يلعب الدم دوراً أساسياً في الجسم فهو ينقل الأكسجين عبر الأوعية الدموية، وتجلّط أو تخثر الدم ما هو إلا إحدى العمليات البيولوجية التي تحدث بالدم، حيث تتجمع خلايا الدم الحمراء وغيرها من الخلايا في مواقع الإصابات بالجسم مؤلفة كتلة جامدة من الليفين Fibrin (بروتين في الدم)؛ لتعمل على وقف تدفق الدم في الأوعية الدموية، غير أنها تكثر وتزداد في حالات النزيف وعند المصابين بأمراض القلب والشرايين، فيتخثر الدم بشكل أكبر من الطبيعي، ما يؤدي إلى حدوث التصلبات والانسدادات في الشرايين. من العوامل المؤدية إلى الجلطة الدموية: (السمنة الزائدة وهي السبب الرئيسي للجلطات لدى الشباب - التدخين - الحمل - أمراض القلب والرئتين - السرطان - التهاب المفاصل الروماتيزمي - العوامل الوراثية)، ويعتبر عدم الحركة من الأسباب الرئيسية للجلطات كذلك التقدم في العمر، فبداية من سن الستين يزيد احتمال الإصابة، وكذلك يزيد لدى الأشخاص الذين أُجريت لهم عمليات جراحية حديثاً ولدى الذين يرقدون لفترات طويلة في السرير، وفي فترات الحمل، أو بسبب تناول حبوب منع الحمل، خاصة التي تحتوي على هرمون دروسبيرينون Drospirnone مثل أقراص Yasmin وyaz؛ حيث تزداد احتمالية الجلطات بواقع الضعف أو الثلاثة أضعاف. وفي دراسة مثيرة نشرتها صحيفة (سيركيلايشن كارديو فيسكيلارجينيتيكس) ربطت بين طول القامة وخطر التعرض للجلطات الدموية، فكلما كان الإنسان أطول قامة زاد الخطر، وفي المقابل يتضاءل الخطر مع قصر القامة. من علامات وأعراض جلطات الدم تورم الساقين، حيث تبدو إحدى الساقين أكثر انتفاخاً من الساق الأخرى مع ألم في الساق عند المشي بسبب الضغط الذي يحدث على الجلطة، ما يدفع الشخص إلى التوقف لعدة مرات أثناء المشي. من الأعراض الأخرى، الإحساس بحرارة غير عادية في منطقة الجلطة، مع تغير لون الجلد ليصبح أحمر مزرقاً مع شعور بالحكة في المنطقة، فضلاً عن الضعف الجسدي والذهني، بالإضافة إلى الحمى وضيق في التنفس (قد يشير إلى وجود جلطة دموية في الرئتين) مع ألم حاد في الصدر وسعال قوي وتعرّق مفرط. لعدم معالجة جلطات الدم عواقب وخيمة حيث تنخلع الخثرات الدموية من جدران أوردة الساق ثم تنتقل عبر مجرى الدم صوب الرئتين وينتج عن ذلك انسداد الأوعية الدموية الرئوية مما ينجم عنه انقطاع الأكسجين عن الرئتين، وبالتالي تصبح الحياة في خطر. وحينما نتحدث عن الجلطات لا يفوتنا الدواء السحري للوقاية من الجلطات (الإسبرين) للأشخاص الأكثر عُرضة لأمراض القلب والسكتة الدماغية، وذلك بتناول قرص واحد 81 مليغراماً أو 100 مليغرام يومياً، وفي الوقت ذاته فهو يقي من سرطان القولون، بحسب بعض الدراسات، وكلمة إسبرين مشتقة من كلمة سبيرايا، وهي فصيلة من الشجيرات تحتوي على المصدر الطبيعي لهذا العقار، وهو حمض الصفصاف (حمض الساليسيليك)، وتتعدد المصادر النباتية لهذا الحمض، وعادة ما ترتفع نسبة إنتاج السالسيلات في الأجزاء المتضررة من النبات، بالمقارنة بالأجزاء السليمة كما لو كانت تداوي جروحها بنفسها. والجدير في هذا الأمر أيضاً أن هناك دراسات تشير إلى قدرة جسم الإنسان على تخليق الإسبرين بنفسه متى توافرت له المواد الأولية اللازمة لتصنيعه؛ حيث يصنع الجسم حامض الساليسيليك من حامض البنزويك النباتي الذي يحصل عليه الجسم من تناول الخضراوات والفواكه التي تتمتع بالقسط الوافر منه. ويعود الفضل للعالم الكيميائي الألماني (فليكس هوفمان) عام 1897 في تطوير الإسبرين إلى الصورة الكيميائية الحالية الأقل تسببا في الحموضة (استيل سالسيلات)، وهو يبحث عن علاج لوالده الذي كان يعاني من التهاب المفاصل. يمكن الوقاية من حدوث جلطات الدم من خلال إدخال بعض الأنماط الحياتية، ومنها الحرص على رفع الساقين أثناء الجلوس أو الاستلقاء، مما يساعد على تحسن تدفق الدم ومنع تجلط الدم، خاصة في الليل، كما يمكن رفع القدمين عن طريق وضع وسائد تحتهما. كذلك تجنب الجلوس لفترات طويلة كما في حالة السفر والتحرك كل ساعتين لمدة خمس دقائق، وكذلك المواظبة على تناول مضادات الجلطات وارتداء جوارب الضغط التي تساعد على التدفق المستمر للدم في العروق؛ لأنها تضغط بشكل بسيط على الساقين. أثبتت الكثير من الدراسات أن النظام الغذائي الذي يتبعه الإنسان يؤثر بشكل مباشر على عوامل تخثر الدم، كما أن هناك أطعمة يمكنها أن تحد من تكوين الجلطات، وفي الوقت نفسه يمكنها التقليل من معدل الكوليسترول فينصح بتناول الأطعمة مثل الزعتر والعسل والخل وعصير التفاح والبرتقال والكاري والبصل النيء أو المطبوخ (لاحتوائه على مركب الكيرستين المضاد للأكسدة) ومسحوق الثوم (لاحتوائه على مركب إجوئين الشبيه بالإسبرين فضلاً عن الأدينوزين المضاد للتخثر) والشاي الأخضر والأسود (لاحتوائه على مادة التانين المذيبة الجلطات) والسمك خاصة سمك السالمون (لغناه بالأحماض الدهنية أوميغا 3 الواقية من الجلطات؛ حيث تجعل الدم أكثر سيولة وتحول دون تكدس الصفائح الدموية) وعشبة الجنكة وكبش القرنفل (لاحتوائه على اليوجينول الذي يحافظ على بنية الصفائح الدموية بعد تكتلها) والزنجبيل (لاحتوائه على مادة جنجيرول التي تضاهي كيميائياً الإسبرين)، كما ينصح بالعنب الأحمر (لاحتوائه على مكونات تمنع تشكل الجلطات مثل البولي فينولات ورسفيراترول)، كما ينصح أيضاً بزيت الزيتون وهو بمثابة حصان طروادة للشرايين لغناه بالأحماض الدهنية وحيدة التشبع والتي تعمل على خفض مستوى الكوليسترول السيئ وعدم أكسدته. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :