المكان في الأدب الكويتي.. حاضر أم غائب؟

  • 10/17/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

محمد حنفي | أثار عنوان «المكان الغائب في الأدب الكويتي» الكثير من الجدل في الندوة التي حملت العنوان نفسه، وأقامتها منصة كاب للفن المعاصر، الندوة التي أدارها الروائي إبراهيم فرغلي تحدث فيها الروائي عبدالله البصيص، والقاصة استبرق أحمد، الكاتبة والناقدة فتحية الحداد، وشهدت الندوة كما كبيرا من التعليقات والمداخلات. في بداية الندوة، اشار الروائي إبراهيم فرغلي إلى ملاحظة لفتت انتباهه خلال قراءته لأعمال بعض الروائيين والروائيات الرواد، حيث انتبه إلى أن هناك علاقة ملتبسة للنص الكويتي مع المكان، وتساءل فرغلي: لماذا تغيب الكويت كمدينة لها ملامح خاصة في هذا السرد؟ ولماذا يغيب المكان عموما في السرد؟ لماذا يغيب المكان كمحتضن للعلاقات الإنسانية التي تعبر عنها موضوعات الأدب؟ لكن فرغلي عاد واشار إلى بعض الاستثناءات الفردية، كما في بعض أعمال ليلى العثمان واسماعيل فهد وناصر الظفيري وسعود السنعوسي، لكنه وصف هذه الاستثناءات بأنها لا تشكل ظاهرة. ذكريات الأمكنة الروائي عبدالله البصيص قدم شهادة روائية عن المكان في روايته «ذكريات ضالة»، حيث اشار إلى أن علاقته بالمكان ليست مرتبطة بالرواية، وإنما بشعوره برحابة المكان وضيقه، البصيص استشهد ببعض الأعمال التي أدهشته بجاذبية المكان مثل: أعمال نجيب محفوظ، وأليس في بلاد العجائب. ثم تناول البصيص رؤيته للمكان في روايته «ذكريات ضالة»، حيث المدينة التي أمامها السجن المركزي وبجانبها الخلاء، حيث جعل من المكان رهنا لنفسية بطل الرواية «سلمان»، وحيث طبق عليه شعوره تجاه الأمكنة، ومنحه صوته الخاص في وصف الشارع والمدرسة والليل والغزو والتحرير لكون هذه الاماكن هي الأماكن التي عاش فيها. لا للشروط المسبقة وتحت عنوان «احتمالات أين» جاءت ورقة استبرق أحمد لتشير إلى ان الحدث يجر المكان معه، وقالت ان المكان لا أحد يمكن أن يتجاهله أو يهمله، لكن الكتابة ايضا لا يمكن تقييدها وفق شروط مسبقة، وإن الاشتراطات وضعت للبطش بها والتمرد عليه. واهم هذه الاشتراطات أن يكون للحدث مكان حاضن، لكن الأهم أنه يمكن الإشارة إلى المكان ولو بكلمة للإشارة إلى البعد الجغرافي، كما فعلت في كتابها «الأشياء الواقفة في غرفة 9» حيث تحدثت إلى الورقة عبر ترميم الذاكرة من دون بناء المكان بكامل مكوناته، واشارت استبرق في نهاية ورقتها الى أن المكان بالنسبة لنصوصها ورؤيتها له رشاقة الطير وخفة القط والشاهد المخلص الذي يتكئ عليه النص. قصور نقدي من جهتها، رفضت فتحية الحداد مقولة ان المكان غائب عن الأدب الكويتي، حيث استعرضت عدة أعمال كويتية روائية وقصصية وشعرية ومسرحية تشير إلى وجود المكان في الأدب الكويتي، وقالت ان الكويتي ربما يكتب عن المكان في الخارج لكونه يسافر ومنفتح على الآخر، لكنه أيضا سجل المكان الكويتي في أعمال عديدة. وبداية من شعر فهد العسكر ومرورا بقصص يوسف النصف ومحمد مساعد الصالح وانتهاء بروايات اسماعيل فهد اسماعيل وفوزية شويش وهيثم بودي، تشير الحداد إلى أن هذه الأعمال جسدت المكان الكويتي في صورة الشارع والبيت والبحر، وأنهت الحداد كلامها بتأكيد عدم غياب المكان في الأدب الكويتي، لكنها اقرت بوجود قصور نقدي يسلط الضوء عليه في الأعمال الكويتية. آراء مختلفة اثارت الندوة الكثير من التعليقات والمداخلات، جاء أولها من الكاتب صالح النبهان الذي اشار إلى أن المكان في الأدب إما ان يكون حاضنا للحدث وإما ان يكون فاعلا ومنتجا له، وقال ان بعض الأعمال الخليجية تعاملت مع المكان كبطل للعمل، وهو ما يندر وجوده في الأعمال الكويتية، مستثنيا أعمال ناصر الظفيري التي تتعامل مع المكان كبطل. الكاتبة فوزية شويش رفضت هي الأخرى مقولة غياب المكان في الأدب الكويتي، حيث أكدت أن الرواية والشعر والمسرح، وحتى الأوبريت، كلها جسدت المكان في الكويت، وضربت شويش بعض الأمثلة عل كلامها مثل أعمال ليلى العثمان وطالب الرفاعي وأعمالها. واستشهد الشاعر أشرف عبدالكريم ببعض الأعمال الكويتية التي تشير إلى وجود المكان مثل أعمال فهد اسماعيل في أعماله الأولى وفي روايته الحديثة «طيور التاجي»، كما اشار إلى وجود المكان في رواية «الصهد» لناصر الظفيري، و«في ظل الشمس» لطالب الرفاعي. ورفض الكاتب حسين المطوع ايضا الاعتقاد بأن المكان غائب في الأدب الكويتي، مؤكدا أن الأحكام المسبقة هي سبب أزمة النقد العربي، حيث رأى أن من الخطأ على الناقد ان يقول بأن المكان غائب في الأدب الكويتي، وإنما المكان حاضر لكن الناقد لم يعثر عليه، مؤكدا أن اي نص يجب أن يخضع لنظرية السرد وليس للأحكام المسبقة. إشكالية العنوان بينما اعرب د. سليمان الشطي عن فرحته بحالة الجدل السائدة في الندوة، مشيرا إلى أن الإشكالية كانت في العنوان، واكد أن المكان والزمان شرطان بديهيان في العمل الأدبي منذ الشعر العربي القديم والوقوف على الأطلال، واكد الشطي وجود المكان في الأدب الكويتي منذ الأعمال الأولى لجيل الرواد، على غرار قصص سليمان الخليفي الذي كتب قصة عن هدم المقبرة القديمة كان المكان بطلها الأول، وعلى غرار ما فعل هو في قصة تتناول هدم المدينة القديمة. جغرافية المكان أما د. نزار العاني فتخير رواية «سمر كلمات» لطالب الرفاعي وتحدث عنها كنموذج لوجود المكان في الأدب الكويتي، حيث أشار إلى أن الرواية بها استطراد مفرط في جغرافية المكان، لكنه استطراد يرمز إلى خلفية ابطال الرواية الطبقية، مشيرا إلى أن الرواية تبدأ وتنتهي بمكان. وفي مداخلته قال د. حامد الحمود انه شعر بمبالغة في الدفاع عن المكان في الادب الكويتي، مشيرا إلى ان الكويت مكان غير ثابت حيث لا توجد أجيال عديدة تربت في المكان نفسه، وأن الأجيال الجديدة لم تر الكويت القديمة، واشار إلى أن الرواية لا يتم تقييمها من خلال حضور المكان او غيابه.

مشاركة :