القاهرة – نبيل عبدالعظيم ومؤمن عبدالرحمن| أصيب الشارع المصري بحالة من الذهول والحيرة منذ مساء الجمعة مع تواتر أنباء غير رسمية، حول ضخامة عملية إرهابية وقعت في الصحراء جنوب غرب محافظة الجيزة، هي الأشد في عدد ضحاياها من رجال الشرطة على يد الإرهاب الأسود، وبعد أقل من عشرة أيام على وقوع هجمات متزامنة على قوات الجيش في منطقة «كرم القواديس» شمال سيناء. وشهدت مختلف المحافظات المصرية حالة استنفار أمني قصوى، مع توالي أنباء تؤكد ارتفاع ضحايا الشرطة في الهجوم الذي شنه مسلحون على حملة أمنية كانت في طريقها لاستهداف وكر إرهابي، إلى 58 شهيداً من الضباط والجنود وإصابة 10 آخرين، في خسارة هي الأكبر في صفوف أجهزة الأمن نتيجة العمليات الإرهابية التي تشهدها مصر على مدار السنوات الماضية. وقالت مصادر أمنية لـ القبس: «إن حملة أمنية ضمت عناصر من القوات الخاصة والأمن الوطني والأمن المركزي مكونة من أربع عشرة سيارة ما بين مدرعات وسيارات دفع رباعي وناقلة لجنود الأمن المركزي، انطلقت الجمعة، بصحبة «مشتبه به» قُبض عليه في وقت سابق،اعترف بانتمائه لتنظيم «أنصار الشريعة» الليبي المتطرف، لمهاجمة وكر في منطقة مثلث صحراء الواحات البحرية الواقع بين محافظات الجيزة والفيوم والوادي الجديد، وتحديداً داخل الصحراء بعمق 53 كلم في منطقة وادي الحيتان من الكيلو 135 من طريق الجيزة – الواحات، بعدما وصلت معلومات إلى جهاز الأمن الوطني باختباء عدد من العناصر المطلوبة وعقدهم اجتماعاً تنظيمياً مع عناصر أخرى قادمة من ليبيا للتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية، فانطلقت حملة أمنية، بعدما حصلت على أذن من نيابة أمن الدولة، للقبض عليهم». سيناريو الحادث وأفادت المصادر أن «التحريات المبدئية» رجحت أن سيناريو الحادث تم بالشكل التالي: «مع اقتراب القوات من المخبأ حيث غرست إحدى المدرعات في الرمل، وأثناء محاولة إخراجها استشعر المسلحون الحملة فسارعوا إلى الهجوم عليها من أعلى تل وأطلقوا قذائف أر بي جي وهاون تجاه القوة الأمنية، ويبدو أن القوات فوجئت بحجم كثافة النيران، وتبادلت إطلاق النار مع هذه العناصر، لكن المسلحين استخدموا أسلحة متطورة فضلاً عن عبوات ناسفة ومتفجرات شديدة الخطورة والتأثير»، حسب المصادر. وأفادت المصادر أن القوات فوجئت بإصابة 4 سيارات شرطة في نهاية سرب قوات الأمن، وحينما همت بالاستدارة لصد الهجوم من الخلف، فوجئت بصواريخ وهجوم يصيبهم من خلفهم ما أصاب جميع القوات، مشيرة إلى استخدام العناصر الإرهابية للأسلحة الثقيلة حسم الوضع لمصلحتها، ما أسفر عن مصرع 23 ضابطاً (7 أمن وطني، و16 أمن مركزي وعمليات خاصة) و35 مجنداً وفرد شرطة وإصابة أربعة بإصابات خطيرة، بينما تمكن المسلحون من الفرار في عمق الصحراء. وأشارت المصادر إلى أن تعذَّر الاتصال بين الحملة وقوات الأمن أخَّر وصول الدعم إليها وعقب الحادث قامت قوات الأمن بغلق طريق الواحات وتم الدفع بالمزيد من القوات مدعومة بمروحيات قتالية ودعم لوجيستي من القوات المسلحة لضبط العناصر الإرهابية، حيث تمكنت المروحيات من قصف وتدمير سيارتي دفع رباعي بمن فيهما، إضافة الى تمشيط محيط موقع الحادث طوال الليل وحتى صباح أمس. إذن قضائي وكشفت مصادر قضائية لـ القبس أن جهاز الأمن