ثقافة تحول الشركات العائلية إلى مساهمة عامة

  • 10/21/2017
  • 00:00
  • 27
  • 0
  • 0
news-picture

يرفض عدد كبير من الشركات العائلية في الإمارات وفي دول خليجية، التحول إلى شركات مساهمة عامة من خلال طرح أسهمها للاكتتاب العام وإدراجها في الأسواق المالية. ويُعزى هذا الرفض إلى أسباب كثيرة، في مقدمها تخوف مالكي هذه الشركات من التعرض إلى ضغوط الجهات الرقابية وتدخل حاملي الأسهم في القرارات الاستثمارية الخاصة بالشركة في ضوء مشاركة عدد منهم كأعضاء في مجلس الإدارة، واضطرار الشركة إلى الكشف عن التفاصيل والأحداث الجوهرية، التي يعتبرونها أسراراً لا يجب الإفصاح عنها للمنافسين. ويرى الخبراء أن الشركات العائلية تستفيد من التحول إلى شركات مساهمة عامة، من خلال ضمان مؤسسيها لاستمرارها في العمل وانتقال الملكية من جيل إلى آخر. وأكدت الدراسات أن معظم الشركات العائلية في دول مجلس التعاون الخليجي، ستواجه تحدياً بنقل الملكية من جيل إلى آخر في السنوات العشر المقبلة. كما تعترض 80 في المئة من الشركات العائلية في منطقة الخليج، تحديات في تسليم هذه الشركات من الجيل الأول إلى الثاني ومنه إلى الثالث. ويشكّل هذا الأمر تحديات مهمة على استدامة هذه الشركات ونموها، والتي يتطلب منها تحقيق نمو متميز للحفاظ على مستويات الثروة. وقدّرت الدراسة قيمة الأصول التي ستنتقل إلى الجيل التالي من الشركات العائلية، على مدار السنوات العشر المقبلة في الشرق الأوسط بنحو تريليون دولار. وتمثل الشركات العائلية المسجلة في الولايات المتحدة وهي 20 مليوناً، نسبة 49 في المئة من الناتج القومي وتوظف 59 في المئة من اليد العاملة، وتستحدث نحو 78 في المئة من فرص العمل الجديدة. في حين تشكل الشركات العائلية نسبة 80 في المئة من الشركات العاملة في الإمارات. ويُعتبر فرض الإفصاح على الشركات العائلية كل ثلاثة شهور والإعلان الفوري عن أية معلومات جوهرية، من أسباب تخوف تحوّل الشركات العائلية إلى مساهمة واطلاع المنافسين على التفاصيل الخاصة بهذه الشركات. في حين تستفيد الشركات المساهمة في المقابل، من حصولها على خيارات تمويل كثيرة، للتوسع في المشاريع وتنفيذها، ومنها طرح أسهم لزيادة رأس المال، أو إصدار الصكوك والسندات أو حقوق الامتياز كبديل من الاقتراض المصرفي. ويخشى مالكو الشركات العائلية أيضاً، من عدم تقويم السوق والمكتبيين لسعر عادل لأسهم الشركة لدى طرحها للاكتتاب، وهي مشكلة يتم التغلب عليها عبر اتباع آلية البناء السعري، وحيث يُحدّد نطاق سعري للسهم ثم السعر النهائي، من خلال الطلبات الفعلية للجهات الراغبة في المشاركة في الاكتتاب. ويعتبر خبير الاكتتابات العامة الأولية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة «إرنست أند يونغ» أن الشركات العائلية الكبيرة في منطقة الخليج لا ترفض التحوّل إلى شركات مساهمة عامة، لكن ظروف الأسواق المالية عموماً، ومنها تقلّب أسعار النفط هي التي دفعت معظم الشركات إلى تفضيل إرجاء خطط طرح أسهمها للاكتتاب العام، مترقبة الوقت المناسب للدخول إلى سوق رأس المال. ولا بد من الإشارة إلى أن قانون الشركات التجارية لعام 2015 في الإمارات، سيحفز الشركات العائلية على التحول إلى شركات مساهمة عامة، إذ كان القانون القديم يحدّ من قدرة الشركات العائلية على التحول إلى شركات مساهمة عامة، لاشتراطه ألا تقل النسبة المطروحة في الاكتتاب العام عن 55 في المئة، مع عدم تجاوز حصة المؤسسين 45 في المئة من رأسمال الشركة. وإذ سمح القانون الجديد للمؤسسين الاكتتاب في أسهم لا تقل نسبتها عن 30 في المئة ولا تزيد على 70 في المئة، ما سيمكّن مؤسسي الشركات العائلية من الحفاظ على حصة مسيطرة. وسيساهم ذلك في رفع عدد الشركات التي ستُطرح للاكتتاب العام، وبالتالي زيادة عدد الإدراجات في الأسواق المالية. ولا شك في أن تحول الشركات العائلية الكبيرة في منطقة الخليج إلى مساهمة عامة، سيعزز الفرص الاستثمارية المتوأفرة في السوق المالية، وسيساعد على إضافة قطاعات جديدة وضرورية . وتجب الإشارة إلى دراسات أظهرت أن التخطيط للخلافة، يشكل الهاجس الأكبر للكيانات والمؤسسات العائلية في الخليج، إذ أكدت 55 في المئة من الشركات العائلية أن التخطيط للخلافة من أبرز المشاكل التي تواجهها. بينما ذكر 23 في المئة من المشاركين أن التخطيط للتركة هو التحدي الأصعب في المرحلة المقبلة. وفي وقت يُعدّ انتقال الإرث بين الأجيال أمر مألوف بالنسبة إلى كثر في الغرب، يبقى جزء كبير من الثروات في دول الخليج ف يد الجيل الأول من دون التركيز على نقلها الى الجيل التالي. فيما يُعتبر نقل الثروات في شكل ملائم من جيل إلى آخر، ضرورياً لتحقيق استدامة طويلة الامد في اي مؤسسة مماثلة. في أوروبا وأميركا، تُعدّ الشركات العائلية وثيقة دستور للشركة العائلية، تتفق العائلة بموجبها على كل التفاصيل الخاصة بإدارة الشركة وخططها المستقبلية والعلاقة العملية بين أفراد العائلة والشركة، ويشعر كل فرد من روح هذا الدستور، بأن له دوراً محدداً ومكملاً لبقية الأدوار المطلوبة، لنجاح الشركة التي تحمل اسم عائلتها وبقائها. مع العلم أن هذا الدستور يتضمن آليات تعديله ومبررات التعديل وكيفية تفعيلها. وفرنسا هي إحدى الدول المميزة من ناحية عدد الشركات التي تملكها وتسيطر عليها عائلات، إذ تستحوذ شركات الاعمال التي تملكها عائلات على 83 في المئة، بينما تبلغ نسبة تملك العائلات لشركات في أميركا الجنوبية 85 في المئة، وفي أفريقيا 90 في المئة، والشرق الأوسط 98 في المئة، وفي أستراليا 68 في المئة. واللافت أن 40 في المئة من الشركات المملوكة للعائلات في أميركا تستمر حتى الجيل الثاني، و13 في المئة فقط حتى الجيل الثالث.    مستشار أسواق المال في «بنك أبو ظبي الوطني»

مشاركة :