مع تقلص المساحات التي باتت تحت سيطرة «داعش» في سورية وطرد التنظيم من الرقة ومحاصرته في دير الزور، آخر معاقله الكبيرة، وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تصوراً سياسياً لما بعد «داعش» في سورية، يقوم على تسريع وتيرة المفاوضات السياسية وعقد مؤتمر سلام يضم ممثلين عن كل الجماعات العرقية. إلى ذلك، أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال محادثاته مع المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، عن اعتقاده بأن أيام «داعش» باتت معدودة وأن العمليات القتالية ضده ستنتهي قريباً. وقال إن الوضع يقترب من مرحلة الحسم. وأبلغ لافروف دي ميتسورا أن موسكو تتوقع عقد جولات جديدة من محادثات آستانة وجنيف قريباً، بينما أكد المبعوث الأممي الجاهزية لاستضافة جولة جديدة من محادثات جنيف الشهر المقبل. في موازاة ذلك، هنّأ المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي الرئيس السوري بشار الأسد بـ «الانتصارات التي تحققت ضد الإرهاب». وبحث الأسد مع اللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان الإيرانية، والذي يزور سورية حالياً، إستراتيجية دفاعية مشتركة. وقال بوتين أمس إن لديه كل الأسباب للاعتقاد بأن موسكو، إلى جانب دمشق، «ستهزمان الإرهابيين في سورية قريباً»، موضحاً أن عملية السلام في سورية تتطور إيجاباً على رغم استمرار وجود مشكلات. وزاد أن هناك مقترحاً بعقد مؤتمر لجميع السوريين يضم ممثلين عن كل الجماعات العرقية في سورية، للبحث في مستقبل البلاد بعد طرد «داعش» منها. واتهم بوتين خلال مشاركته أمس، في منتدى للحوار الإستراتيجي في موسكو، من وصفهم بـ «بعض الشركاء»، بالسعي إلى عرقلة تقدم التسوية في سورية، موضحاً أن هناك أطرافاً «بدلاً من المساهمة الفاعلة في مكافحة الإرهاب ترغب في فوضى مستدامة في منطقة الشرق الأوسط». وأضاف أن «بعض التجارب الحديثة، بما في ذلك القضية السورية، يظهر أن هناك بديلاً من مثل هذه السياسة المدمرة». وشدد على أن بلاده «تعمل بدقة وعناية مع كل المشاركين في مسار آستانة وتأخذ مصالحهم بعين الاعتبار»، في إشارة إلى التوازنات الروسية الصعبة بين إيران من جانب وتركيا من الجانب الآخر على الساحة السورية. كما أكد بوتين على أن تصدي موسكو للإرهاب في الشرق الأوسط «يتم في إطار القانون». وأضاف: «أود القول إن هذا التقدم الإيجابي (في سورية) لم يكن تحقيقه أمراً سهلاً. هناك خلافات كثيرة جداً في المنطقة». تزامناً، أجرى دي ميستورا محادثات أمس مع لافروف، ركزت على آفاق استئناف العملية السياسية في جنيف. ودعا المبعوث الأممي إلى الربط بين التحركات الميدانية على صعيد تثبيت «خفض التوتر» وإطلاق مسار التسوية السياسية في جنيف برعاية الأمم المتحدة. وكان دي ميستورا أجرى مساء أول من أمس محادثات مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، بحثا خلالها «آفاق الانتقال من مرحلة خفض التوتر إلى صيغة سياسية أكثر ثباتاً». من ناحيتها، أعلنت الخارجية الكازاخية أمس، أن الجولة السابعة من مفاوضات آستانة ستعقد يومي 30 و31 من الشهر الجاري. وأفادت الخارجية في بيان بأن «من المقرر خلال المحادثات تأكيد أسس مجموعة عمل من أجل إطلاق سراح الرهائن والأسرى، ونقل الجثث والبحث عن مفقودين». إلى ذلك، بحث اللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان الإيرانية مع الأسد «المراحل المتقدمة» التي وصلت إليها العلاقات بين سورية وإيران في كل المجالات، و «على رأسها التعاون العسكري الذي شهد تطوراً نوعياً خلال الحرب التي تخوضها سورية وحلفاؤها ضد الإرهاب»، وفق ما أفادت وكالة «سانا». وقال باقري إن «الهدف من هذه الزيارة هو وضع إستراتيجية مشتركة حول مواصلة التنسيق والتعاون على المستوى العسكري في المرحلة المقبلة».
مشاركة :