انتهاكات الحشد الشعبي بحق أكراد كركوك تضع العبادي في مأزق سياسي

  • 10/20/2017
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

أوساط كردية تصف عمليات الإعدام والاعتقال والإهانة ضد الأكراد بأنها عمليات انتقام ممنهجة.العرب  [نُشر في 2017/10/20، العدد: 10787، ص(1)]يد الحشد تعبث في كل شيء كركوك (العراق) - تهيمن أنباء التجاوزات التي تورطت فيها قوات الحشد الشعبي في مدينة كركوك، على المشهد في إقليم كردستان، إثر تنفيذ بغداد خطة إعادة نشر قواتها في المواقع التي كانت تحت سيطرة البيشمركة الكردية منذ العام 2014. ووصفت أوساط كردية عمليات الإعدام والاعتقال والإهانة ضد الأكراد بأنها عمليات انتقام ممنهجة، وأن وراءها خلفية عرقية، فضلا عن الانتقام من الإقليم الذي حال دون سيطرة إيران على شمال العراق. وعبرت الأمم المتحدة عن قلقها من تقارير عن تهجير قسري لمدنيين أغلبهم من الأكراد وتدمير ونهب منازلهم وشركاتهم في شمال العراق. وقالت بعثة المساعدة التابعة للأمم المتحدة في العراق في بيان “تحث الأمم المتحدة حكومة العراق على اتخاذ كل الإجراءات لوقف أي انتهاكات وضمان حماية كل المدنيين ومحاكمة مرتكبي أعمال العنف والترهيب والتهجير القسري للمدنيين”. ودخلت قوات الحشد الشعبي إلى العديد من الأقضية التابعة لكركوك والقريبة منها، في إطار خطة فرض سلطة بغداد عليها، بعد انسحاب قوات البيشمركة منها. ووردت تقارير عن دخول الحشد الشعبي إلى طوزخورماتو في صلاح الدين وخانقين في ديالى ومخمور وسنجار في نينوى. ومعظم هذه المناطق ذات أغلبية كردية، أو يشكل الأكراد مكونا رئيسيا فيها. ويقول مراقبون في أربيل إن “وسائل الإعلام المرتبطة بالحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، تتعامل مع جميع صنوف القوات العراقية التي نفذت عملية إعادة الانتشار في كركوك والمناطق المتنازع عليها بين العرب والأكراد، على أنها جزء من الحشد الشعبي، وتتجنب الحديث عن الجيش والشرطة المحلية وجهاز مكافحة الإرهاب”. ووثقت كاميرات نشطاء ومدونين عددا من التجاوزات في كركوك ومحيطها، اتهم الحشد الشعبي بارتكابها. وبثت وسائل إعلام كردية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلات فيديوية تظهر مقاتلين يحملون رايات الحشد الشعبي وهم يحرقون علم إقليم كردستان أو يدوسونه. وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمر القوات العراقية المسلحة برفع العلم العراقي في كركوك والمناطق المتنازع عليها. وتناقلت وسائل إعلام كردية أنباء عن “استخدام الحشد الشعبي الدبابات في إعدام عناصر أمن تابعين للقوات الكردية”، المعروفة بـ”الأسايش”، والتي كانت تسيطر على كركوك قبل دخول القوات الاتحادية إليها. ونقلت وسائل إعلام كردية عن النائب الكردي في البرلمان العراقي، شاخوان عبدالله، القول إن “مسلحي الحشد الشعبي اعتقلوا شرطيين كرديين من أمام مبنى أسايش الحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك، وأقدموا على سحقهما بالسير على جسديهما بالدبابات”، فيما قال عضو مجلس قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك، دياري حسين، إن “الحشد الشعبي شن هجوما بالمدافع″ على مقر حزبه، و”حرق جزءا” منه. وسُجّل عدد من “التجاوزات الفردية”، كما تصفها بغداد، خارج مركز كركوك وتحديدا في قضاء طوزخورماتو التابع لمحافظة صلاح الدين، وتسكنه أغلبية تركمانية شيعية مع أقلية كردية، فضلا عن قضاء خانقين القريب من الحدود الإيرانية. وقال مسؤولون في كردستان إن نحو مئة ألف كردي فروا من كركوك بينهم نحو 18 ألف أسرة