مدريد - تجتمع الحكومة الاسبانية السبت لاتخاذ إجراءات غير مسبوقة لفرض سيطرتها على المؤسسات في إقليم كاتالونيا الذي يتمتع بحكم ذاتي وذلك بعد أن حصلت مدريد على دعم قوي من الملك والاتحاد الأوروبي في معركتها للحفاظ على وحدة المملكة. ويترأس ماريانو راخوي اجتماعا لحكومته عند الساعة 10.00 صباحا بالتوقيت المحلي (08.00 ت غ) لتحديد المؤسسات التي ستتم السيطرة عليها مباشرة في الإقليم الغني الواقع في شمال شرق اسبانيا، والذي يتمتع حاليا بحكم ذاتي بينها إدارة الشرطة والمؤسسات التربوية وقطاع الصحة. وتأتي الإجراءات التي ستقود البلاد إلى وضع قانوني غير مسبوق بعد تنديد الملك فيليبي السادس بما وصفه بـ"محاولة انفصال غير مقبولة" وتأكيده ضرورة التوصل إلى حل للازمة التي نجمت عن الاستفتاء الذي حظرته مدريد في الأول من تشرين الأول/أكتوبر، وذلك من خلال "المؤسسات الديمقراطية الشرعية. وناشد "لا نريد التفريط بما بنيناه سوية". يسمح الدستور لمدريد باستعادة السيطرة على كاتالونيا، لكنها لم تستخدم هذا الحق إطلاقا. والحكم الذاتي مسألة بالغة الحساسية في كاتالونيا التي انتزعت منها سلطاتها أثناء الحكم الديكتاتوري العسكري، ويبلغ عدد سكانها 7.5 ملايين نسمة والإقليم متمسك بلغته وثقافته. نقطة حاسمة وهناك مخاوف من اندلاع اضطرابات إذا ما سعت مدريد إلى فرض اي شكل من السيطرة المباشرة، وقال رئيس الإقليم الانفصالي كارليس بوتشيمون إن مثل تلك الخطوة يمكن أن تدفع المشرعين في الإقليم إلى إعلان الاستقلال من طرف واحد. لكن راخوي قال الجمعة إن مدريد وصلت إلى "نقطة حاسمة" بعد أسابيع من المراوحة السياسية وان حكومته مضطرة للتحرك لوقف "تصفية" حكم القانون. ومن المرجح أن يعلن راخوي خططا للسيطرة على قوات الشرطة البالغ عددها 16 ألف عنصر، والتي يواجه قائدها جوزيب لويس ترابيرو ما يصل إلى 15 عاما في السجن بتهمة العصيان لعدم احتوائه التظاهرات الانفصالية قبيل الاستفتاء. ويمكن أن تسعى مدريد أيضا لفرض انتخابات مبكرة -- وهو الحل الذي لجأت إليه إبان الأزمات السياسية التي مرت بها منذ عود النظام الديمقراطي في 1977 -- في موعد أقربه كانون الثاني/يناير. ويعقد راخوي مؤتمرا صحافي بعيد ظهر السبت للإعلان عن خططه التي يتعين تمريرها في مجلس الشيوخ حيث يحتفظ الحزب الشعبي المحافظ الذي ينتمي له بالأغلبية، وهي عملية يمكن أن تستغرق حوالي أسبوع. وفي خطاب له ليل الجمعة خلال توزيع جوائز أميرة استورياس -- توازي جوائز نوبل في اسبانيا -- وصف الملك فيليبي السادس كاتالونيا بأنها "جزء أساسي من اسبانيا القرن الحادي والعشرين". جحيم من الفوضى وحث قادة الاتحاد الأوروبي الذين حضروا حفل توزيع الجوائز وتسلموا جائزة تقدير على تشجيع التناسق في أوروبا، على ضرورة احترام القانون، في دعم واضح لمدريد. وقال رئيس البرلمان الأوروبي انطونيو تاجاني في الحفل في مدينة اوفييدو شمال اسبانيا "البعض يزرعون الخلاف بتجاهل القانون عمدا". وأضاف "غالبا ما أدت محاولات ترسيم الحدود في الماضي إلى جحيم من الفوضى مع أنها كانت تقدم على أنها الحل الشافي". وسط تصعيد التوتر، يستعد مؤيدو الاستقلال للتظاهر في برشلونة مساء السبت للمطالبة بإطلاق سراح جوردي سانشيز وجوردي غيسارت، اثنين من وجوه الدعوة للاستقلال والمسجونين منذ الاثنين بتهمة العصيان. وقال بوتشيمون إن لديه تفويضا لإعلان الاستقلال بعد الاستفتاء الذي تقول إدارته أن 90 بالمئة من أصوات المشاركين فيها أيدت الانفصال. لكن نسبة المشاركة بلغت 43 بالمئة فقط، إذ أن الكاتالونيين المؤيدين للوحدة مع المملكة لم يشاركوا في التصويت المحظور. ويسهم إقليم كاتالونيا في خمس اقتصاد اسبانيا، ومواطنوه منقسمون بالتساوي حول مسألة الانفصال، بحسب استطلاعات. ويقول مؤيدو الانفصال إن الإقليم الغني يقدم الكثير لدعم باقي الاقتصاد الوطني ويمكن أن يزدهر إذا ما مضى في طريقه، لكن المعارضين يقولون أن كاتالونيا أقوى كجزء من اسبانيا وان الانفصال يمكن أن يؤدي إلى كارثة اقتصادية وسياسية. منذ الاستفتاء نقلت نحو 1200 شركة مقارها إلى أجزاء أخرى من اسبانيا. وخفضت مدريد هذا الأسبوع توقعاتها للنمو الوطني للعام المقبل من 2.6 بالمئة إلى 2.3 بالمئة، وقالت إن الأزمة تثير حالة من عدم اليقين.
مشاركة :