ما كاد عشرات الآلاف من سكان كركوك الأكراد يبدأون العودة إليها، بعد فرارهم أول من أمس، حتى دفعت بهم الإشاعات عن عمليات سرقة واعتداءات إلى الرحيل من جديد، في تطور يهدد المدينة بالفتنة، وحاول رئيس الوزراء حيدر العبادي طمأنة العائدين، فأكد أن «الأمن مستتب» وتتولاه «الشرطة المحلية، بدعم من جهاز مكافحة الإرهاب». وأمر كل «الجماعات المسلحة الأخرى» بالمغادرة، في إشارة إلى «الحشد الشعبي». (للمزيد) إلى ذلك، بدأت التطورات التي تشهدها كركوك والمناطق المتنازع عليها تنعكس سلباً على كردستان، فأعلنت مفوضية الانتخابات تأجيلها، وشهد «الاتحاد الوطني» انشقاقاً جديداً قاده اثنان من أهم قيادييه، وسط مؤشرات إلى تفاقم الصراع الكردي- الكردي. وسادت كركوك التي دخلتها القوات العراقية بعد انسحاب «البيشمركة» حال من القلق، بعد انتشار فيديوات وإشاعات عن اعتداءات يتعرض لها الأكراد، فيما نشر مقاتلون في «الحشد الشعبي» صور الخميني والمرشد علي خامنئي، إضافة إلى صور الجنرال قاسم سليماني، في مكاتب مجلس المحافظة، ما أثار الهلع في صفوف السكان. وأعلن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في بغداد أن 61 ألفاً و200 شخص نزحوا من كركوك ومحيطها خلال 48 ساعة، لكن معظمهم بدأ العودة. ويبلغ عدد سكان المدينة نحو مليون نسمة. وقال شهود إن عشرات الأسر الكردية فرّت إلى السليمانية خوفاً من هجمات قد تشنها قوات «الحشد الشعبي». وأغلقت المتاجر التي يملكها أكراد أبوابها خوفاً، لكن لم ترد تقارير موثوق بها عن أي حادث، وتجوب قوات الأمن الاتحادية الشوارع. وواصلت القوات العراقية أمس، سيطرتها على مناطق جديدة في سهل نينوى والموصل، وخاضت اشتباكات مع القوات الكردية- السورية، خصوصاً قرب سد الموصل ومعبر ربيعة، بعد أن غادرت «البيشمركة» التابعة للحزب «الديموقراطي» بزعامة مسعود بارزاني، معظم مواقعها. ووجّه نائب رئيس حزب «الاتحاد الوطني» كوسرت رسول رسالة شديدة اللهجة إلى قادة في حزبه اتفقوا مع الحكومة على الانسحاب من كركوك، واتهمهم بـ «الخيانة» والتمهيد لـ «أنفال جديدة»، فيما أعلن القيادي الآخر ملا بختيار انسحابه من الحزب، بسبب ما اعتبره تسلم شباب «فايسبوكيين» غير ناضجين المقاليد، في إشارة إلى أبناء الرئيس الراحل جلال طالباني وأبناء أخيه، الذين تؤكد المصادر أنهم يديرون الأزمة في كركوك مع الحكومة الاتحادية، كما حذر من انقسام كردي خطير إلى إدارتين. ودعا رئيس برلمان كردستان يوسف محمود بارزاني إلى الاستقالة. وقال له: «عليك الاعتراف بالفشل وترك شعبنا يقرر مصيره بنفسه، لا أن تحدده أنت وفق رغبتك». من جهة أخرى، أُعلن في الإقليم تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بسبب عدم وجود مرشحين وتداعيات الوضع بعد استعادة الحكومة المركزية مناطق متنازع عليها، بينها حقول النفط. وأفاد بيان لمفوضية الانتخابات بأنها «قررت موقتاً تعليق الاستعدادات لإجراء الاقتراع الذي كان مقرراً في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، بسبب تداعيات الوضع بعد استعادة القوات الحكومية مناطق متنازع عليها». وأعلن النائب عن حزب بارزاني «تأجيل انعقاد برلمان الإقليم إلى أجل غير مسمى» لعدم اتفاق الحزبين الرئيسيين. وأوضح أن «سبب التأجيل هو مطالبة حزب الاتحاد الوطني بتمديد ولاية البرلمان عامين، فيما طالبنا بتمديدها ثمانية أشهر».
مشاركة :