إذا أخبرت أحدا في الشارع أنها كاتبة، سيسأل "في أي شركة" بقلم: خلود الفلاح

  • 10/21/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

إذا أخبرت أحدا في الشارع أنها كاتبة، سيسأل في أي شركةيبدو أن التغييرات التي لاحقت المجتمعات العربية كان لها تأثيرها الجذري على الأدب، حيث أوجدت أجيالا جديدة من الكاتبات، أسماء ربما لم تحاول النشر في أي مطبوعة ورقية ولكن المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي تحفل بمنجزها ولها قراء ومتابعون، أي أن الأمر لم يعد ظاهرة. “العرب” تستطلع آراء بعض الكاتبات العربيات من فئات عمرية مختلفة حول أثر التغير في الواقع على الكتابة.العرب خلود الفلاح [نُشر في 2017/10/21، العدد: 10788، ص(15)]هناك كاتبات جريئات متمردات (لوحة للفنان عصام معروف) باتت الكثير من الكاتبات العربيات مكتفيات بالنشر الإلكتروني، لكنهن في هذا الفضاء كما يبرزن يختفين، ويعود الالتجاء إلى النشر الإلكتروني لأسباب من قبيل ظروف النشر الصعبة وغياب التشجيع المعنوي والمادي. ومن جهة أخرى تغيرت حتى صبغة الأدب الذي يكتبنه فلم تعد قضية المرأة وعلاقتها بالرجل محور كتاباتهن، إذ بات هناك تنوع وأصوات تؤسس لمشهد أدبي في كل بلد. هدم العزلة تؤمن المترجمة المصرية نداء الحلوجي بأن أحداث الربيع العربي أنارت طرقا جديدة، وجعلتها تسعى إلى كسر ما وجدت عليه أباءها، وأضافت “أتمنى كمترجمة مازالت في الخطوة الأولى ألا أيأس في منتصف الطريق، وأن تهتم وزارة ثقافتنا أكثر برعاية المترجمين، والترجمة عموما، ففي مصر لا توجد نقابة للمترجمين، فلا أحد يولي الترجمة الأدبية اهتماما كبيرا”. تقول الروائية والشاعرة المغربية سكينة حبيب الله “مازلنا اليوم غير قادرين على الحديث عن جيل جديد من الكاتبات، في المغرب مثلا الأسماء التي تضاف بين كلّ جيل وآخر – أتحدّث عن الجيل كفاصل زمني – قليلة جدا. مجرد نقاط تنزّ من حينٍ إلى آخر من السقف وما من تدفق حقيقي. ربما يعزى ذلك إلى أن الكتابة نفسها لم تدخلها المرأة إلا حديثا، فإذا أخبرت أحدا مثلا في الشارع أني كاتبة، أول ما سيفعله، هو أن يسألني ‘في أي شركة؟‘ ذلك أنّ وصف ‘كاتبة‘ يحيل عندنا إلى السكرتيرة، لعل سبب ذلك أن السكرتيرة كانت أول امرأة تجرأت، وسمحت لأصابعها بأن تغمس في الكلمات، وإن كان طباعة فقط”. وترى حبيب الله أن التغييرات التي تحصل في المجتمع تحصل ببطء، بل ربّما تحصل بالطريقة الخطأ. وتضيف “تبدو كلمة الرّبيع العربي مؤلمة قليلا، ذلك أن الأوراق التي تساقطت عبر الخارطة، ثم تم نسيانها إلى أن يبست، لا يزال مرآها يبعث في القلب الحزن. لكن مع ذلك، الرصاصة التي مرت عبر الجدار تركت كوة لنا، وعبرها صار بالوسع النظر إلى السماء والأشجار والحياة التي تحصل على مقربة أو مبعدة منا، وأعني بالكوّة مواقع التواصل الاجتماعي، ثمة جيل من الكاتبات، لم يراسلن مجلة أو جريدة لنشر نص لهن، لم يحتجن إلى شلّة تسند أسماءهنّ، كتبن، ثم أطلقن كلماتهنّ في هذه السماء، وحدث أنّ أجنحتها على عكس المتوقع تحرّكت”. وتتابع “أحلم بأن تحصل المعجزة، ويهدم هذا الزجاج العازل للصوت الذي وضعت خلفه بعض الكاتبات – كثير منهن – في أماكن متفرقة من هذا العالم العربي. أن يتم الكف عن الاستمتاع بالنظر إليهن وهن يحاولن شرح أنفسهن من خلف هذه المتاريس، والإنصات إلى نصوصهن بلا محاباة ظالمة وبلا محاولات وأد”. تشيرالشاعرة التونسية سماح البوسيفي إلى أن كل الفنون التعبيرية بما فيها الأدب والفن تشهد الآن تحولا حقيقيا بظهور لا فقط جيل جديد من المبدعات والكاتبات العربيات بل بتحديث هام في طرائق التعبير. وتلفت إلى أنه ستكون هناك ظواهر وأشكال ومدارس جديدة في الأدب يؤسسها الشباب، وقد بدأت