لو أن أعضاء لجنة اختيار أفضل لاعب في العالم كانوا فعلاً ذوي نظرة ثاقبة باللعب وأصوله لما تعدت الجائزة حدود ملعبنا السياسي، هنا اللعب على أصوله وبصورة تجعل من رونالدو وميسي مجرد تلميذين في طابور ساستنا الكرام، فأي جنون قادته معايير اللجنة؟ وما مقياس اختيارها؟ لم يسعدني فوز اللاعب البرتغالي رونالدو بجائزة أفضل لاعب في العالم، ليس كرهاً بالريال ولا حبا بالبرشا، لا والله؛ فعلاقتي بكرة القدم مثل علاقة البغدادي بقانون الكراهية بالضبط، ولكن لاعتقادي أن لجنة الاختيار "ما عندهاش نظر" كما يقول أهل المحروسة!! فلو كانوا فعلاً ذوي نظرة ثاقبة باللعب وأصوله لما تعدت الجائزة حدود ملعبنا السياسي، هنا اللعب على أصوله وبصورة تجعل من رونالدو وميسي مجرد تلميذين في طابور ساستنا الكرام، فأي جنون قادته معايير لجنة اختيار أفضل لاعب في العالم؟ وما مقياس اختيارها؟ الأهداف، المهارات، اللعب النظيف! كل هذه المعايير يمكن لأي سياسي هنا أن يتلاعب من خلالها بشارب رونالدو إن رفعه ولحية ميسي إن طمنها وسكسوكة نيمار فوق البيعة بتهويشة لا أكثر. هل رونالدو مثلا سجل أهدافا رائعة تجلب الذهول كما سجل سياسونا خلال تاريخهم المديد؟ خذ عندك هدف دغدغة المشاعر كمثال سُجل من زاوية صعبة، قلما يستطيع أي لاعب التسجيل من منظورها، زاوية تقف أمامها تنمية فنكوشية ومشاكل تعليم وصحة وتخطيط وتنطيط وتمطيط يعلوها الصدأ، ووعود غير محققة، وإنجازات نسمع عنها ولا نراها، ولكن السياسي برغم هذا سجل هدفه كما يريد كل مرة، وحُمل على الأكتاف، واحتفل وتلقى التهاني وحاز الأصوات ولا تسألوني كيف؟ "أهو سجّل والسلام" ولا عزاء للرونالديين والميسويين. ماذا أيضا يا "بتوع المعايير"؟ المهارات، وهل تجاوز كل دفاعات الترتيب بجداول التنمية في العالم، والإسكان والغلاء و"هرنات" السيارات بالزحمة، وآلاف الطلبة الذين ينطقون الضاد ظاء، ويصلون ما قطع من الهمزات، ومئات المرضى الذين يكابدون لوعة المواعيد والأسرّة أمر سهل؟ الأمر لا شك يحتاج إلى مهارات خارقة ومراوغة أسطورية قل نظيرها لتخطي كل هذا، والوصول إلى منطقة جزاء الزعامة، والمناصب والنفوذ وخلافه، وهذا ما برع فيه أهل السياسة وبصورة يحسدون عليها. وماذا يكون "اللي بعده" يا معايير اللعب؟ اللعب النظيف، تعالوا هنا وسترون كيف يخوض الساسة في مستنقعات الفشل بأنواعها، ويخرجون منها بالوجه الأبيض الذي لا يخالطه الدنس، القانون الذي ساهموا في إصداره منذ سنوات هم من يتباكون عليه اليوم، والفشل الذي أرسوا أركانه مع كل فصل تشريعي هم يقودون كتائب إصلاحه الآن، وأنت تقرأ هذا المقال والحلم التنموي الذي تحول بفضلهم إلى كابوس، ومع سبق الإضرار والتلصص، اليوم هو اليوم دعاة منابر عودة "صاروخ" حلمنا إلى قواعده سالما معافى، فأي لعب نظيف أكبر من هذا؟ فلتتكرم لجنة اختيار أفضل لاعب في العالم، ولتزر بلادنا، وسترى أنها ظلمت حظها يوم اختارت رونالدو وغيره، "رونالدو مين يا عم الحاج؟!"، وعد سنريكم هنا اللعب بالبيضة والحجر وأحلام البسطاء على أصوله وعلى قاعدة: "اللعب يلعب بأهله... المليون والثلاثمئة ألف نسمة"!
مشاركة :