إهتمت الصحف ألمانية بأقوال السياسية من أصل فلسطيني شبلي، حيث أعربت عن انزعاجها من إطراء سفير سابق لها، معتبرة هذه الاقوال تمييزا جنسيا. من هي شبلي التي شغلت وسائل الإعلام، ولماذا يتهمها البعض بانها تمثل الإسلام المحافظ؟ يبدو أن السياسية الألمانية من أصل فلسطيني سوسن شبلي باتت تحظى بحضور قوي في الإعلام الألماني. فشبلي التي تشغل منصب مفوض برلين لدى الحكومة الاتحادية ومفوض الشؤون المجتمعية في العاصمة الألمانية، منذ ديسمبر/ كانون أول 2016 وتنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي (ٍSPD). تدرجت في المناصب السياسية، إذ شغلت سابقا عدة مناصب أهمها نائب المتحدث الرسمي لفرانك فالتر شتاينماير عندما كان يشغل منصب وزير خارجية ألمانيا، قبل توليه سدة الرئاسة، كما شغلت منصب المسؤولة الرئيسية فيما يتعلق بقضايا حوار الثقافات لدى حكومة ولاية برلين، وعملت أيضا كمستشارة مباشرة لوزير داخلية هذه الحكومة فيما يتعلق بقضايا الإسلام والاندماج. إضافة إلى ذلك أشرفت شبلي على مؤتمر الإسلام في ألمانيا لاسيما فيما يخص الجوانب المرتبطة بسياسة اندماج المسلمين في مدينة برلين. التمييز على أساس الجنس وأثارت شبلي ضجة في الإعلام الألماني بعد إعرابها عن انزعاجها من أقوال السفير السابق هانز يواخيم كيدرلين، والذي عبر عن إعجابه بجمالها، معتبرة ذلك تمييزا على أساس الجنس. ونشرت شبلي تفاصيل الحادثة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، حيث قالت على صفحتها بأنها أتت متأخرة إلى مؤتمر خاص بالتعاون الهندي الألماني، ولأنها كانت متأخرة عن الموعد بعض الشيء جلست بسرعة على مقعد قريب، بدلا من مقعدها، وعندما قال رئيس المؤتمر السفير المتقاعد كيدرلين أن السيدة شبلي ليست موجودة، صرحت بأنها هنا، وعندما رآها قال لها "لم أكن أتوقع فتاة شابة بسنك، وعلاوة على ذلك جميلة أيضا!" ما أثار صدمة شبلي، وإعرابها عن انزعاجها بحسب صحيفة "تاغس شبيغل" الألمانية. بعنوان "تحت الصدمة - التمييز على أساس الجنس"، علقت سوسن شبلي على قصة الإطراء الذي وُجه لها (تفاصيل ترجمة التعليق ضمن التقرير). وبالرغم من أن الصحيفة البرلينية أوردت خبراً عن اعتذار السفير السابق عن كلامه، مؤكدا أنه لم يقصد إزعاجها، وأنه اعتبره نوعا من الإطراء، تباينت الآراء حول هذا الموضوع بين مؤيد ومعارض، حيث نشر موقع صحيفة "تسايت أولاين" تساؤلات حول ما إذا كان من حق الرجل إبداء اعجابه بالمرأة إن كانت جميلة أم لا. وركزت الصحيفة على الفارق العمري بين شبلي والسفير المتقاعد كيدرلين، وعما اذا كان كلامه نابع "إعجاب أبوي" ليس أكثر. وبدورها رأت صحيفة "تاغس شبيغل" أن تصرف السفير كان "غير احترافي"، إذ أنه لم يبحث أكثر عن ضيوفه، ولم يعرف كيف تبدو أشكالهم، بالرغم من جلوس شبلي أمامه، وأضافت الصحيفة "حاول كيدرلين أن يغطي على هذا الأمر ببعض المديح. وهو ما قد يحسب ضده، إلا أن رد فعل شبلي بحسب الصحيفة الألمانية كان مبالغا به". إلا أن مجلة "بريجيته" الألمانية، أوردت على موقعها الإلكتروني تصريحات مؤيدة لشبلي، حيث أكدت قائلة: "حتى لو كانت المرأة جميلة، وللرجل نية صافية فهذا لا يعني أن له الحق في إبداء هذه الأقوال"، خاصة أن شبلي اعتبرت هذه الأقوال تقلل من قيمة المرأة، لأنه ركز على شكلها الخارجي فقط وكيف تبدو دون النظر إلى الشكل الداخلي، معتبرة أن هذا التصرف من الرجل "تمييزا بحق المرأة". وفي إتصال هاتفي مع DW عربية، فضلت شبلي عدم الإدلاء بتصريحات جديدة حول ما حدث، معتبرة "أن الموضوع أخذ بعدا كافيا في وسائل الإعلام، وأنها سعيدة أن العديد من وسائل الإعلام الألمانية تفهمت أقوالها ووقفت بجانبها". شبلي.. تحديات منذ مولدها اضطرت عائلة سوسن شبلي بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 إلى الانتقال للعيش في لبنان، حيث أمضت 20 عاما هناك قبل أن تهاجر العائلة الفلسطينية للعيش في