سأكون شاعراً، وستملأ مكتبات الخواء كلماتي، وسأصعد منابر الزيف لأنشد كلاماً لا إيقاع أو روح أو بنية فيه، ثم سأجبركم على ضمي لقافلة الشعراء. هذا لسان أولئك الموهومين بكتابة قصيدة النثر/ النثيرة؛ التي تجنح في بنائها للسرد المتهافت مرةً، ولإبهام الشكل ثانيةً، ولافتعال وجود ما ليس فيها ثالثة؛ فحُمِّلت دلالاتها البسيطة فوق احتمالات وجودها العبثيّ. قصيدة النثر/ النثيرة جنس أدبي جديد نقارب بنيته وفقاً لذلك، ونتماهى مع سلوكه الفني باعتباره نثراً بالغ الانزياح التعبيري في أزهى حالاته، أما أن نقف أمام عتباته بوصفه شعراً؛ فهذا مسخٌ لعمود الشعر ونكثٌ لاشتغالات دارسيّ الأدب - قدماءَ ومحدثين-، وكي أمنح كلامي صدقيّته سأورد نموذجاً لأدونيس احتفى به كُتّاب قصيدة النثر/ النثيرة إذ يقول:«كنت في غرفتي البائسة في باريس، أحاول أن أُجلِس بلادي على ركبتي، لا لكي أعالجها كما فعل «رامبو» مع الجمال، بل لكي أتنشق رائحة خريف يستسِرُّ فيها، ولكي أقارنه بوجه الشاعر، وربما لكي أعلن حقوقاً أخرى للإنسان لا أزال أتردد في الجهر بها». فأين هي روح الشعر وجوهره في كلام أدونيس؟!، إنه أقرب للقصة الحالمة وللتعبير الممتلئ عاطفةً دون همٍّ فني. إنَّ شعريةَ الفكرة أو الصياغة في قصيدة النثر/ النثيرة - كما يروِّج روادها - حالةٌ تتلبس كلَّ الأشكال والأجناس الأدبية مع اختلاف حالات التلبُّس، ووجودها في جنس أدبي لا يمنحه وسام الشعر؛ وإلا لباع دكَّانُ اللغة قصائدَه لكل مُريد.
مشاركة :