رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيي يبدي ليونة تجاه لوبي رجال الأعمال المقرب من السلطة منذ تعيينه في منصبه خلفا لعبدالمجيد تبون.العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/10/22، العدد: 10789، ص(2)]التركيز على تحقيق الأهداف الجزائر - أعاد الحضور اللافت لأعضاء حكومة أحمد أويحيى في الندوة الاقتصادية التي نظمها منتدى رؤساء المؤسسات الحديث مجددا عن التحالف المثير للجدل بين السياسة والمال في الجزائر. وظهر توافق واضح في مداخلات الوزراء ورجال الأعمال حول راهن ومستقبل البلاد في ظل إكراهات الأزمة الاقتصادية، مما يشير إلى تحالف بين الطرفين يمهد الطريق لاستحقاقات مهمة في المستقبل. وباتت جهات نافذة في السلطة لا تنظر بعين الرضا والاطمئنان لنشاط وخطاب رئيس الوزراء، وهو ما تجلى في تسريبات أخيرة تحدثت عن تعديل حكومي يكون رسالة تحذير أولى لأويحيى رغم التخفي وراء تقليص ودمج حقائب وزارية. وسارعت رئاسة الوزراء، في بيان مقتضب، إلى نفي نيّة القيام بأي تعديل حكومي مرتقب. وألمح تفاعل أويحيى مع أخبار التعديل الحكومي إلى قلق غير معلن لديه حول مستقبله على رأس الحكومة وفي السلطة عموما، لا سيما في ظل توسع رقعة الانتقادات له من مختلف الجبهات. وجاءت آخر الانتقادات من جهاز الاستخبارات، إذ رفع تقريرا لرئاسة الجمهورية حول تداعيات محتملة لخطاب رئيس الوزراء على الاستقرار الاجتماعي. وطلب الجهاز من رئاسة الجمهورية القيام بفحص وتحليل خطابات رئيس الوزراء. وأعلن أويحيى عن استعداد حكومته لإطلاق خطة عمل في الأيام القليلة القادمة بالتنسيق مع تنظيم رجال الأعمال، لمواجهة أعباء الأزمة الاقتصادية. وأعاد هذا الإعلان الحديث عن غياب الإجماع في أعلى هرم السلطة بشأن التحالف بين السياسة والمال في الجزائر، الذي أطاح برئيس الوزراء السابق عبدالمجيد تبون. وتتحدث أوساط واسعة في الجزائر عن نفوذ كبير للوبي رجال الأعمال في دواليب السلطة ومفاصل القرار. وتثير رسائل التخويف التي يعتمدها رئيس الوزراء جدلا في البلاد، إذ خلقت حالة غير مسبوقة من الإحباط والقلق لدى الشارع الجزائري. وذهبت بعض القراءات إلى القول إن خطاب أويحيى ساهم في تفاقم ظاهرة الهجرة السرية خلال الأسابيع الأخيرة، حيث تتداول وسائل الإعلام المحلية وشبكات التواصل الاجتماعي صورا وتسجيلات لعشرات المهاجرين غير الشرعيين من مختلف الأعمار ومن بينهم نساء وأطفال. وقال مصدر مقرب من رجل الأعمال النافذ علي حداد، في حديث مقتضب مع “العرب”، عن دور الرجل في الإطاحة بتبون إنه “شيء سهل وبسيط، فهو (علي حداد) كل شيء”. ويدل هذا الأمر على نفوذ حداد في مواقع القرار وتأثير اللوبي الذي يمثله في توجيه سياسات البلاد، لفائدة مصالح المنتسبين لمنتدى رؤساء المؤسسات. وأبدى أويحيى، منذ تعيينه في منصب رئيس الوزراء، ليونة تجاه لوبي رجال الأعمال المقرب من السلطة، إذ بادر بإلغاء قرارات اتخذها سلفه وتتعلق خاصة بالعقارات الصناعية والزراعية ولفت النظر الموجه لمجمع علي حداد.