قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ: إن حب البلاد حقيقة أقرتها شريعة الإسلام وأحاطتها بحقوق وواجبات رعاية لمصالح الدين والدنيا معا، فقد اقترن حب الديار بحب النفس، وفي قضية حب الديار ومحبة البلاد، يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم مكة بحزن وشوق فيقول: “ما أطيبك من بلد وما أحبك إلي ولولا أن قومك أخرجوني منك ما سكنت غيرك”، وبعد هجرته إلى المدينة واستقراره فيها قال: “اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد”. وأضاف في خطبة الجمعة: من أعظم نعم الله على العبد استقراره في بلده آمنا على نفسه وأهله عابدا ربه مطيعا لخالقه، “من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوته يومه فكأنما حيزت له الدنيا”، وإن حب الديار في الإسلام يعني الالتزام بقيم فاضلة ومبادئ زاكية، إنه يعني التعاون على جلب كل خير وصلاح للبلاد وأهلها ودفع كل فساد وعناء عن الديار وساكنيها، “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”، إن حب البلاد يقضي أن يعيش كل فرد مع إخوانه في بلاده بمحبة وتراحم وتعاطف، “إنما المؤمنون إخوة”. وتابع الشيخ آل الشيخ: إنه الحب الذي يبعث على التواصي بالبر والتقوى والتناصح على ما فيه خير الديار وأعمارها، إنه الحب الذي يبعث على الدفاع عن الديار وعن منهجها وثوابتها، والدفاع عن أرضها ومقدراتها، كل حسب قدرته وطاقته ومسؤوليته، إنه الحب الذي يلزم أفراد المجتمع أن يتصدوا لكل مخطط ينال من مقدرات البلاد ومصالحها الدينية والدنيوية، وحب المسلم لدياره يجعله ملزما أن يحب لبلاده وولاتها وأهلها ما يحب لنفسه وأن يرعى مصالحها كما يحب ويرعى مصالحه الخاصة ومنافعه الذاتية. وحذر إمام وخطيب المسجد النبوي أن من أقبح صور الخيانة استغلال الوظائف والمناصب للمصالح الشخصية، ومن أقذر أشكال ذلك، الفساد بشتى أنواعه وخاصة المالي، ومن حق البلاد علينا التعاون مع من ولاه الله أمر سياسة البلاد في العمل الظاهر والباطن، وأن نعلم أن طاعتهم في غير معصيته واجب من واجبات الشريعة، وأن يحرص كل واحد منا على لم اللحمة ووحدة الصف وجمع الكلمة، وأن يكون الجميع مجندين لحماية البلاد من كل مخطط يهدف للإضرار والإفساد.
مشاركة :