الوطني طلب من نيابة أمن الدولة العليا مساء الأربعاء الماضي الحصول على إذن قضائي لمواجهة عدد من الأوكار الإرهابية بمنطقة الواحات البحرية لضبط عدد من العناصر المطلوبة على رأسها ضابط قوات الصاعقة السابق هشام العشماوي الهارب إلى ليبيا، الذي يقود جماعة يطلق عليها «المرابطون»، بعدما أكدت التحريات أن سجل تحركات عشماوي أفاد بأنه كان قد غادر البلاد الى تركيا قبل عامين، ومنها تسلل الى سوريا، وترجح المعلومات انتقاله الى ليبيا، ومعه عشرات من أتباعه. وأكملت المصادر أن «الداخلية» طلبت إذناً لضبطهم في منطقة الواحات البحرية دون تحديد مكان الضابط تحديداً، وأن النيابة أعطتهم الإذن بناءً على تلك التحريات. وانتقل فريق من نيابة أمن الدولة بناءً على تكليف من النائب العام لمكان الهجوم في الوقت الذي كانت تمشط فيه طائرات عسكرية المكان. وبحسب المصادر فإنه تم العثور على 11 سيارة شرطة متفحمة ولم يجدوا 3 سيارات شرطة أخرى كانت ضمن الحملة الأمنية. ونقلت سيارات الإسعاف جثث الشهداء من الضباط والمجندين، مشيرة إلى أن أفراد الأدلة الجنائية عثروا على فوارغ طلقات نارية ثقيلة وفوارغ صواريخ ار بي جي وغرينوف. وأوضحت أن أجهزة أمنية عدة تحقق في الحادث وعما إذا كان الإرهابيون قد حصلوا على معلومات حول موعد الحملة، أو أن يكون شخص ما أو نقطة تمركز للمسلحين تختبئ على طريق الواحات أبلغتهم بقرب وصول القوات، أو أن الإرهابي الذي أرشد الحملة الأمنية الى موقع اختباء الإرهابيين ما هو إلا انتحاري تم الدفع به لاستدراج قوات الشرطة الى وادٍ منخفض، بينما كمن الإرهابيون أعلى التلال المحيطة بالوادي، ومهاجمة قوات الأمن قبل أن تصل إليهم. «داعش».. «حسم».. «المرابطين»3 تنظيمات يقف أحدها وراء مجزرة الواحات في حين لم تكشف الجهات الأمنية المصرية عن التفاصيل الكاملة للهجوم الارهابي الذي تعرض له رجال الشرطة المصرية في منطقة الواحات غرب البلاد، لايزال السؤال الغامض حتى الآن من يقف وراء هذا الهجوم، الذي لم تتبناه أي جهة حتى عصر امس. ولكن هناك 3 فصائل أحدها في أغلب الأحوال وراء هذه الواقعة. تنظيم «داعش» يعد داعش التنظيم الأكثر خطورة في مصر نظراً لعدد العمليات التي قام بها ضد قوات الأمن المصرية، سواءً من الجيش أو الشرطة في سيناء، أو حتى بعض محافظات الدلتا والقاهرة، التي في غالبيتها تخلف عدداً كبيراً من الضحايا. وقالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إن هذا الهجوم يقف وراءه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، الذي ترك سوريا بعد الحرب المحكمة ضده في الرقة ودير الزور وأيضاً ما يلاقيه التنظيم في العراق. الصحيفة الأميركية اعتبرت أن ما حدث للتنظيم في سوريا دفع أعضاءه للهرب إلى دول مجاورة من أجل تنفيذ عمليات ضد عناصر الشرطة والجيش المصري الذين يعتبرهم التنظيم «كفاراً». كذلك صحيفة ديلي ميل البريطانية أشارت إلى أن تنظيم داعش هو الذي قام بهذا الهجوم، على اعتبار أنه نقل مسرح عملياته من سيناء إلى مناطق صحراوية في مصر، نظراً لحالة التضييق التي يعاني منها بعد التنسيق الأمني بين مصر وقطاع غزة مؤخراً. حركة حسم تعتبر السلطات المصرية أن حركة حسم هي الجناح المسلح لجماعة الإخوان المسلمين. «حسم» قامت بعدد من العمليات