أعلنت الحكومة الإسرائيلية بعد مناقشات طويلة وخلافات حادة في الموقف من اتفاق المصالحة الفلسطينية، رفضها التفاوض مع حكومة فلسطينية «تعتمد على حركة حماس»، التي وصفتها بـ«تنظيم إرهابي يدعو إلى تدمير إسرائيل».وجاء بيان الحكومة في أعقاب تصريحات لرئيسها بنيامين نتنياهو، قال فيها إن حكومته لن تحاول منع تطبيق الاتفاق الفلسطيني على الأرض، ولن تقطع العلاقات مع السلطة.وطالب بيان الحكومة الجديد حماس بالاعتراف بإسرائيل، ونبذ الإرهاب وفقا لشروط الرباعية الدولية. كما طالب بنزع سلاح حماس، وإعادة جثتي جنديين قتلا في الحرب الأخيرة، ومواطنيْن حيين محتجزين لدى حماس في قطاع غزة.وأضافت الحكومة إلى هذه الشروط، التي سبق لنتيناهو أن طرحها في أعقاب توقيع اتفاق المصالحة الأسبوع الماضي، شروطا أخرى، تقضي بقيام السلطة الفلسطينية ببسط سيطرتها الأمنية الكاملة على قطاع غزة، بما في ذلك على المعابر ومنع تهريب الأسلحة إلى هناك. ومواصلتها العمل على إحباط البنى التحتية للإرهاب الحمساوي في الضفة الغربية، وقطع العلاقات القائمة بين حماس وإيران. وتحويل الأموال والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة فقط عن طريق السلطة الفلسطينية والأجهزة التي أقيمت خصوصا لهذا الغرض.وكان المجلس الوزاري الأمني المصغر للحكومة (الكابينيت)، قد أجرى الليلة قبل الماضية، أبحاثا مطولة حول اتفاق المصالحة، أعلن نتنياهو بعدها، أن إسرائيل لن تعترف بالاتفاق الموقع بين حركتي فتح وحماس، ولن تقبله. لكنه قال إنها «لن تحاول منع تطبيقه على الأرض، ولن تقطع العلاقات مع السلطة».وأكد نتنياهو لوزرائه، أنه إذا تم تطبيق اتفاق المصالحة، وعاد رجال السلطة لإدارة المكاتب الحكومية المدنية في غزة، وحراسة المعابر الحدودية، «يجب العمل معهم، لأن هذا الأمر يخدم المصلحة الإسرائيلية في منع حدوث أزمة إنسانية و(في) تحسين ظروف معيشة سكان القطاع».مع ذلك، أضاف نتنياهو، أنه أوضح للأميركيين والمصريين أن الاتفاق، من ناحية سياسية، لا يغير شيئاً بالنسبة لإسرائيل. وحسب المصادر، فقد أضاف نتنياهو، أن رسالته إلى الأميركيين والمصريين، هي أنه لا يتقبل الادعاء القائل بأن اتفاق المصالحة يشجع على تجديد المفاوضات السياسية، لأن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بات يسيطر الآن على أراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وعلل هذا الادعاء بالقول إنه «إذا كان هناك من يؤثر على الآخر فهو ليس أبو مازن. بل حركة حماس التي لم تغير سياستها ولم تفكك سلاحها ووضعت نفسها في خدمة إيران».وقال مسؤول أميركي كبير رداً على سؤال صحافيين إسرائيليين في واشنطن حول الموضوع عينه، إن «إدارة ترمب تتابع تنفيذ اتفاق المصالحة، وهي على اتصال مع المصريين والإسرائيليين والفلسطينيين».واستمر اجتماع مجلس الوزراء نحو ساعتين ونصف الساعة، وكان أول اجتماع منظم يعقده الوزراء لمناقشة موضوع اتفاق المصالحة، الذي تم توقيعه في الأسبوع الماضي. وفي نهاية الاجتماع، تقرر مواصلة مناقشة الموضوع أمس الثلاثاء، لتمكين جميع الوزراء من التعبير عن أنفسهم. وتخلل الاجتماعين نقاش حاد دل على معارضة العديد من الوزراء لموقف نتنياهو. وعاد رئيس حزب المستوطنين (البيت اليهودي)، وزير التعليم نفتالي بينت، ليهاجم اتفاق المصالحة، واعتبره «دليلاً على تطرف إضافي في السلطة الفلسطينية»، ووصف حكومة الوفاق بأنها ستكون «حكومة إرهاب يقف على رأسها أستاذ أكاديمي (رامي الحمد الله) يعمل وفقاً لأجندة كبير الإرهابيين صالح العاروري، المسؤول عن كل العمليات الإرهابية في الضفة الغربية منذ 2014». ودعا بنيت إلى قطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية وتجميد أموال الضرائب والجمارك.وأيد وزراء من الليكود أيضاً، مطلب بنيت، بينما عارضه وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، الذي قال إنه ليس سعيداً باتفاق المصالحة، ولكنه يتخذ قراراته بشكل موزون من خلال خدمة مصالح إسرائيل السياسية والأمنية، والحرص على التنسيق الإيجابي مع مصر والإدارة الأميركية.وقال مصدر مطلع, قبل أن تصدر الحكومة بيانها أمس, إن الاجتماع قرر «تبني سياسة تقوم على خطوط نتنياهو - عدم الاعتراف بالاتفاق، إلى جانب الامتناع عن عرقلته، والحفاظ على علاقات العمل مع السلطة الفلسطينية».ويلاحظ أن موقف نتنياهو هذا من اتفاق المصالحة الحالي، يختلف عن موقفه مما توصلت إليه «فتح» و«حماس» في شهر أبريل (نيسان) 2014، الذي انهار بعد أشهر. ففي حينه، قرر «الكابينيت» الإسرائيلي تجميد المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، ووقف الاتصالات بين الوزراء الإسرائيليين ونظرائهم الفلسطينيين. وبعد أن التقت وزيرة القضاء تسيبي ليفني مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في لندن، على الرغم من قرار الحكومة، تعرضت لهجوم من نتنياهو ومستشاريه.
مشاركة :