انتقلت إلى مدينتي أربيل والسليمانية، خوفا من اعتداءات عرقية تنفذها الميليشيات الموالية لإيران، في ضوء تقارير عن اعتداءات طائفية لها في مدن سنية بعد هروب مقاتلي داعش منها. وأكد مواطنون من مدينة كركوك أن “أبناء المدينة بمختلف مكوناتهم يلقون معاملة أسوأ من معاملة تنظيم داعش”. وقالوا لشبكة رووداو الإعلامية إن “القوات الإيرانية دخلت إلى كركوك بزيّ الشرطة العراقية”، مشيرين إلى أن “مساجد مدينة كركوك أصبحت تصدح بـ’أشهد أن عليا ولي الله”. ووصف المتحدث باسم الاتحاد الوطني الكردستاني، سعدي أحمد بيره مذكرة إلقاء القبض الصادرة من القضاء العراقي بحق كوسرت رسول نائب رئيس الإقليم بأن لا قيمة لها. واضطرت بغداد لإعلان سلسلة من الإجراءات للسيطرة على موجة الذعر التي سادت الأوساط الشعبية الكردية بسبب الحديث عن انتهاكات ممنهجة ترتكبها قوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران، وقادت إلى نزوح نحو 200 ألف كردي من كركوك إلى إقليم كردستان المجاور. وتضمنت الإجراءات أوامر بسحب الحشد من مراكز الأقضية في كركوك، واستبداله بالشرطة الاتحادية، على أن يدعمها جهاز مكافحة الإرهاب، فضلا عن اعتقال عناصر في الشرطة شوهدوا وهم يحرقون علم الإقليم الكردي. ولكنها تضمنت أيضا سحب رخصة محطتين فضائيتين تتبعان نيجرفان البارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان، ومسرور البارزاني نجل رئيس إقليم كردستان، بعد اتهامهما بـ”نشر الذعر وترويج الأكاذيب والمبالغة”. ويقول مراقبون إن “الاهتمام الإعلامي في العراق تحول من التساؤل عن مصير إقليم كردستان بعدما خسر حقول نفط كركوك التي كانت توفر له ثلثي احتياجاته من المال، إلى التساؤل عن مصير الأكراد في كركوك، وفرص عيشهم الضئيلة تحت سلطة حكومة شيعية لا تستطيع ضبط سلوك الحشد الشعبي”. وسريعا، امتدت هذه التأثيرات إلى خارج البلاد لتصل إلى تركيا، حيث أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان أن بلاده “تحقق في تقارير عن دخول الحشد الشعبي إلى قضائي مخمور وسنجار”، التابعين لمحافظة نينوى. ويقول مراقبون إن “الحشد الشعبي لم يدع العبادي يستمتع بنجاح خطته التي عادت بموجبها أراض شاسعة لتكون تحت سلطة الحكومة المركزية، إذ سرعان ما عكرت هذا المشهد أخبار التجاوزات والانتهاكات”. ويقول مراقبون إن “أنباء الانتهاكات في المناطق ذات الأغلبية الكردية التي أصبحت تحت سلطة القوات الاتحادية، ربما تدفع أطرافا دولية مهمة إلى تغيير موقفها”. وحظيت خطة العبادي بتأييد دولي واسع، لكن ذلك أصبح على المحك حاليا، وفقا للمراقبين. وفي مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز، الخميس، دافع العبادي عن قراره بتنفيذ خطة الانتشار في المواقع التي كانت تحت سلطة البيشمركة الكردية. وقال العبادي “أنا رئيس الوزراء، ومطلوب مني وفقا للدستور أن أتحرك لحماية الشعب العراقي وإبقاء بلدنا موحدا”. وأضاف “لهذا على الحكومة استعادة ما هو منصوص عليه في سلطتها الاتحادية، أي فرض سلطتها على المعابر وصادرات النفط والجمارك”، مشيرا إلى أن “إعادة انتشار القوات العراقية هذا الأسبوع في أجزاء من كركوك ومناطق أخرى في شمال العراق تتفق مع هذا النهج”. ونقل تلفزيون رووداو ومقره أربيل عن حكومة إقليم كردستان قولها إنها ترحب بدعوة رئيس الوزراء العراقي إلى الحوار لحل الأزمة التي فجرها الاستفتاء، لكن متابعين للشأن الكردي قللوا من سقف التفاؤل في ضوء انكماش السلطات الكردية وبحثها عن تهدئة بأي ثمن، وأن الحوار في هذه الظروف لن يفضي إلى نتائج ملموسة.

مشاركة :