قال سعادة د. توفيق عبدالله ييف سفير أذربيجان لدى قطر في حوار مع «العرب» إن بلاده تأمل في تسوية الأزمة الخليجية في أقرب وقت ممكن، عن طريق الحوار والتفاهم المتبادل، مشيراً إلى أن استمرار الأزمة ليس لصالح المنطقة بأكملها. وبمناسبة الاحتفال بعيد استقلالها، قال سعادته إن أذربيجان تضع نصب أعينها الوصول إلى مرتبة الدول المتطورة عام 2020، لافتاً إلى أن العلاقات السياسية مع قطر تمتد إلى 23 عاماً، وهي في تطور مطرد. وعلى الصعيد الاقتصادي، ورغم توقيع 37 اتفاقية مشتركة، إلا أن سعادة السفير أكد أن مستوى العلاقات الاقتصادية ليس على الدرجة المطلوبة، على الرغم من أنه هناك إمكانيات واسعة لتنمية التعاون الاقتصادي بين البلدين.. وتفاصيل أخرى في نص الحوار التالي: تحتفل أذربيجان بعيد الاستقلال الوطني، ماذا تعني هذه المناسبة لشعبكم؟ - في 18 أكتوبر عام 2017 يحتفل الشعب الأذربيجاني بالذكرى السادسة والعشرين لإعادة استقلال جمهورية أذربيجان (الاستقلال الوطني عن الاتحاد السوفيتي). وهو اليوم الذي عقدت فيه الجلسة التاريخية للمجلس الأعلى لجمهورية أذربيجان سنة 1991، والمعروف أيضاً بأنه التاريخ الذي تم فيه اعتماد القانون الدستوري الخاص باستقلالها. وأعلنت الجمهورية الجديدة باعتبارها الخليفة الشرعية لجمهورية أذربيجان الديمقراطية التي دامت 23 شهراً في الفترة ما بين 28 مايو 1918 وحتى 28 أبريل عام 1920، وكانت أول جمهورية في الشرق تتمتع ببرلمان ذي تعدّدية حزبية. أين هي أذربيجان اليوم بعد سنوات منذ الاستقلال؟ - أصبحت أذربيجان تحت قيادة فخامة الرئيس إلهام علييف، تجسد أحد أسرع الاقتصادات المتطورة في العالم، واستطاعت خلال سنوات الاستقلال أن تخطو خطوات كبيرة وبثبات، لتدخل في عداد الدول المتقدمة المزدهرة، وقد اتضح ذلك جلياً عندما شاهدها العالم خلال استضافتها لدورة الألعاب الأوروبية الأولى عام 2015 التي تقدمت بفكرة تنظيمها وطلب استضافتها حسب المعايير الأولمبية والأوروبية. وأولى الرئيس علييف اهتماماً خاصاً بالبنى التحتية وضرورة تأهيلها وبنائها بصفتها الضمان الوحيد للمضي في عملية التنمية الشاملة، وتحقيق مستويات من النمو الاقتصادي تتناسب مع تطلعات الشعب الأذربيجاني. وبتاريخ 8 فبراير 2013، أطلق أول قمر اصطناعي أذربيجاني إلى الفضاء، وأصبحنا عضواً في النادي الفضائي. وعلى الصعيد الاقتصادي؟ - يعتبر الاقتصاد الأذربيجاني الأسرع نمواً على مستوى دول وسط آسيا وبحر قزوين، وخاصة في القطاع غير النفطي. وتحتل أذربيجان المرتبة الـ 35 من بين 140 دولة في العالم من ناحية التنافسية، وهذا بناء على تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس. وبلادنا غنية بمواردها الطبيعية، خاصة النفط والغاز. كما تعتبر صناعة البتروكيماويات من أكثر الصناعات تطوراً، وتعتبر الأقدم على مستوى العالم في أذربيجان. وبلادنا غنية بالمعادن مثل الحديد والنحاس والألمنيوم، وتشتهر أيضاً بزراعة كافة المحاصيل والفواكه والشاي والأخشاب وغيرها. كما أن موقع أذربيجان الاستراتيجي عند تقاطع طرق التجارة الكبرى الممتدة بين الغرب والشرق، وممرات النقل والطاقة بين الشمال والجنوب وفرت مصادر هامة لتحويل البلاد إلى أرض صلبة للبنية التحتية والطاقة، وسوف توفر هذه البنية التحتية لطرق السكك الحديدية الإقليمية الممتدة بين أذربيجان وجورجيا وتركيا، فرصاً هائلة لتقديم كافة أنواع عمليات شحن البضائع بين آسيا وأوروبا. وقد تحولت أذربيجان بعد مرور 26 عاماً من الاستقلال من دولة متلقية للمعونات إلى دولة مانحة، كما تجاوز الاحتياطي النقدي الأجنبي 40 مليار دولار أميركي، وما زال طامحاً للزيادة. ما تقييمكم للعلاقات الثنائية بين أذربيجان ودولة قطر؟ - تمتد العلاقات بين قطر وأذربيجان لأكثر من 23 عاماً، حيث كانت قطر من أوائل الدول التي اعترفت بسيادة أذربيجان الحديثة، وأقامت معها العلاقات الدبلوماسية في 14 سبتمبر عام 1994، وتوجت هذه العلاقة بافتتاح كلتا السفارتين -السفارة الأذربيجانية في الدوحة، والسفارة القطرية في باكو عام 2007. وأستطيع القول إن العلاقات القطرية الأذربيجانية في تطور مطرد، وهذا يبعث على الرضا والطمأنينة بين البلدين، ويعزز العمل المشترك لتطوير هذه العلاقة يوماً بعد يوم، وهذا يثبت ما تتمتع به القيادة القطرية والشعب القطري من مشاعر الأخوة الصادقة تجاه إخوانهم المسلمين في أذربيجان. وامتد التطور الملحوظ للعلاقات الثنائية لميادين السياسة والتجارة والاقتصاد والعلوم والثقافة وشؤون الشباب والرياضة، وغيرها من المجالات الحيوية، وعلاقات البلدين على مستوى عال جداً من التفاهم والتعاون. وإلى يومنا هذا، تم التوقيع على31 اتفاقية ومذكرة تفاهم وتعاون بين جمهورية أذربيجان ودولة قطر، ثمانية منها خلال زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى جمهورية أذربيجان في العام الماضي، و6 اتفاقيات خلال زيارة فخامة الرئيس إلهام علييف في شهر فبراير 2017 إلى قطر. ولا يزال العمل قائماً لمتابعة تنفيذ الاتفاقيات والاستفادة القصوى منها بما فيه مصلحة الشعبين والبلدين. هل بلغت العلاقات الاقتصادية مستوى التفاهم السياسي؟ - مستوى العلاقات الاقتصادية بين جمهورية أذربيجان ودولة قطر ليس على الدرجة المطلوبة، على الرغم من أن هناك إمكانيات واسعة لتنمية التعاون الاقتصادي بين البلدين. وخلال زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، إلى أذربيجان عام 2016، تم التوقيع على ثماني اتفاقيات تعاون بين الدولتين، ومن جملتها إنشاء اللجنة المشتركة الاقتصادية والتجارية والفنية بين حكومة جمهورية أذربيجان وحكومة دولة قطر. وبموجب هذه الاتفاقية تم تأسيس اللجنة المذكورة، وعقد أول اجتماع للجنة المشتركة في يناير عام 2017. ومنذ هذا الوقت نتابع زيادة ملحوظة في التبادل التجاري بين البلدين. كم حجم الاستثمارات المتبادلة بين البلدين؟ - من الصعب الحديث عن حجم الاستثمارات بين البلدين الآن، ونأمل أن نرى تطوراً في هذا المجال، خاصة أن البلدين لديهما موارد طبيعية مثل النفط والغاز. ويمكن تطوير علاقاتنا في مجال الاستثمار، حيث إن هناك اتفاقيات بشأن التعاون الاقتصادي والتجاري والفني بين حكومتي البلدين، والتشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات، وتجنب الازدواج الضريبي. ويجب أن نضع في اعتبارنا ضرورة عقد لقاءات ثنائية ومتعددة الأطراف ومنتديات أعمال ومؤتمرات وغيرها من الأعمال المنظمة بين دوائر رجال الأعمال، باعتبار ذلك مدخلاً لإقامة علاقات تجارية. وننوه إلى أن اللجنة الحكومية المشتركة ستعزز على نحو إيجابي العلاقات التجارية