ضد الشرطة في القاهرة ومحيطها، وكان آخرها قبل عدة أسابيع عندما قتل عناصر الحركة 3 جنود من الشرطة في محافظة الجيزة، والواقعة التي تبناها التنظيم. ودائماً ما تتبنى حركة حسم العمليات التي تقوم بها كما تنشر بعض الصور والمقاطع المصورة لما تفعله، لكن في هذه الواقعة لم يصدر عنها أي شيء. ورغم عدم توجيه السلطات المصرية التهمة إلى حركة حسم، نشر عدد من وسائل الإعلام المقربة من السلطات المصرية أن جماعة «حسم» المتطرفة أعلنت مسؤوليتها عن الاعتداء، ليتبيّن أن هذا التبني كاذب لأنّ حساب تويتر التابع للجماعة وتنشر عليه عادةً عمليات التبنّي، لم يتم استخدامه منذ 2 أكتوبر بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. جماعة «المرابطين» مؤسس هذه الجماعة هو ضابط صاعقة مصري سابق يُدعى هشام علي عشماوي، انشق عن الجيش وأسس هذه الجماعة التي تعد قريبة في أفكارها من تنظيم القاعدة الذي أسسه أسامة بن لادن. وكان عشماوي هو أحد القيادات الميدانية لتنظيم أنصار بيت المقدس الذي تحول اسمه إلى «ولاية سيناء» بعد مبايعته لتنظيم داعش، ما دفعه لترك «داعش» وتأسيس جماعة المرابطين، بسبب خلافه الفكري مع «داعش». رجَّحت مصادر أمنية بوزارة الداخلية المصرية، تورط عشماوي، في الهجوم لكون جماعته تتمركز في هذه المناطق، بحسب صحف مصرية. واتهمت جماعة عشماوي في تنفيذ هجوم مماثل في منطقة الفرافرة غرب القاهرة ايضاً وخلف عدداً كبيراً من القتلى في صفوف الشرطة، عام 2014 وحكم عليه بالإعدام في هذه الواقعة. كما اتهم أيضاً بتنفيذ واقعة الاعتداء على حافلة كانت تقل أقباطاً أثناء زيارتهم إلى أحد الأديرة غربي محافظة المنيا في الصحراء أيضاً، التي قتل فيها 29 شخصاً وأصيب عدد آخر. 23 ضابطاً سقطوا في الهجوم من بين شهداء الشرطة الذين سقطوا في هجوم الواحات 23 ضابطاً (7 أمن وطني، و16 أمن مركزي وعمليات خاصة). وفي التفاصيل ان من بين الشهداء، ضابطين برتبة عميد وآخر برتبة عقيد، و10 برتبة مقدم، و3 برتبة رائد، و4 نقباء، وملازما اول وامين شرطة. تحقيقات وإدانات وتأجيل مراسم وضع حجر أساس «العلمين»القاهرة – محمد الشاعر أمر النائب العام المصري نبيل أحمد صادق، نيابة أمن الدولة العليا بإجراء تحقيقات موسعة وفورية في الحادث. وكلف النائب العام -بحسب وسائل إعلام مصرية- وزارة الداخلية بسرعة عمل التحريات حول الحادث لكشف ملابساته وتحديد الجناة. وانتقل فريق من محققي النيابة إلى مستشفيات الشرطة بالعجوزة ومدينة نصر والشروق لمناظرة جثامين القتلى، والاستماع إلى أقوال المصابين ممن تسمح حالتهم بسؤالهم في شأن ملابسات الحادث، للوقوف على كيفية وقوعه. وأدانت جهات حكومية ودينية وسياسية الحادث، أبرزها الأزهر الشريف، والكنيسة الأرثوذكسية، ودار الإفتاء، والكنيسة الإنجيلية. وتلقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اتصالات من عدد من زعماء الدول يدينون فيه الحادث ويؤكدون تضامنهم مع مصر في مواجهة الإرهاب. وفي رد فعل رسمي نتج عن الحادث الإرهابي، تقرر تأجيل مراسم وضع حجر أساس مدينة العلمين الجديدة، بحضور الرئيس السيسي، الذي كان مقررا لها أمس، وذلك على خلفية الأحداث الإرهابية التي شهدتها منطقة الواحات البحرية، فيما اقتصرت الفعاليات أمس على مراسم