ألمانيا. ولدت سوسن ذات 39 ربيعا في ألمانيا حيث نشأت في ظروف صعبة، إذ ظلت وإلى حين بلوغها سن الخامسة عشرة بدون جنسية وبدون أوراق إقامة دائمة. كما افتقدت لدعم والديها في مسارها الدراسي لكونهما كانا أميين ويتحدثان فقط باللغة العربية في المنزل بحسب صحيفة "تاغس شبيغل" الألمانية. سوسن شبلي ترافق فرانك فالتر شتاينماير عندما كان وزيرا للخارجية(2016)، وذلك خلال مؤتمر حواري مع الشباب رغم ذلك استطاعت سوسن أن تتغلب على هذه الظروف وتمكنت من الحصول على شهادة الثانوية العامة والتحقت بالجامعة لدراسة العلوم السياسية. اختيارها لهذه الشعبة لم يكن وليد الصدفة كما روت للصحيفة الألمانية، فكونها تربت كلاجئة فلسطينية أدركت منذ صغرها كيف يمكن للسياسة أن تساهم في صنع مصير كامل لعائلة. وفي عدة تصريحات إعلامية لها قالت شبلي "كنت دائما أطرح هذا السؤال: كيف يمكنني أن أساهم بدوري في التأثير في هذه السياسة؟" وبالرغم من النجاحات التي حققتها السياسية من أصل فلسطيني، واجهت شبلي انتقادات سياسة وإعلامية كبيرة. فالعديد من السياسيين مثل النائبة البرلمانية في الحزب الاشتراكي الديمقراطي لاله أكغون، وأيضا النائب من ذات الحزب إيرول أوسكاراسا اتهموا شبلي بأنها تدعم "الإسلام المتشدد"، وبأن وجودها في الحكومة "يقوي من شوكة الإسلاميين في ألمانيا"، بحسب صحيفة "فيلت الألمانية". أكثر مقولات شبلي إثارة للجدل وكانت شبلي قد صرحت عام 2016 لصحيفة "فرانكفورتر ألغيماينه تسايتونغ" أنها تعتقد أن الشريعة الإسلامية متوافقة مع القانون الأساسي(الدستور) في ألمانيا، وبالرغم من عودتها لاحقا ولإقرارها بوجود بعض الاختلافات إلا أن هذه التصريحات جعلتها تواجه وابلا من الانتقادات. وكانت شبلي قد صرحت مرارا لعدة صحف ألمانية أنها تبدي تفهما لكل امرأة مسلمة ترتدي الحجاب، وأنها لا ترى في الأمر مشكلة. ولا ترتدي شبلي الحجاب ولها في ذلك أسباب تشرحها كما يلي "لا أرتدي الحجاب لأنني أعرف أنه من الصعب على المرأة المحجبة تحقيق نجاح كبير هنا في ألمانيا" وفقا لما نشرته صحيفة "دي فيلت" الألمانية. كما أنها تنظر إلى الحجاب كونه يعبر عن قوة تدين المرأة، وهي ترفض أي إقصاء لهذه الفئة من المجتمع. وحاولت سوسن من خلال "مؤتمر الإسلام" العمل على تسهيل إدماج المسلمات في سوق العمل في ألمانيا، وقالت في هذا السياق "بالحجاب أو بدون حجاب لا يجب أن يكون هناك أي تمييز في حق النساء". وتشكل قضايا الإسلام أحد أكبر اهتمامات سوسن شبلي، فقد قامت بتنظيم زيارة لأحد مساجد برلين شارك فيها موظفو وزارة الداخلية في حكومة ولاية برلين، "لا يتعلق الأمر هنا بزيارة المسجد في حد ذاته وإنما بالتعرف على المسلمين عن قرب"، كما صرحت في وقت سابق لـDW. وبلورت شبلي مشروعا يحمل اسم "شباب، مسلم، فاعل" بهدف بناء جسور بين الجاليات المسلمة والهيئات الحكومية، بهدف إعطاء صوت للشباب المسلم. "كل النساء المسلمات الشابات في مجموعتنا يرتدين الحجاب ويشعرن بالتمييز من خلال قانون الحظر". وأضافت أن "الكثيرات منهن يتابعن دراستهن الجامعية ويناضلن من أجل ممارسة مهن التعليم أو المحاماة ولم لا القضاء" كما صرحت شبلي لـDW. وقالت "إن القبول المجتمعي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال إثارة مزيد من الاهتمام". وتضيف شبلي "هناك الكثير من النساء اللواتي يرتدين الحجاب، لأنهن يعتبرنه جزءًا من هويتهن رغم أنه لا أحد في البيت يجبرهن على ارتدائه". وقد ساهم كون سوسن شبلي من أصول أجنبية في تقلدها مهام عديدة في الدولة، كما أنها تعد من بين الأجانب الذين نجحوا في إتمام دراستهم، والوصول لمناصب حكومية رفعية. وتقول في هذا الإطار لعدة صحف ألمانية "لقد استطعت من بين إخوتي الثلاثة عشر من الحصول على شهادة الثانوية العامة. وعندما أنهيت دراستي الجامعية عام 2004 لم يكن في دفعتي إلا القليل من الطلبة الأجانب". الكاتب: علاء جمعة
مشاركة :