اعتبر نفسك عضواً بالكونغرس سبقت له معارضة «خطة العمل الشاملة المشتركة» على أساس أنها تتسم بنقاط قصور جوهرية، وأنه من خلالها قدمت إدارة أوباما قسطاً مفرطاً من التنازلات، من دون أن تتمكن في المقابل من وضع نهاية دائمة لمسيرة إيران نحو امتلاك السلاح النووي. ومع هذا، أنت تعي تماما - عن صواب - أن موقف الرئيس دونالد ترمب الرافض للتصديق على الاتفاق النووي سيثير سخط حلفاء، ويعزز موقف إيران ويهدد بانهيار الاتفاق، دونما وجود بديل يحل مكانه.علاوة على ذلك، فقد نما إلى مسامعك الآن أن ترمب يهدد بفرض عقوبات في يناير (كانون الثاني) ليكتب بذلك فعلياً نهاية الاتفاق. إذن، ما الذي ينبغي لك فعله الآن، خاصة إذا كنت من أعضاء الحزب الديمقراطي، وترى أن الرئيس يحاول أن يجعل منك أنت وحزبك عنصراً ثانوياً في كارثة مروعة على صعيد السياسة الخارجية؟ ربما يوافق الديمقراطيون على مقترح السيناتور بوب كوركر، الجمهوري من ولاية تينيسي، بفرض عقوبات حال خرق اتفاق «خطة العمل الشاملة المشتركة»، بجانب فرض عقوبات أخرى حال رفض طهران التفاوض بشأن إزالة بند انتهاء سريان الاتفاق. ومع هذا، لا يبدو من المحتمل إقرار ذلك، لأن الكونغرس لا يثق بالرئيس ولا يمكنه تقييم ما إذا كانت مثل هذه الإجراءات ربما تضع نهاية الاتفاق.ومع هذا، ربما ينجح كوركر بطريقة سحرية ما في تمرير مقترحه، لكن تظل الحقيقة أن هذا الأمر لا يبدو محتملاً في اللحظة الراهنة، إلا إذا تمكن الكونغرس من سحب السلطة التي يتمتع بها ترمب وتخول له إلغاء الاتفاق على نحو منفرد. (وينبغي للكونغرس استغلال الفرصة في إعادة صياغة البنود المتعلقة بسلطة إلغاء الاتفاق وإعادة التصديق عليه. ومن الواجب تمتع الكونغرس بحق الموافقة على إعادة سريان العقوبات، وإلغاء حق التصديق مقابل ضمان الشفافية الكاملة والتشارك في المعلومات بخصوص وضع الاتفاق وسلوك إيران).من جانبهم، يرغب الديمقراطيون في العمل شركاء، وليس مجرد عمال مسرح في العروض المسرحية التي قدمها الرئيس. وإذا لم تنجح جهود كوركر، فإن الكونغرس ربما يتجاهل عدم تصديق ترمب على الاتفاق ويركز على اتفاق أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي على مجموعة من المعايير الجديدة للتعامل مع إيران بخصوص قائمة من القضايا منها الاختبارات الصاروخية وبند انتهاء سريان الاتفاق النووي والأعمال العدوانية من جانب طهران على مستوى الشرق الأوسط وما إلى ذلك.ويعني ذلك أن الكونغرس بمقدوره صياغة السياسة التي لن تقرها الإدارة، مع تحديد نقاط مرنة لتقييم مستوى التقدم الذي جرى إحرازه. وكان هذا تحديداً ما اقترحه دينيس روس، الذي عمل مفاوضاً معنياً بالشرق الأوسط على امتداد فترة طويلة، ذلك أنه حث على دعوة سفراء بريطانيين وفرنسيين وألمان لعقد مناقشات هادئة قبل وضع اللمسات الأخيرة على التشريع الجديد والعمل بصدق لجعل هذا التشريع نتاجاً لجهود تعاون بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، الأمر الذي يعني بدوره ضرورة إشراك الديمقراطيين في هذا الأمر لضمان الخروج بسياسة وطنية بالمعنى الحقيقي.ومن شأن طرح مقترحات تتعلق بتغييرات في «خطة العمل الشاملة المشتركة» (مثل تعزيز جهود التفتيش)، توحيد صفي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وصياغة موقف تفاوضي قوي يمكنهما من التفاوض مع إيران.