التقارب بين الحكومة ولوبي رجال الأعمال يخدم طموحات أويحيى الجامحة لخلافة رئيس البلاد عبدالعزيز بوتفليقة وبساعد رجال الأعمال في بحثهم عن مراكز قوة في مؤسسات الدولة وأعلن رئيس الوزراء، الأسبوع الماضي، عن خطة حكومية تتكون من عشرة إجراءات تهدف للخروج باقتصاد البلاد من الأزمة التي يتخبط فيها منذ أكثر من ثلاث سنوات بسبب تهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية. وترتكز خطة أويحيى على توظيف التمويل غير التقليدي في بعث تنمية محلية وتشجيع الاستثمارات الحكومية. ويرى مراقبون أن الإعلان الذي كشف عنه أويحيى، خلال مشاركته في ندوة منتدى رؤساء المؤسسات، حمل رسالة تتضمن توافقا ضمنيا بين الحكومة ولوبي رجال الأعمال على التفرد بتنفيذ التصورات التي يحملها برنامج الحكومة رغم المخاوف والانتقادات لتحالف سياسي مالي في هرم السلطة يتم فيه تبادل المصالح بين الطرفين. وتتغذى هذه الفرضية من طموحات أويحيى الجامحة لخلافة رئيس البلاد عبدالعزيز بوتفليقة مقابل بحث رجال الأعمال عن مراكز قوة في مؤسسات الدولة. وحسب أويحيى فإن الخطة تتضمن إنعاش الاستثمار العمومي خلال العام المقبل، من خلال رصد مبلغ يزيد عن 40 مليار دولار بزيادة تفوق عشرة مليارات دولار مقارنة بالعام الجاري. كما تشمل الخطة رصد دعم مالي مكثف لقطاع الزراعة الذي تم إقراره في 2009، وتوقف لاحقا بسبب الأزمة المالية خلال السنوات الأخيرة. كما يرتكز برنامج أويحيى على تخفيف عبء ديون الدولة لدى مؤسسات اقتصادية عمومية من بينها شركة المحروقات “سوناطراك” وشركة الكهرباء والغاز “سونلغاز”، حيث سيتم توفير مبالغ هامة من السيولة الناجمة عن طبع كتل نقدية جديدة تخصص للقروض البنكية الـموجهة للاستثمار. وتحتوي خطة أويحيى أيضا على إعادة تفعيل صندوق الاستثمار الحكومي والإبقاء على كل تدابير دعم الاستثمار وتخفيض نسب فوائد القروض البنكية الموجهة للاستثمار. كما تتضمن الخطة إنجاز 50 منطقة صناعية جديدة في أجل أقصاه عام واحد تخضع للمسؤولية الـمباشرة للولاة (مسؤولي المحافظات)، مع إقرار تسيير لامركزي لهذه العملية. وسيتم إقرار لامركزية كل عمليات وإجراءات الاستثمارات بشكل أكبر على مستوى الولايات (المحافظات) سواء تعلق الأمر بالإجراءات الإدارية المحلية أو بالحصول على العقار الصناعي، مع منح الأولوية للإنتاج المحلي اللازم لمختلف المشاريع الحكومية (مواد البناء والتجهيزات المنتجة محليا وغير ذلك). وقال رئيس الوزراء بأن خطته تتضمن أيضا اللجوء إلى المناقصات الوطنية فقط لإنجاز المشاريع العمومية، حيث يصبح اللجوء إلى المؤسسات الأجنبية إجراء استثنائيا فقط. كما تشمل الخطة تقليص حجم الواردات والـمحافظة على احتياطات النقد الأجنبي، وكذلك تمكين الإنتاج والـمؤسسات المحلية من استعادة مكانتهما في السوق الجزائرية. وأثار إعلان أحمد أويحيى عن خطته أمام منتدى رؤساء المؤسسات في حين أخفاها عن المؤسسات الرسمية، خاصة البرلمان أثناء عرض برنامج حكومته لنيل ثقة النواب، تساؤلات تعزز الشكوك التي تؤرق الأوساط السياسية وحتى الرسمية منها حول عودة التحالف السياسي- المالي إلى الواجهة. وترى مصادر سياسية أن توجهات أويحيى الأخيرة أصبحت تهدد استمراره في منصبه على رأس الحكومة بعد الانتخابات المحلية المقررة في 23 نوفمبر القادم، إذ أنه فتح جبهات متعددة على نفسه. وتقول نفس المصادر إن أويحيى قد لا يكفيه الاستناد إلى رجال الأعمال لمواصلة مهمته في ظل عدم إجماع هرم السلطة على شخصه، خاصة بعد تحذيرات الاستخبارات من خطر خطاب الرجل على الاستقرار الاجتماعي ومبالغته في سياسة التخويف والإحباط. كاتب من الجزائر
مشاركة :