ملامحها تظهر في شعر ما بعد الحداثة وعصر الثورات، وهذا مرتبط جدا بحركة التاريخ وتغيراته. تقول البوسيفي “للربيع العربي دور في هذا التطور، فالشعر مشحون بهواجس الشارع ولم يعد نائيا ولا بعيدا عن تطلعات القارئ. من الملاحظ أن قول الحقيقة صار مستساغا وقريبا من القارئ وقلم الكاتب. فقد تفوق المبدع والقارئ في آن واحد على نظام سيطر على اللغة مقروءة ومكتوبة ومعيشة لسنوات طويلة، ثم تحركت الثورات لإسقاط هذا النظام فحدث تصدع على مستوى جميع المفاهيم. نحن الآن في فترة بناء مهمة وتحطيم لكل الأصنام والأشكال القديمة في تصاعد مع الواقع واحتواء ضروري للغة لا هاجسا جماليا فقط بل نظاما تعبيريا أشد وثاقة بهواجس العصر وترجمانا حقيقيا للذات المبدعة تثور وتهاجم وتتكلم”.كل الفنون التعبيرية بما فيها الأدب والفن تشهد الآن تحولا حقيقيا بظهور جيل جديد من المبدعات وتحديث طرق التعبير وتتابع “كشاعرة أحلم بإعادة تفكيك العلاقات الواسعة بين ثلاث سلطات مهمة جدا في نظام الكتابة وهي الناقد والقارئ والكاتب”. أمل في التغيير توضح الصحافية والروائية المصرية سماح عادل أنه في مصر دوما ما تظهر كاتبات شابات بغض النظر عن التغيرات التي تحدث في المجتمع، لكن التغيرات في الوقت الآني تغيرات سلبية، حيث انحرف المد الثوري وأصبح تحت رحمة الرجعية، وبالنسبة إلى الكاتبات من الجيل الجديد فإنهن يعبرن عن توقهن إلى الحرية، وإلى المساواة، ونجد في بعض كتاباتهن رفضا وتمردا على قواعد المجتمع التي تغذي قهرهن، لكن مع ذلك ظهرت في هذا الجيل بعض المنقبات والمتدينات اللاتي يروجن لتيار ديني بعينه ولقيمه في كتاباتهن الأدبية، الحراك السياسي والاجتماعي في مصر مشتعل منذ فترة طويلة ودوما ما تخرج منه كاتبات جريئات متمردات يسعين إلى التعبير عن أنفسهن بالكتابة الأدبية. وترى عادل أن أحداث الربيع العربي ساهمت في نشر الوعي بين قطاع عريض من الشباب وأعطت الأمل لهم بالتحرر الحقيقي في الحياة الواقعية، وأفرز ذلك عددا من الكاتبات اللاتي أردن التعبير عن هذا الوعي الثوري الجديد، لكنهن وجدن المتنفس في وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من الكتب الورقية بسبب حركة النشر السيئة وأصبحن ينشرن كتاباتهن وتجد التفاعل المباشر من المتلقي. وتتابع “ككاتبة شابة أحلم بأن تتحسن أحوال النشر سواء التابع للدولة أو النشر الخاص، وأن تختفي ظاهرة الشللية ومحاباة الأصدقاء، كما أتمنى أن يتوفر الدعم للكتاب الشباب، وأهم ما أتمناه أن نعود إلى حالة المد الثوري الرائعة التي عشناها من 2011”.هناك كاتبات ولدن من جديد بمجرد تغير الظروف الاجتماعية والسياسية، ويتمتع الكثير منهن بآفاق إبداعية واضحة في الصورة والثقافة وفي لغة الخطاب الإبداعي تقول الشاعرة الليبية حنين عمر “الكاتبات كن موجودات قبل ثورات الربيع العربي وجاءت ظروف مغايرة وجديدة ساعدت على ظهورهن. وفي نفس الوقت هنالك كاتبات أخريات وصحافيات اختفين من الساحة الأدبية، وكأنهن لم يكن موجودات. ربما ظروفهن ساءت بشكل أو بآخر. والكاتبات الجديدات ربما هنالك من ساعدتهن ظروفهن في الدخول إلى المعترك الإبداعي، ولكن بأدوات تقليدية وهشة في أغلب الأحيان، باستثناء حالات نادرة يمكن الاستشهاد بمنجزها”. وتتابع عمر “هناك كاتبات ولدن من جديد بمجرد تغير الظروف الاجتماعية والسياسية، ويتمتع الكثير منهن بآفاق إبداعية واضحة في الصورة والثقافة وفي لغة الخطاب الإبداعي. كن موجودات أو كما يقول المثل ‘كن يختبئن تحت قشورهن‘. هذه إحدى ميزات هذا الجيل الجديد؛ مقابل ذلك ظهرت إحدى أكبر مساوئه، وهي أن كل من هب ودب صار يريد أن يكتب، ويدعي أنه يستطيع أن يكتب، منتهزا حالة الفوضى التي سببها الربيع العربي”.

مشاركة :