تعزز المواقف السياسية اليمينية التي أطلقها زعيم حزب «العمل» الإسرائيلي المعارض آفي غباي في اليومين الأخيرين الاعتقاد بأن إسرائيل تتجه نحو انتخابات عامة مبكرة، ربما في ربيع العام المقبل وفق أوساط في حزب «ليكود» الحاكم الذي يعتقد محللون بارزون في الشؤون الحزبية أن زعيم هذا الحزب رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو معني بها لاستباق احتمال تقديم الشرطة الإسرائيلية توصية للنيابة العامة بتقديمه للمحاكمة بشبهة الضلوع في ملفي فساد مالي. وفاجأ غباي، الذي يقود حزباً يعتبره الإسرائيليون يسارياً أو على يسار الوسط، الحلبة السياسية حين أعلن أنه لا ينبغي إخلاء مستوطنات يهودية منتشرة في أعماق الضفة الغربية المحتلة في إطار أي اتفاق سلام في المستقبل، وانه يجب إيجاد «حلول خلاقة» لمشكلة 80 ألف مستوطن في هذه المستوطنات التي بقيت شرق الجدار الفاصل. وجاء هذا التصريح بعد أقل من 24 ساعة على تصريحه بأنه لن يقبل بالقائمة العربية المشتركة جزءاً من حكومته في حال كُلف تشكيلها. ورأى مراقبون أن تشدد غباي، الذي انضم إلى حزب «العمل» قبل أقل من عام وانتزع زعامته، يأتي لمسايرة الشارع الإسرائيلي الذي جنح منذ سنوات كثيرة إلى اليمين في ظل اندثار اليسار الصهيوني. ودافع غباي عن موقفه بقوله إن حزب «العمل» لم يعلن ذات مرة أنه سيفكك مستوطنات في إطار اتفاق سلام. وأضاف إنه «يجب إيجاد حلول إبداعية تُغني عن إخلاء سكان يهود، وعدم تكرار ما حصل في سيناء من إخلاء المستوطنات فيها تلبية لشرط مصر إبرام اتفاق سلام». ورداً على سؤال محاوِره في الإذاعة العامة بأنه لا يختلف عن نتانياهو اليميني في مواقفه أجاب: «أنا أيضاً أؤمن بأن كل أرض إسرائيل هي لنا... لكن بوجود 4.5 مليون عربي علينا تقديم تنازلات وضمان دولة ذات غالبية يهودية على أن يعيش العرب في دولة لهم. أؤمن بحل الدولتين لأن هذه مصلحتنا، وليس لأن حقوق الفلسطينيين تعنيني». وزاد: «في المقابل، يرفض نتانياهو الحل السياسي ويقود عملياً إلى دولة واحدة ثنائية القومية يكون 45 في المئة من مواطنيها من العرب». ولاقى موقف غباي ردود فعل متضاربة في أوساط أعضاء حزبه، ورأى بعضها أن غباي يجر الحزب «ليكون نسخة باهتة عن ليكود»، فيما رأى مؤيدوه أن مواقفه هي مواقف الحزب حتى قبل قدومه. واستذكر معلقون زعيمة الحزب سابقاً شيلي يحيموفتش التي تبنت مواقف مشابهة قبل أربع سنوات، لكنها لم تقنع اليمين الإسرائيلي بالتصويت لحزبها. ورأى المعلق يوآف كاركوفسكي أن غباي يريد إقناع الشارع الإسرائيلي بأن «العمل» ليس حزباً يسارياً إنما حزب وسط أو يمين الوسط، «لكن في نهاية الأمر وكما حصل مع يحيموفتش فإن اليمين الإسرائيلي سيفضّل النسخة الأصلية ويصوت لليكود أو يش عتيد بزعامة يئير لبيد». في غضون ذلك، واصل المحللون محاولة استقراء خطوات نتانياهو في المستقبل القريب في أعقاب تهجمه على القائد العام للشرطة، بداعي أنه لا يمنع الشرطة من تسريب مضمون التحقيقات معه في قضايا فساد. وقال المعلق المخضرم حنان كريستال إن نتانياهو يوجه أسهمه للقائد العام للشرطة في محاولة لردع الشرطة عن تقديم توصيات للنائب العام بتقديم لائحة اتهام ضده، «ويبدو أنه يشعر أن ثمة بيّنات قوية لدى الشرطة بارتكابه مخالفات جنائية، وعليه فإنه يريد استباق قيام الشرطة ببلورة تلخيصات تحقيقها والذهاب إلى انتخابات مبكرة، في موازاة تشريع قانون يمنع الشرطة في المستقبل من تقديم أي توصيات للنيابة العامة بعد إنهاء تحقيقاتها مع شخصيات رسمية».
مشاركة :