المتبادلة. وزيادة على ذلك، فإن الإجراءات التشجيعية التي تبنتها حكومتنا في السنوات الأخيرة، مثل قرار رئيس أذربيجان بتشجيع شعار «صنع في أذربيجان» يفتح آفاقاً عالمية جديدة وآمالاً واسعة للتعاون مع قطر ودول الخليج العربية بشكل عام. وبالطبع، فجميع تلك العوامل ستسرع وتيرة الأنشطة التجارية والصناعية وعمليات التصدير والاستيراد، وتساهم في إقامة تعاون متبادل على مستوى عال من التناغم بين البلدين. ما القطاعات التي يمكن أن تجلب الاستثمارات القطرية؟ - هناك فرص استثمارية واعدة في القطاعات الزراعية، وإنتاج وتصنيع الأغذية، والسياحة، والاتصالات التقنية، والطاقة البديلة، وإنتاج مواد البناء، والقطاع الكيميائي، والإنارة، وعلم المعادن، والآلات، وهي كلها قطاعات تشكل أولوية بالنسبة للمستثمرين الأجانب فيما يتعلق بالقطاع غير النفطي. ومجتمع الأعمال في دولة قطر الشقيقة بإمكانه الاستفادة من البيئة المواتية في أذربيجان، والاستثمار في العديد من القطاعات الاقتصادية في بلادنا وخاصة في المشاريع الاستثمارية غير النفطية. هناك فرص هائلة في الصناعة والزراعة واللوجستيات وتكنولوجيا المعلومات والخدمات، يمكن لبلدينا التعاون فيها، إلى جانب السياحة التي تعد أحد قطاعاتنا الواعدة التي يمكن الاستفادة من الفرص المتاحة فيها، وكذا المشاريع المشتركة في الإنتاج الزراعي، وكلها قطاعات كفيلة بجذب المستثمرين القطريين. وبالمقابل، هناك اهتمام من شركات البناء في أذربيجان بمشاريع البنية التحتية في قطر، وغير ذلك من المبادلات التجارية. هل من زيارات متبادلة لمسؤولي البلدين في المستقبل؟ - إن تنفيذ زيارات متبادلة لمسؤولي البلدين يتم على الدوام، والتعاون في هذا المجال مستمر. كيف تنظر أذربيجان للأزمة الخليجية الحالية؟ - نحن نأمل في تسوية الأزمة الخليجية في أقرب وقت ممكن عن طريق الحوار والتفاهم المتبادل بين الدول الشقيقة، واستمرار هذه الأزمة ليس لصالح المنطقة بأكملها. ونثق بأن تطبيع العلاقات بين أشقائنا العرب سيعزّز الأمن والاستقرار في المنطقة، وسيعمق روح التعاون في جميع المجالات بين جميع الدول بمنطقتنا. السياح القطريون تضاعفوا بنسبة %5.5 قال سعادة د. توفيق عبدالله ييف في حواره لـ «العرب» إن أذربيجان من أرقى بلدان العالم السياحية. وتعتبر باكو من أكثر مناطق أذربيجان جذباً للسياح، حيث جمال الطبيعة والآثار القديمة المتعددة. وتعدّ قلعة الفتاة من أبرز المناطق الأثرية المعروفة، بالإضافة إلى مدنها القديمة الأخرى من أمثال مدن «غنجه» و»نختشوان» و»شكي» و»قبله»، وهي من أكبر المعالم السياحية في منطقة القوقاز وشرقي أوروبا. لذلك تعتبر السياحة أحد قطاعاتنا الواعدة، ومن أهم المجالات الاقتصادية المتقدمة، ومن أسرعها نمواً. ولحسن الحظ شهدنا بعد تطبيق نظام التأشيرة الميسرة (ترسيم التأشيرة في المطارات حين الدخول أو إلكترونياً خلال 3 ساعات) زيادة ملحوظة في الإقبال السياحي، وأصبح عدد القادمين إلينا من قطر يتزايد يوماً بعد يوم. وقد ارتقى عدد السياح القطريين القادمين إلى أذربيجان 5.5 أضعاف عام 2016، وخلال النصف الأول لهذا العام أيضاً. كما لاحظنا بعد بدء ترسيم التأشيرات لمواطني أذربيجان في المنافذ الحدودية لدولة قطر زيادة في عدد السياح الأذربيجانيين القادمين إلى دولة قطر.;
مشاركة :