استفاقت مصر، أمس، على أخبار المجزرة المروعة التي سقط فيها عشرات الشهداء من رجال الأمن في معارك طاحنة مع مجموعة إرهابية في منطقة الواحات بمحافظة الجيزة جنوب غربي القاهرة. وكانت الاشتباكات بدأت مساء أول من أمس، بعد أن توجهت قوة أمنية لاعتقال عدد من المطلوبين الذين كانوا يختبئون في المنطقة المتاخمة للكيلو 135 بطريق الواحات بعمق الصحراء في الجيزة، إلا أنها وقعت في «كمين إرهابي» تلته اشتباكات عنيفة مع مجموعات إرهابية، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى. ومع حلول الليل كانت الحصيلة تشير إلى سقوط 14 من الأمن، قبل أن ترتفع بشكل كبير مع ساعات الصباح الأولى لتصل إلى 58 شهيداً، حسب مصادر أمنية، إلا أن وزارة الداخلية عادت وخفضت الحصيلة إلى 16، ثم أعلن عن العثور على جثة ضابط مفقود. وأعلنت الوزارة في بيان، مساء أمس، «استشهاد 16 من قوات الأمن ومقتل 15 إرهابياً في حادث الواحات الإرهابي»، موضحة أن الضحايا هم 11 ضابطاً و4 مجندين ورقيب شرطة، فضلاً عن 13 جريحاً هم 4 ضابط و9 مجندين. وأشارت إلى أن البحث مازال جارياً عن أحد ضباط مديرية أمن الجيزة، فيما أكدت مصادر لاحقاً أنه تم العثور على جثته. وقبل ساعات من صدور البيان الرسمي، أوردت مصادر أمنية حصيلة أكبر للضحايا، مشيرة إلى سقوط 58 شهيداً هم 23 ضابطاً و35 مجنداً، فيما أفادت معلومات أن الناجين من القوة الأمنية التي وقعت في الكمين هم ضابط برتبة مقدم، إضافة إلى 7 مجندين مصابين بإصابات متنوعة، أحدهم بُترت ساقه. وقال مصدر أمني لـ «الراي»، إن الموكب الأمني، الذي كان في طريقه لاقتحام بؤرة إرهابية في منطقة صحراوية، «استُهدف بالقذائف الصاروخية والمتفجرات»، قبل أن ترسل الشرطة دعماً من ضباط العمليات الخاصة لإنقاذ الناجين، موضحاً أن الأجهزة الأمنية واجهت في البداية صعوبات في التواصل نتيجة ضعف وانقطاع الإرسال والاتصال، حتى وصلت إمدادات الجيش والطائرات المروحية للمنطقة. ولفت المصدر إلى أن الإرهابي هشام عشماوي وهو ضابط صاعقة سابق في الجيش هو المنفذ الرئيسي للهجوم، مضيفاً أنه عاد إلى مصر الفترة الماضية لقيادة عدد من العمليات الإرهابية بمساعدة عدد من الإرهابيين الذين دخلوا عن طريق الحدود الليبية وسيناء. وتوقعت مصادر مطلعة أن تكون المجموعة الإرهابية لديها معلومات عن التحركات الأمنية، مضيفة أن أجهزة الأمن تكثف جهودها لاعتقال عشماوي الذي يرجح أن يقود عمليات إرهابية أخرى خلال الأيام المقبلة. وحسب المعلومات الأمنية، فإن عشماوي (43 عاماً) ولد في حي مدينة نصر بالقاهرة، والتحق بالقوات المسلحة في العام 1994 كفرد صاعقة، وأحيل لعمل إداري ثم إلى التقاعد. وفي حين أعلنت جماعة «حسم» المتطرفة الموالية لـ«الإخوان» مسؤوليتها عن الاعتداء، أفادت معلومات أن وراء الحادث مجموعة من تنظيم «داعش» تسللت عبر الحدود من ليبيا بقيادة عشماوي. وبعد ساعات من وقوعه، لاقى الهجوم موجة إدانات محلية وعربية وإقليمية ودولية واسعة، وسط إجماع على ضرورة دعم مصر في مواجهة الإرهاب. وفي قنا، أوقفت أجهزة الأمن 4 من جماعة «الإخوان» بتهمة التحريض ضد قوات الجيش والشرطة، كما أوقفت أحد عناصر «داعش»، فيما أفرجت السلطات المصرية عن المحتجز الأيرلندي إبراهيم حلاوة بعد براءته في سبتمبر الماضي من تهم القتل في محاكمة جماعية استمرت أربع سنوات. من ناحية أخرى، أحيت السلطات المصرية بحضور نحو 35 وفداً أجنبياً، أمس، الذكرى الخامسة والسبعين لمعركة العلمين الثانية في العام 1942. وأقيم الاحتفال بهيئة الكومنولث لمقابر الحرب في شمال مدينة العلمين بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط، والتي تشرف على مقابر جنود هذه الدول الذين قتلوا خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية في العلمين الواقعة في شمال مصر. ونظمت السفارة البريطانية في مصر هذا الحدث بالنيابة عن بقية الحلفاء الذين حاربوا القوات النازية على أرض العلمين التي لا تزال ممتلئة بالألغام، حيث انتهت معركة 1942 بأول انتصار كبير حققه الحلفاء على ألمانيا وهتلر. ووصف السفير البريطاني لدى مصر جون كاسن المقابر بأنها «مكان لنتذكر هؤلاء الذين سقطوا منذ 75 عاماً وهؤلاء الذين قد يستمرون في السقوط خصوصاً من يفقدون حياتهم في الاعتداءات الإرهابية الخسيسة كما حدث بالأمس»، في إشارة إلى هجوم الواحات. وكان من المفترض أن يدشن السيسي مدينة العلمين الجديدة، لكنه اكتفى بالمشاركة في مراسم الاحتفال فيما تم إرجاء التدشين إلى موعد لاحق، على خلفية الهجوم الإرهابي.
مشاركة :