استغلت روسيا اشتعال الأحداث في إقليم كردستان وقامت «روسنفت»، أكبر شركة نفط روسية، بالسيطرة على خط أنابيب النفط الرئيسي في كردستان العراق، لتعزز استثمارها في الإقليم شبه المستقل إلى 3.5 مليار دولار رغم تحرك بغداد العسكري الذي أطلق شرارته تصويت الأكراد في استفتاء على الاستقلال. وتزامن ذلك مع تحول أسعار النفط إلى الانخفاض مع تواصل ضغوط ارتفاع الدولار، عقب تقارير عن بدء إصلاح وصيانة المرافق المتضررة في مدينة كركوك.تأتي خطوة «روسنفت» في إطار ما يبدو أنها استراتيجية أوسع نطاقا للرئيس فلاديمير بوتين لتعزيز النفوذ السياسي والاقتصادي لموسكو في الشرق الأوسط، والذي ضعف جراء انهيار الاتحاد السوفييتي. ويتزامن استثمار «روسنفت» مع أزمة في علاقة كردستان مع الحكومة المركزية في بغداد منذ أن أجرى الإقليم استفتاء على الانفصال الشهر الماضي، ما أثار غضب الجارتين إيران وتركيا.قالت «روسنفت» إنها ستملك 60 في المئة من خط الأنابيب في حين ستحتفظ مجموعة كيه.ايه.آر المشغل الحالي لخط الأنابيب بأربعين في المئة. وقالت مصادر مطلعة على الصفقة، إن من المتوقع أن يبلغ إجمالي استثمارات «روسنفت» في المشروع حوالي 1.8 مليار دولار. يضاف ذلك إلى 1.2 مليار دولار أقرضتها الشركة الروسية إلى حكومة إقليم كردستان في وقت سابق من العام الحالي للمساعدة في سد عجز في موازنتها. واتفقت روسنفت، التي تواجه صعوبات في الاقتراض من الغرب بسبب العقوبات الأمريكية، بالفعل على استثمار 400 مليون دولار في استكشاف خمس رقع نفطية. وقال آشتي هورامي، وزير المواد الطبيعية في إقليم كردستان: «أناشدكم ألا تنسوا كردستان» وذلك خلال مؤتمر لقطاع النفط في فيرونا بإيطاليا أمس الأول قبل ساعات من توقيع اتفاق خط الأنابيب مع رئيس روسنفت إيجور سيتشن أحد أكبر حلفاء بوتين. تعطل الصادرات وتواجه صادرات النفط من إقليم كردستان أسوأ تعطل في أشهر وتتدفق بنحو ثلث طاقتها بما يهدد المدفوعات إلى «روسنفت» ودائنين آخرين كبار من بينها شركات تجارة كبيرة مثل جلينكور وفيتول. واقترضت حكومة كردستان نحو أربعة مليارات دولار من روسنفت وشركات تجارة النفط وتركيا بضمان مبيعات نفطية في المستقبل. ومع انخفاض الصادرات لنحو 200 ألف برميل يوميا هذا الأسبوع من الكميات المعتادة البالغة 600 ألف برميل يوميا يعتري القلق شركات التجارة بشأن مليارات الدولارات التي على المحك. وقال إيفان جلاسنبرج الرئيس التنفيذي لجلينكور: «نراقب الموقف إذ قد يكون هناك تأخير في المدفوعات».وتعطلت الصادرات بعد أن انتزع الجيش العراقي السيطرة على منطقة كركوك الغنية بالنفط من قوات البشمركة الكردية هذا الأسبوع ،ما تسبب في تعطل الإنتاج من حقول بالمنطقة. وكانت بغداد هددت أيضا بإعادة توجيه جزء كبير من إمدادات النفط صوب خط أنابيب قديم متوقف عن العمل منذ عدة سنوات بعد أن شيد إقليم كردستان بنيته التحتية الخاصة به لنقل الخام إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط. ويقول خبراء في القطاع إن الخطة غير واقعية، لأن الخط قديم ويعلوه الصدأ ويحتاج إلى استثمارات كبيرة. وطلبت بغداد من شركة بي.بي النفطية العملاقة العودة إلى كركوك والمساعدة في إنعاش الإنتاج هناك بما يشير إلى أنها عازمة على حرمان أربيل من جزء كبير من إيرادات النفط. كانت بغداد فرضت أيضا حظرا جويا على أربيل وقطعت الصلات المصرفية معها بمساعدة تركيا وإيران. ميناء جيهان في سياق متصل، قال مصدر بقطاع الشحن البحري إن صادرات النفط من إقليم كردستان العراق صوب ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط تتدفق بمعدلات مخفضة تبلغ 216 ألف برميل يوميا مقارنة مع 600 ألف برميل يوميا في الظروف العادية. وتراجعت التدفقات منذ مطلع الأسبوع بعد أن سيطرت قوات عراقية على حقول نفطية قرب كركوك كانت تحت سيطرة قوات البشمركة الكردية. سعر عادل من جانب آخر، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن السعر الحالي للنفط «عادل»، مشيداً بنتائج اتفاق خفض إنتاج الخام. وأضاف الرئيس الروسي أن السعر الحالي للنفط أعلى مستوى 50 دولاراً للبرميل، هو سعر عادل. وتابع: «لقد تعاونا مع الدول الأعضاء في منظمة أوبك، لنصل إلى استقرار سعر النفط أعلى مستوى 50 دولاراً، وهو ما نعتبره سعراً عادلاً للخام ويناسبنا». وكانت تقارير حديثة قد أشارت إلى اتجاه «أوبك» والمنتجين من خارجها لتمديد اتفاق خفض إنتاج النفط حتى نهاية عام 2018، في مسعى لدعم توازن السوق.وانخفضت أسعار العقود الآجلة لخام «برنت» القياسي تسليم ديسمبر/ كانون الأول بنسبة 0.65% إلى 56.87 دولار للبرميل، فيما تراجع خام «نايمكس» الأمريكي تسليم نوفمبر/ تشرين الثاني بنسبة 0.90% إلى 50.83 دولار للبرميل. وكانت بيانات المخزون الأمريكي الصادرة الأربعاء، أظهرت ارتفاع مخزونات البنزين للأسبوع الرابع على التوالي، إلى جانب نمو مخزونات نواتج التقطير لأول مرة منذ أغسطس. خام غرب تكساس قال جميل أحمد نائب الرئيس لتطوير الشركات وأبحاث السوق في شركة «FXTM» إن خام غرب تكساس الوسيط يحاول البقاء فوق مستوى 50 دولارا في ظل تشجع المتداولين على الدخول في مراكز شراء في أعقاب الأنباء بشأن المعارك الدائرة في العراق. وقد جرى النظر إلى بدء تحرك القوات العراقية نحو كركوك، وهي محافظة عراقية غنية بالنفط، في أواخر الأسبوع الماضي باعتباره حافزًا وراء التحسن الذي شهده زخم الشراء في أسواق النفط.ويرجع ذلك إلى اقتناع المتداولين بفكرة أن إنتاج حقول النفط التي يسيطر عليها الأكراد من الممكن أن يتوقف، حيث يُعتقد أن إنتاج هذه الحقول يبلغ نحو 600 ألف برميل يوميًا. وقد يستغرق الأمر بعض الوقت لمعرفة ما إذا كان هو ما سيحدث بالفعل، ولكن هذه الفكرة قد ساعدت على تحسن معنويات المستثمرين في بداية الأسبوع.
مشاركة :