الاحتفال بمرور 75 عاما على معركة العلمين. ونعى الازهر عناصر الشرطة الذين قُتلوا، مؤكدا في بيان «ضرورة ملاحقة العناصر الارهابية والتصدي بقوة وحسم لهذه الفئة المارقة التي لا تريد الخير للبلاد والعباد». ونددت السعودية بالحادث، بحسب ما نشرته الوكالة الرسمية للمملكة، معربة عن وقوفها بجوار مصر في حربها ضد الإرهاب والتطرف. من جهته استنكر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في بيان «الاعتداءات الإرهابية الغاشمة التي تعرضت لها قوات الأمن المصرية». كما أدان السفير البريطاني بالقاهرة جون كاسن الحادث، وقال في بيان إن «بريطانيا ومصر تواجهان هذا الشر، ونقف إلى جانب مصر في حربها على الإرهاب ونثق تماما أن العالم قادر على دحره». وأعلنت سفارة ألمانيا لدى القاهرة في بيان إدانتها للحادث قائلة إنه» لا يوجد ما يمكن أن يبرر أعمال عنف مثل هذه». نائب مصري: معلومات عن ضباط وجنود رهائن قال برلماني مصري، امس، إن هناك معلومات عن ضباط وجنود رهائن لدى مسلحي حادث الواحات، الذي وقع الجمعة، غربي البلاد. جاء ذلك ضمن تغريدات نشرها الإعلامي المصري، والنائب مصطفى بكري، عبر حسابه على تويتر، معلقا على حادث المواجهات بين عناصر شرطية ومسلحين، في منطقة الواحات. وفي تفاصيل مطولة عن الحادث، قال بكري: هناك معلومات تقول إنه تم خطف بعض الضباط والجنود وهم في حوزة الإرهابيين. (الأناضول) لواء سابق: أين التنسيق بين الأجهزة؟ أطلق اللواء أحمد جاد منصور رئيس أكاديمية الشرطة المصرية السابق وصفا مفاجئا على أحداث العملية الارهابية في منطقة الواحات. وكتب اللواء منصور على صفته في موقع التواصل الاجتماعى (فيسبوك) معلّقا على الهجوم: شعب مصر كله ينعى أبناءه من شهداء الشرطة الأبرار.. مليون في المية فيه حاجات غلط. أين أجهزة المعلومات؟ أين التنسيق بين الجهات الأمنية؟ رائحة الخيانة تزكم الأنوف.. يا ناس.. حياة رجل الشرطة الواحد لا تقدر بمال.. اللي بيحصل ده له معان كثيرة جدّا، لا يمكن قبولها. نائب يطالب باستدعاء وزير الداخلية.. وعمرو أديب يبحث عن الخائن تقدم النائب المصري عبدالحميد كمال امس بطلب عاجل إلى الدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب، لاستدعاء اللواء مجدي عبدالغفار، وزير الداخلية، للوقوف على ملابسات حادث الواحات الإرهابي. من جهته، علق الإعلامي عمرو أديب، على حادث الواحات الإرهابي، وطلب بالبحث عن «الخائن العميل»، بحسب قوله. وقال أديب، في حسابه على «تويتر»: «الخيانة الواضحة في عملية الواحات ليست الأولى، أنا لا أبحث عن الإرهابيين الآن، أنا أبحث عن الخائن العميل». أحمد شفيق: عملية عسكرية مكتملة الأركان علّق الفريق أحمد شفيق، المرشح الرئاسي الأسبق، والمتواجد حاليا في الإمارات على حادث منطقة الواحات، قائلا إنها «عملية عسكرية كاملة الأركان». وكتب شفيق في تغريدة على «تويتر»، صباح أمس: «ما هذا الذي يحدث لأبنائنا؟ هم على أعلى مستويات الكفاءة والتدريب! هل ظلمتهم الخيانة أو ضعف التخطيط لهم، أو كل الأسباب مجتمعة؟. وأضاف: «أرجو أن تدركوا أن ما حدث لم يكن مجرد اغتيال كمين منعزل، ولا هو مهاجمة بنك في مدينة حدودية، أبداً لمن لا يفهم ولمن لا يريد أن يفهم، ما دار كان عملية عسكرية كاملة الأركان}.
مشاركة :