ويمكن أن تشكل القضايا غير المرتبطة بصورة مباشرة بـ«خطة العمل الشاملة المشتركة» أساساً تبنى عليه تحركات مشتركة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات لا علاقة لها بالبرنامج النووي.بيد أن المشكلة الحقيقية هنا تكمن في استعادة ثقة الأوروبيين، بحيث نتمكن من تصدير جبهة موحدة والضغط على إيران على صعيدي القضايا النووية وغير النووية.في هذا الصدد، قال روس: «سيبدي الأوروبيون انفتاحهم تجاه بعض القضايا التي تثير قلقنا طالما أن بمقدورهم الإبقاء على (خطة العمل الشاملة المشتركة)، وهنا تحديداً يكمن التحدي الذي يواجه الإدارة والكونغرس: كيف يمكن إقناع الأوروبيين بأن العامل المحوري الذي يحكم الحفاظ على الاتفاق يرتبط - على الأقل - ببعض القضايا التي تثير قلقنا. وأشار روس إلى أن الإدارة بحاجة إلى «جهود سياسية متدرجة تعكس نفوذنا، لكنها لا تبالغ في الاستخدام الخشن لهذا النفوذ وتتيح للأوروبيين الوقت الكافي لمعاينة أننا نبذل جهوداً حسنة النية ولا نسعى لمجرد توفير غطاء يبرر انسحابنا من الاتفاق».بيد أن التساؤل الذي يفرض نفسه هنا: من يرى أن الإدارة الحالية قادرة على تحقيق أي من ذلك؟ من ناحيته، يطرح روس مقترحاً مثيراً بضم عنصر إلى الإدارة قادر على إدارة مجموعة معقدة من المناقشات وعلى نحو يضمن دعم كل مناقشة جارية للأخرى. وأضاف: «لذلك أعتقد أنه من الضروري تعيين شخصية رفيعة المستوى من خارج الإدارة تحظى بمصداقية كبيرة... بحيث يتمكن هذا الشخص من نقل رسالة تثبت حسن النيات الأميركية إلى الأوروبيين وتعينهم على تقديم شرح مناسب للجماهير داخل أوطانهم».ومن شأن هذا المقترح إعفاء الإدارة والرئيس من المفاوضات والمناقشات اليومية بخصوص الاتفاق وحماية الكونغرس من تحمل اللوم إذا ما أخفقت الجهود (مثلاً، إذا ما تسبب التشريع نهاية الأمر في انهيار الاتفاق). لماذا لا تجري الاستعانة بالسيناتور السابق جو ليبرمان أو مدير وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» السابق روبرت غيتس أو نائب مستشار الأمن الوطني السابق إليوت أبرامز؟ في الواقع، بمقدور شخص مثل هذا النفوذ المعاونة في تخفيف التوتر بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإضفاء قدر من الجدية على الموقف الأميركي دون إثارة قلق حلفائنا.على أقل تقدير، فإن من شأن تعيين «مفاوض» تهدئة مخاوف رئيسنا لأنه سيصبح على ثقة من أننا نفعل «شيئاً» على الأقل. (بطبيعة الحال تكمن الأهمية الكبرى هنا في تهدئة ترمب والسماح لمثل هذا الشخص بالاضطلاع بعمله).وللأسف فإنه بوجه عام لا تتوافر أمامنا خيارات جيدة، في الوقت الذي يوجد لدينا رئيس مثير للجدل على نحو بالغ. وعلينا جميعاً إيجاد سبيل لاجتياز كل ذلك. من ناحيته، اقترح كوركر مساراً، وطرحنا نحن آخر. وربما يفضل الديمقراطيون توجهاً ثالثاً. إلا أنه يتعين على جميع الأطراف المشاركة في هذه الجهود الاتفاق على أن الهدف ليس نسف «خطة العمل الشاملة المشتركة» والدخول في مواجهة عسكرية مع إيران، وإنما تعزيز الاتفاق وعزم القوى الغربية على احتواء إيران.* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
مشاركة :