واصل «مؤتمر الإفتاء العالمي» الذي تنظمه دار الإفتاء المصرية عن «دور الفتوى في استقرار المجتمعات»، نشاطاته أمس، حيث بحث المشاركون «فتاوى الجماعات المتطرفة ومواجهة الفوضى والتخريب»، ضمن جلسة عمل أدارها رئيس ديوان الوقف السني في العراق الدكتور عبداللطيف الهميم. وكان المؤتمر ناقش في اليوم الأول لانطلاقه «الفتاوى المتشددة والفضاء الإلكتروني». وعُد استهلال ورش عمل المؤتمر بمناقشة تلك القضية إدراكاً لخطورة اعتماد تنظيم «داعش» الإرهابي على الفضاء الإلكتروني كوسيط رئيس في تجنيد عناصره وبث فتاواه. وكشف مفتي الديار المصرية شوقي علام لـ «الحياة» عن إنقاذ «دار الإفتاء» عدداً من الشباب تعرضوا لـ «شبهات التنظيم وفتاواه المضللة وتأثروا بها»، لكنهم «لجأوا إلى الدار في الوقت المناسب يستفسرون عنها لدى لجان الإفتاء». وقال المفتي إن «متخصصين عقدوا مع هؤلاء الشباب جلسات، فصّلوا لهم فيها حقيقة النصوص التي يجتزئها التنظيم أو يزج بها في غير موضعها، حتى زال عنهم اللبس واطمأنوا إلى كذب التنظيم وتدليسه»، وأشار إلى «وصول أسئلة عدة إلى الدار من دول غربية تسأل عن الشبهات ذاتها». ونفى المفتي «إقامة تنسيق بين الدار مع الجهات الأمنية لمتابعة الشباب المتأثر بفكر التنظيم»، وقال «لا يمكن أن يخون الشيخ ثقة سائله ويشي به، كما أن لجوء الشاب إلى الدار يعني أن فطرته لم تطمئن لحديث التنظيم وإن أصابته الحيرة، لكن ما أن يجلس أمام شيخ متخصص مؤهل للفتوى مطلع على حيل التنظيم يرد عليها ويفندها، وبعدها لا يصبح هناك خطورة من هذا الشاب». وأوضح أن الدار توظف تلك اللقاءات ضمن مشروعها الحديث «تشريح عقلية المتشدد»، وهو مشروع متكامل يضم رجال دين وإعلام ونفسيين، إضافة إلى رموز من تيارات دينية خاضت تجربة التشدد قبل أن تُجري مراجعات فكرية، وعلى رأسهم القيادي السابق في الجماعة الإسلامية ناجح إبراهيم، بهدف «الوقوف على المراحل التي يمر بها المتشدد ومواجهتها من البداية». وأضاف: «تتحمل الفتوى جزءاً رئيساً في تبني الشبان الفكر التكفيري، خصوصاً حينما يلجأ المتشدد في مسألة ما إلى إمام مسجد سواء كان أزهرياً أم لا، فيجييه إجابة سطحية لا تقنعه، فينغمس في تلك التنظيمات أكثر، لذلك لا بد من تأهيل من يتصدى للفتوى تجنباً لتلك الحالات». ودار الإفتاء المصرية أول مؤسسة إسلامية في العالم تؤسس مركزاً خاصاً لرصد فتاوى «داعش»، تحت اسم «مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة»، لكن المرصد يواجه اتهامات بالانحراف عن هدفه البحثي في الرد على شبهات التنظيم. وأوضح المفتي أن «المرصد أصدر أكثر من 120 تقريراً ودراسة علمية تتناول الرد على ادعاءات المتطرفين وأسانيدهم الباطلة وبيان المعنى الصحيح للآيات والأحاديث التي يعتمد عليها داعش، مثل رصد أكثر من 3 آلاف فتوى تحرض على هدم الكنائس، وفنّدها بالتفصيل»، لكنه أشار إلى أن «نشر تلك التأصيلات العلمية إعلامياً غير ممكن»، فبعضها يصل إلى 500 صفحة، والعامة لن تدرك الألفاظ الشرعية، لذلك يعمد المرصد إلى تلخيص تلك الدراسات على هيئة بيانات إعلامية توضح الحكم النهائي، ومن هنا حدث اللبس». وأوضح المفتي أن «الدار تبحث إنشاء بوابة إلكترونية جديدة تتاح عليها المادة العلمية الضخمة في الرد على شبهات التنظيم، بعد تبسيطها بحيث يدركها غير المتخصصين بسهولة». وأشار المفتي كذلك إلى مشروع لتدريب الأئمة على مستوى العالم «إلكترونياً»، استكمالاً لمشروع تدريب وفود من الأئمة كان آخرهم 16 إماماً بريطانياً تخرجوا قبل أسابيع، علماً بأن الدار ستطرح مشروع التدريب الإلكتروني خلال مؤتمرها المنعقد حالياً، إضافة إلى مشروع آخر لتوحيد الفتوى. وأوضح: «لا نقصد بتوحيد الفتوى وضع فتاوى ثابتة لكل البلدان بما يتنافى مع طبيعة الفتوى التي تتغير بتغير الزمان والمكان، ولكن الفتاوى التي تعم الأمة، وعلى رأسها قضية الإرهاب، وموقف الإسلام من الآخر».
مشاركة :