في طريق عودتي إلى أرض الوطن، كنت أمد بصري من نافذة الطائرة نحو الغيوم. سألت نفسي حينها هل يكفي كل هذا المدى لنثر مشاعر الحسرة والألم التي أشعر بها، ثلاثة أهداف تلقاها المنتخب الوطني قبل عدة ساعات على استاد الجوهرة المشعة، أطفأت في داخلي حلم التأهل إلى المونديال. الجميع يقول إن الأمل ما زال معقوداً على المباريات الست المتبقية، لكنني كنت أرى عكس ذلك. أعود بالذاكرة إلى مطلع العام الماضي، وإلى اللحظة التي قررت فيها الاستقالة من منصبي، فور العودة من كأس آسيا بالمركز الثالث، لكنني تراجعت عنها في لحظة ضعف وحب وانتماء. لماذا لم أصر على الاستقالة حينها؟، المنطق آنذاك كان يقضي بأن أغادر موقعي. البعض كان يرى حصولنا على المركز الثالث إنجازاً كبيراً، لكنني وعلى النقيض من ذلك رأيت فيه إخفاقاً لا يبشر بالخير، فالجيل الحالي خلق ليلعب في كأس العالم وما ثالث آسيا إلا نذير خطر، من شأنه أن يقلص من حجم الآمال المعقودة. باختصار أجواء المنتخب كانت بعيدة عن اللحمة التي اعتدت عليها. يأبى دماغي إلا أن يشحذ ذاكرته العصية على النسيان. أعود سنوات أخرى إلى الوراء وتحديداً إلى عام 2002، عندما توجهت للعمل الإداري في اتحاد كرة القدم، كنت أرى في هذا الأمر نقلة نوعية، فمن لاعب بصفوف بني ياس لمدة 8 مواسم، فمسؤول عن قطاع كرة القدم، وعضو في مجلس إدارة النادي. إلى عمل أكثر أهمية ألا وهو صناعة المنتخبات الوطنية، التي واكبت معها أزهى حقبة في تاريخ كرة القدم الإماراتية. إنجازات تتالى على يد نجوم أفذاذ ليتصاعد سقف الطموحات حتى وصل مداه الأكبر، لكن فجأة جاء الإخفاق في الاستحقاق الأهم والمصيري ليبدد كل شيء جميل. قد تسألوني الآن هل أتحمل مسؤولية الإخفاق، أقولها وبالفم الملآن وبقلب يعتصره الألم نعم أنا أحد أسباب الإخفاق. إن لم يمد الله في عمري لأرى منتخب بلادي في المونديال، فستراه الأجيال القادمة حتماً، وطالماً أن صدور الإماراتيين تنبض بالحب والولاء والانتماء، فإن الحلم سيتحقق لا محالة.
مشاركة :