استسلام تنظيم داعش وانهياره رويداً رويداً، بمثابة عنوان سعيد يجوب الأرجاء تزامن مع الذكرى الثالثة لتأسيس التحالف الدولي ضد التنظيم الإرهابي، إلا أن «داعش» لن ينتهي هنا، فقد حذرت تقارير عدة تناولت أوضاع الأجيال التي خلفها داعش منها باعتبارها «قنابل موقوتة». وأشار تحقيق لصحيفة «الغارديان» البريطانية نشر بعد تحرير الموصل، إلى أن أطفال «داعش» يتعرضون إلى تهديدات انتقامية بعد أن استسلم أو قتل الآباء، وظل هؤلاء من دون أي أوراق، مرفوضين ومهددين. وأوضحت أنه يتم إخفاؤهم في مخيمات بشمال العراق، ولا يوجد أي برنامج لتأهيلهم. وفشلت اليونسيف في تحديد أعدادهم، في حين أقرت الحكومة العراقية بأنها تتجنب الإشارة إليهم لحساسية الملف. التجنب والتأجيل، استراتيجية دولية بالمجمل، تصب المزيد من الزيت على نيران الطفولة المسلوبة، وفق ما تحذر التقارير الدولية. فانتهاء «داعش» في كل من سوريا والعراق، يخلف كارثة، تفتقر للدعم المالي الكافي وللمخططات العملية اللازمة لمواجهتها. وعلى سبيل المثال، وفي العراق وحده، كما تؤكد أرقام اليونسيف، أكثر من 5 ملايين طفل بحاجة لمساعدة عاجلة لإعادة تأهيلهم نفسياً ومعنوياً. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن من بين 8 ملايين طفل عراقي، هناك مليونان لم يلتحقوا بالمدارس لأسباب عدة، منها نزوح عوائلهم أو الانخراط في سوق العمل، ولا يجد أغلبهم فرصا فيما بعد لإكمال دراستهم. والأوضاع تزداد سوداوية في مخيمات النزوح واللجوء، والأرقام، تزداد ثقلا عند الانتقال إلى الشق السوري الذي صنفته دساتير الحرب بأسوأ كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية. والمأساة برمتها تزداد قتامة ووحشية على وقع ملفات الأطفال الذين أرغمهم التنظيم على القتال في صفوفه. إذ في سوريا وحدها، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان انتماء أكثر من 1200 طفل إلى ما بات يعرف بـ«أشبال الخلافة» خلال عام 2015. وفي الموصل، بلغت أعدادهم 900 طفل، وكانت مصادر التنظيم قد تفاخرت بتجنيد 4500 طفل خلال عام في نينوى وحدها. فهل سيتمكن هؤلاء من التخلص من الرعب ونسيان مناظر الدماء التي كانوا طرفاً فيها؟ سؤال تعجز التحاليل النفسية عن إجابته بشكل محدد.
مشاركة :