المهاهاة.. أرجوزة المرأة في بلاد الشام

  • 9/1/2014
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في كتابه «أرجوزة المرأة في بلاد الشام» الصادر حديثا، يقول الباحث التاريخي محمود مفلح، إن المهاهاة هي فن نسائي شائع جدا في دول بلاد الشام عموما وفي سوريا بشكل خاص، حيث تعرفه مدنها وقراها على حد سواء ولا يغيب عن أي مناسبة فيها، كونها أحد طقوس الزواج المميز في الشام. ويعرف الباحث المهاهاة بأنها رجز نسائي شعبي حماسي موزون مقفى يتألف من أربع شطرات غالبا ويبدأ دائما بلفظة «أيها» تقوله النساء ارتجالا دون مصاحبة الموسيقا، ويقال في مناسبات الأفراح غالبا والمواقف الحماسية عامة. ويضيف: تقول المرأة المهاهاة وهي واقفة غالبا وقد تقولها وهي ماشية مقبلة على بيت العروس أو العريس وفي مسيرها ماشية أثناء زفاف العرسان أو جنازات الشهداء، وقد تهاهي بعض النساء المسنات أحيانا وهن قاعدات أثناء حنة العروس أو حمامها أو صمدتها وقد تهاهي منكوبة تندب عزيزا فقدته. وعن كيفية أدائها يقول: يتم ترديدها بصوت مرتفع وأسلوب حماسي متدفق مع ترك فاصل زمني قصير بين البيت السابق والبيت اللاحق لترتاح المهاهية وتلتقط أنفاسها وليستوعب السامع ما قيل وليصل الصوت إلى أبعد مدى، إذ تضع المهاهية كفها اليمنى أو اليسرى مقوسة قليلا حول فمها وتقول اللفظة التنبيهية «أيها» أو ما يماثلها «أوها» تتبعها ببيت من المهاهاة. وما تكاد المهاهية تنهي البيت الأخير حتى تسارع مجموعة من النساء حولها بوضع أكفهن مقوسة حول أفواههن رافعات أصواتهن بالملالاة «ل ل ل لي» وكثيرا ما تتناوب على المهاهاة امرأتان أو ثلاث أحيانا. ويورد الباحث في كتابه الصادر عن مديرية التراث الشعبي بالهيئة السورية للكتاب والذي يحمل الرقم 52 ضمن مشروع جمع وحفظ التراث الشعبي، نماذج من المهاهاة التي وردت في بعض المؤلفات منها «التراث الشعبي في جيرود» مثل: أيها .. طولك طول السرو أيها .. والخصر مايل ميل أيها.. والخصر من رقتو أيها.. هد القوى والحيل وفي كتاب «الأصول والفنون» هذا المثال الذي يقال للعروس: أويها.. أهلا وسهلا يلي جاية لعنا أويها.. أنت أصيلة وبيدك زهرة الحنا أويها .. وسألت رب السما العريس يتهنا أويها.. تعيشي بسعادة وتمضي العمر عنا وتقصى الباحث البكر في دراسته تسميات المهاهاة المختلفة المتداولة في أنحاء بلاد الشام استنادا إلى وفرة النصوص المستمدة من المراجع والبحث الميداني وتطرق إلى عدة مواضيع تتعلق بالمهاهاة كالفرق بينها وبين الأغنية وموضوع الملالاة والزغروت والزغرودة والزلغوطة والأهزوجة والهنهونة، وصلة المهاهاة بالأرجوزة كما تطرق إلى بنية المهاهاة وبعض الأراجيز المؤسسة للمهاهاة وأوزانها وفنية نصوصها. وتبحث الدراسة في الجذور التاريخية للمهاهاة التي ترجع إلى الرجز القديم وبالأخص ما قالته النساء من أرجاز حماسية يوم ذي قار وهتفت به نساء قريش يوم «أحد». ولا تختلف أرجاز النساء في أيامنا عن تلك الأرجاز إلا في اللهجة. كما تبحث الدراسة في مواضيع المهاهاة التي تتراوح بين الأفراح والأتراح كوصف مفاتن العروس وحسنها العام وجمال وجهها وعيونها وكذلك مديح العريس والمقارنة بين العروس السمراء والعروس البيضاء إضافة إلى الأدعية المتعلقة بالحماية من العين والحسد والقدح في الأعداء والحاسدين وشكر الله والندب. واختتم البكر كتابه الذي يقع في 143 صفحة من القطع الوسط، بقوله إن المهاهاة تبقى أرجوزة المرأة الأولى في بلاد الشام لسرعة إيقاعها وسهولة قولها وشدة تأثيرها وتبقى الفن الأدبي الأعرق أصالة وقدرة على التجديد، وهذا ما يفسر تشابه كثير من نصوص المهاهاة في مختلف أنحاء دول المنطقة، فهناك نصوص كثيرة متماثلة حرفيا تقريبا نجدها تتردد في المحافظات السورية من الساحل إلى الداخل كما تتردد في أنحاء فلسطين ولبنان والأردن.

مشاركة :