حل للنزاع في سوريا. وترعى الدول الثلاث محادثات بين الحكومة السورية والفصائل المعارضة في أستانة لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار.التحالف الدولي تشارك فيه دول عدة غربية وعربية بقيادة واشنطن. وينفذ منذ صيف 2014، غارات جوية مكثفة ضد الإرهابيين في سوريا والعراق المجاور. ومن أبرز الدول المشاركة فيه الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا والسعودية والأردن والإمارات والبحرين وكندا وهولندا وأستراليا. ويدعم التحالف الدولي، قوات سوريا الديمقراطية، بالغارات الجوية والسلاح والمستشارين على الأرض، ضد تنظيم «داعش».
مشاركة :